العدل الدولية تعقد جلسات استماع تاريخية بشأن شرعية الاحتلال الإسرائيل للأراضي الفلسطينية
تعقد محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، جلسات استماع تاريخية، غدا الإثنين، بخصوص التداعيات القانونية المترتبة على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وستشارك مصر في الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية، حول السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، فيما تستعد 52 دولة لتقديم أسانيدها أمام محكمة العدل الدولية.
وقال رئيس الهيئة العامة المصرية للاستعلامات ضياء رشوان أن مصر قدمت مذكرة للمحكمة، وستقدم مرافعة شفهية أمامها في الحادي والعشرين من الشهر الجاري.
وأوضح رشوان، أن المذكرة المصرية تشمل تأكيد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاماً بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وكذلك سياسات ضم الأراضي، وهدم المنازل، وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، بالمخالفة للقواعد الآمرة للقانون الدولي العام، ومنها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وحظر الاستيلاء على الأراضي من خلال استعمال القوة المسلحة.
كما تتضمن المذكرة المصرية، رفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري وغيرها من الممارسات الإسرائيلية، التي تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
مسؤولية إسرائيل عن الأفعال غير المشروعة
ووفق رشوان، تطالب المذكرة والمرافعة المصرية قضاة المحكمة بتأكيد مسؤولية إسرائيل عن كافة تلك الأفعال غير المشروعة دولياً، بما يحتم انسحاب إسرائيل بشكل فوري من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك مدينة القدس المحتلة، وتعويض الشعب الفلسطيني عن الأضرار التي لحقت به نتيجة لتلك السياسات والممارسات غير المشروعة دولياً، فضلاً عن مطالبة كافة دول العالم والمجتمع الدولي بعدم الاعتراف بأي أثر قانوني للإجراءات الإسرائيلية والكف عن توفير الدعم لإسرائيل، واضطلاع المنظمات الدولية والأمم المتحدة بمسؤولياتها في هذا الصدد.
جلسات منفصلة عن قضية أخرى رفعتها جنوب إفريقيا
وفي ديسمبر 2022، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار “رأي استشاري” غير ملزم بشأن “العواقب القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية”.
وفي حين أنّ رأي المحكمة لن يكون ملزماً، إلّا أنّه يأتي وسط ضغوط قانونية دولية متزايدة على إسرائيل بشأن الحرب في غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر.
وهذه الجلسات منفصلة عن قضية أخرى رفعتها جنوب إفريقيا، تقول فيها إنّ إسرائيل ترتكب أعمال إبادة جماعية خلال الهجوم الحالي على غزة.
وقضت محكمة العدل الدولية في هذه القضية في يناير بأنّ على إسرائيل أن تفعل كلّ ما في وسعها لمنع الإبادة الجماعية، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنّها لم تصل إلى حدّ الأمر بوقف إطلاق النار.
ورفضت المحكمة، الجمعة، طلب جنوب إفريقيا فرض إجراءات إضافية على إسرائيل، لكنّها كرّرت التأكيد على ضرورة تنفيذ الحكم بالكامل.
الاحتلال والاستيطان
وطلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية النظر في مسألتين: الأولى، سيكون على المحكمة النظر في العواقب القانونية لـ”الانتهاك المستمر من جانب إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”.
ويتعلّق ذلك بـ”الاحتلال المستمر والاستيطان وضمّ الأراضي الفلسطينية المحتلّة منذ العام 1967… وبالتدابير الرامية إلى تغيير التركيبة الديموغرافية وطابع ووضع مدينة القدس”.
وفي يونيو 1967، احتلت إسرائيل الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، ومرتفعات الجولان، وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء.
ثم بدأت إسرائيل في استيطان 70 ألف لاكيلومتر مربع من الأراضي التي احتلتها. وأعلنت الأمم المتحدة في وقت لاحق أنّ احتلال الأراضي الفلسطينية غير قانوني.
وبعد أعوام من حرب أكتوبر 1973، التي استعادت فيها مصر شبه جزيرة سيناء، أبرم الجانبان “اتفاق السلام” في عام 1979.
كذلك، طُلب من محكمة العدل الدولية النظر في تبعات ما وصفته بـ”تبنّي إسرائيل للتشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة”.
وفي المسألة الثانية، سيكون على محكمة العدل الدولية أن تقدّم “رأياً استشارياً” بشأن كيفية تأثير تصرّفات إسرائيل “على الوضع القانوني للاحتلال” وما هي العواقب بالنسبة إلى الأمم المتحدة والدول الأخرى.
وستُصدر المحكمة حكماً “عاجلاً” في القضية، ربما بحلول نهاية العام.
آراء استشارية سابقة
وتبتّ محكمة العدل الدولية في النزاعات بين الدول، وتعدّ أحكامها ملزمة رغم أنها لا تملك سوى القليل من الوسائل لتنفيذها.
ولكن في هذه القضية، لن يكون الرأي الذي تصدره ملزماً.
وفي هذا الإطار، تقول المحكمة: “يبقى الجهاز أو الوكالة أو المنظمة (التي لجأت إليها) حرّة في تنفيذ الرأي بأي وسيلة متاحة لديها، أو القيام بذلك”. ولكن غالبية الآراء الصادرة عنها غالباً ما يُبنى عليها.
وكانت محكمة العدل الدولية أصدرت في السابق آراء استشارية بشأن شرعية إعلان استقلال كوسوفو عن صربيا وغيرها من القضايا.
كذلك، أصدرت “رأياً استشارياً” في العام 2004 أعلنت فيه أنّ أجزاء من الجدار الذي أقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانونية ويجب هدمها.
ولن تشارك إسرائيل في جلسات الاستماع، كما ردّت بغضب على طلب الأمم المتحدة عام 2022، ووصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه “مهين” و”مشين”.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه على الرغم من أنّ هذه القرارات غير ملزمة، إلا أنها “يمكن أن تحمل سلطة أخلاقية وقانونية كبيرة” ويمكن إدراجها في القانون الدولي في نهاية المطاف.
وأوضح كلايف بالدوين كبير المستشارين القانونيين في هيومن رايتس ووتش، أن جلسات الاستماع يجب أن “تسلّط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد”.