“الكماليون” والإرهاب الجديد للإخوان
منير أديب
علاقة جماعة الإخوان الإرهابية بالعنف متجذرة، سواء على مستوى ممارسات التنظيم حاليا، أو تاريخيا منذ المؤسس الأول، حسن البنا.
لذا فإن النظام الخاص أو الجناح المسلح لتنظيم الإخوان، وحتى المليشيات المسلحة التي أنشأها التنظيم في مصر عام 2013، انعكاس لهذه العلاقة بين التنظيم والعنف.
أمام هذه الحقيقة، لم يكن مفاجئًا ظهور ما يُسمى “تيار التغيير” داخل الجماعة الإرهابية، أو من يُعرفون بـ”الكماليين” على الساحة بعد اختفائهم لفترة، إذ تعاملوا بشكل تكتيكي مع الحصار الأمني، بعد نجاح أجهزة الأمن في تفكيك كثير من خلايا هذه المليشيات الإخوانية.
عودة “الكماليين”، نسبة إلى القيادي الإخواني الإرهابي محمد كمال، الذي كان مسؤولا عن العمليات المسلحة للتنظيم، دليل على أن الإخوان لم يتخلّوا عن العنف في أي مرحلة من تاريخهم، كما أن هذه العودة تعني بداية موجة جديدة من إرهاب الإخوان، وهو ما يؤكد زيف الشعارات التي كان يُصدرها القائم بعمل مرشد الإخوان، إبراهيم منير، من ادعاء بأن الجماعة “لا تمارس العنف وإنما تمثل وسطية الدين”!
المؤتمر الذي عقده المكتب العام للإخوان منتصف أكتوبر الجاري يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك عدم تخلي الإخوان عن منطق وفكر الإرهاب والعنف، حيث بات جزءًا أساسيًا في قاموس التنظيم ولا يمكن الاستغناء عنه، كما أن هذه الجبهة الجديدة، تيار التغيير، هي الأكثر راديكالية بين الجبهتين الأخريين المتصارعتين، “جبهة منير” و”جبهة حسين”.
“الكماليون” كانوا ولا يزالون في مقدمة التنظيم القبيح، يستخدمهم الإخوان دائمًا في صراعاتهم، ويراوغون بهم، في محاولة مكشوفة من الإخوان لإخفاء علاقتهم بالعنف، كما يحاولون التواري خلف دعوات “السلمية المبدعة” و”المنعة”، وهي مصطلحات أصّلت من خلالها الجماعة للعنف، فالمصطلح الأول في موجة عنف الجماعة بعد عام 2013، والثانية استخدمتها في وثيقتها الأخيرة التي شرعنت فيها للعنف في عام 2022.
تتحارب جبهات الإخوان فيما بينها قبل أن تحارب الشعوب، ما دفع “الكماليين” إلى توصيف أنفسهم في وثيقة العنف على أنهم “جزء من الإخوان وليسوا التنظيم”، أي إنهم يعتبرون أنفسهم بمثابة ذراع مسلحة للتنظيم.
ويضم المكتب العام للإخوان قطاعا كبيرا من الشباب، كما فتح بابه لكل من يؤمن بالعنف من خارج التنظيم، فأعلى من مقولات حسن البنا وسيد قطب، التي شرعنت الإرهاب، جاعلين في الخلفية صورة محمد كمال، مؤسس اللجان النوعية في التنظيم، والتي ظهرت بعد عام 2013.
كل جبهة من جبهات الإخوان تدعي ألا علاقة لها بالمكتب العام للجماعة، بينما “تيار التغيير” هذا يدّعي أنه جزء منه كما جاء في وثيقته مؤخرا، وأن ممارساته سوف تصب فيما يحققونه من “نجاح”، وهذا دليل جديد على ترسيخ مبدأ المراوغة الإخواني.. يؤكد ذلك استخدام الإخوان في الجبهتين المتنازعتين لـ”الكماليون” كذراع مسلحة، ويبدو للنّاس أنهم جبهات مختلفة، وهذا قد يكون صحيحًا، لكنهم في النهاية يعملون تحت تنظيم واحد.. فالجبهتان المتصارعتان في الإخوان لها تعامل مع تيار “الكماليين”، فيما تتبرأ كل منهما منه إذا لزم الأمر، كالحيلة التي استخدمها حسن البنا، مؤسس تنظيم الإخوان، قبل أكثر من 70 عامًا، حين اغتال الإخوان رئيس وزراء مصر، إذ خرج ببيان يدين الفاعلين بقوله “ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين”، وذلك فقط عندما علم بنيّة الملك فاروق حل التنظيم الإرهابي.
الشيء نفسه يحدث الآن، “الكماليون الجدد” هم امتداد للنظام الخاص الذي أنشأه “البنا” قديمًا، وقد استخدمه في ممارسة العنف وتبرأ منه عندما اشتد الهجوم عليه وعلى تنظيمه.
إن رؤية “الكماليين” تنحصر في أن “كل الخيارات مطروحة” للتعامل مع خصومهم، ويعتقدون أنهم قادرون على حسم خلافاتهم مع الشعب والسلطة بالعنف، لذا أسموا المليشيا التي أنشؤوها في مصر “سواعد مصر.. حسم”.
رهان تخلي الإخوان عن العنف يُعبر عن فقر حقيقي بمعرفة التنظيم، لذا وجب الانتباه إلى التحولات التي يمر بها تنظيم الإخوان الإرهابي وإدراك حقيقة هذه التحولات وإمكانية التعامل معها حتى لا نتفاجأ بعودته الخبيثة.