الغنوشي يضع تنظيم الإخونجية على مسار السقوط النهائي
عملية القبض على رئيس حركة النهضة الإخونجية راشد الغنوشي بعد تحريضه على الحرب الإهلية في تونس، وضعت الغنوشي وحركته على طريق إخونجية مصر، والذين لفظتهم ثورة شعبية اقتلعت من جذورهم في 2013، فيما زجت بهم جرائمهم في غياهب السجون.
فبدءًا من مصر ومرورًا بالمغرب وانتهاء بتونس، التي شهدت أول تغيير في المنطقة على خلفية ما سُمي بالربيع العربي في العام 2011، منيت تجارب تنظيم الإخونجية بخسائر فادحة.
ورغم أن راشد الغنوشي، أحد قادة التنظيم الدولي، لكنه كان محسوبًا على المنظومة الفكرية للتنظيم فهو أحد منظريها، وقدم العديد من الاجتهادات الفكرية.
أخذ الغنوشي من التنظيم ما أخذ وترك ما ترك، ولعله صاحب فكرة الفصل بين الدعوي والسياسي داخل التنظيم والتي رفضها إخونجية مصر، ورشقوا صاحبها بصفات عدم الفهم قائلين: إن اجتهاده يُخالف حقيقة الدين، كما يُخالف عرف التنظيم والمبادئ التي أرساها المؤسس الأول حسن البنا، إلا أن مصيره لم يختلف كثيرًا عن مصيرهم، خاصة وأن الشعب التونسي، سرعان ما أدرك حقيقة التنظيم وما كان يرمي إليه من أهداف خبيثة.
سقوط تنظيرات “الغنوشي”
وسرعان ما سقطت تنظيرات “الغنوشي” التي حملت طابع الشعارات، أمام وعي الشعب التونسي؛ فرغم ادعائه بأنه يقبل الأفكار والتيارات الفكرية المختلفة عنه، إلا أن الواقع كشف خلاف ذلك، فوجوده في السلطة وحركته التي طالما تغنت بالمبادئ الوطنية، ساهما في كشف أجندة التنظيم.
فالرجل الذي زار مكتب إرشاد الإخونجية في العام 2012 طالبًا من مرشد التنظيم آنذاك محمد بديع، عدم منافسة التنظيم على مقعد الرئاسة والمفاضلة في دعم أحد المرشحين، عبد المنعم أبو الفتوح أو حمدين صباحي، هو ذلك الذي رشح أحد قادة التنظيم على نفس المقعد، بل وذهب للاستئثار بكافة المقاعد في كافة المجالس، وبات شعاره “المغالبة لا المشاركة”.
سقوط إخونجية تونس
سقوط إخونجية تونس كشف عن تراجع التنظيم الدولي، كون حركة النهضة تعد أحد أضلاع هذا التنظيم، بحكم أن زعيمها أحد أهم قادة الجماعة الإرهابية.
واستمد الغنوشي قوته داخل التنظيم الدولي بحكم وجودة في العاصمة البريطانية لندن، مدة تزيد عن عشرين عامًا، فقد كان ملازمًا لأمينه العام الراحل إبراهيم منير، فضلًا عن وجوده في تونس التي حظرت التنظيم على أراضيها.
وشارك الغنوشي، التنظيم الدولي الأفكار والفعاليات؛ فقد كان أحد أهم الملهمين للأفكار، كما كان يصيغها في رسائل لبقية أفرع التنظيم في الأقطار الأخرى، ومن هنا بدت أهمية الأفكار التي صاغها بل وأهمية الغنوشي بالنسبة للتنظيم.
ويعد راشد الغنوشي أحد أهم الفاعلين داخل التنظيم الإرهابي، وربما المرجعية الفكرية له؛ فقد كان حريصًا على حضور اجتماعات التنظيم الدولي في كل الأقطار، ما يكشف عن أن سقوطه ليس مجرد تراجع للتنظيم إقليميًا، بل دوليا -كذلك-.
ذلك التراجع الذي خسر فيه التنظيم جهود الغنوشي، يأتي بعد أشهر من وفاة أمينه العام إبراهيم منير، مما سينعكس على طبيعة عمل التنظيم الدولي، الذي بات بلا قيادات فاعلة أو أنشطة ذات تأثير.
صدمة للتنظيم الدولي
راشد الغنوشي، كان الأقرب لجبهة لندن الإخونجية، والمعروفة بجبهة إبراهيم منير، إلا أنه رفض أن يكون جزءًا من الخلاف بين جبهتي التنظيم (لندن وإسطنبول).
إن غياب الغنوشي سيؤثر بشكل كبير على جبهة صلاح عبد الحق لكنه لن ينعكس على الجبهة المناوئة، فلن تزداد جبهة محمود حسين قوة بغيابه ولن يُعزز من وجودها، خاصة وأن هذه الجبهة لا تمتلك أي مصادر للقوة بخلاف التنظيم الدولي، الذي كان يشغل منير فيه منصب الأمين العام.
وسيمثل غياب الغنوشي صدمة للتنظيم الدولي، وبداية انهيار له؛ فقد تخطى تأثير غياب رئيس حركة النهضة على التنظيم في تونس إلى التنظيم الدولي، الذي كان الرجل يعتبر العقل المفكر له.
وبموت الرجل الأول في التنظيم الدولي (إبراهيم منير) قبل أشهر، وسجن عفله المفكر ومنظره الأول (الغنوشي) قبل أيام، أصبح “الإخوان” في أضعف حالاته؛ فهل سيصمد؟