النظام التركي يعزز إجراءات “تتريك” الشمال السوري
ويعمل على تحويله إلى ولاية تركية
أثار قيام النظام التركي بمحاولات تتريك المناطق الخاضعة لسيطرته في الشمال السوري، وقيامه باستبدال الهويات السورية بأخرى تركية الكثير من التساؤلات حول المغزى من هذا التحرك وتوقيتاته وتداعياته مستقبلاً على المنطقة التي لاتزال مرتعاً لأنشطة المنظمات متطرفة ومصنفة إرهابية ومعظمها موالية لأنقرة.
وعلى الرغم من أن هذا الإجراء مخالف للقانون الدولي وللمواثيق والأعراف الدولية وانتهاكا صارخا لدولة ذات سيادة حتى وإن كان النظام السوري الحالي لا يسيطر على كافة المناطق ولا تعترف به معظم دول العالم، فإن تركيا لم تتردد في تجاهل كل تلك المواثيق.
كيان تركي مواز للدولة السورية
ويرى محللون أن الخطوة التي أقدمت عليها تركيا تنطوي على محاولة لترسيخ وجودها العسكري وعلى تشكيل كيان تركي مواز للدولة السورية في شمالها وكأنها تعمل على تحويل هذا الجزء من سوريا إلى ولاية تركية بطمس هويته العربية السورية في استنساخ لسياسات الإمبراطورية العثمانية.
ونقلت قناة ‘روسيا اليوم’ عن رئيس لجنة العلاقات العربية والخارجية في مجلس الشعب السوري بطرس مرجانة قوله إن استبدال أنقرة للهويات الوطنية السورية بأخرى تركية محاولة “استكمال للاحتلال العسكري باحتلال مدني سافر وذلك بإكراه المواطنين السوريين على اقتلاع انتمائهم الوطني ونزع هويتهم المدنية وإجبارهم على استبدالها بهويات تركية”.
ويعتقد أن تركيا تريد من خلال هذا الإجراء التحضير لمرحلة قادمة، فوجودها العسكري في شمال سوريا طال أو قصر، لن يستمر للأبد في الوقت الذي تؤكد فيه العديد من دول العالم أنه احتلال مقنع بذريعة مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي.
ودخلت أنقرة في خلافات عميقة مع دول أوروبية حليفة ومع الولايات المتحدة بسبب وجودها العسكري في شمال سوريا وبسبب ممارساتها التي تعتبر انتهاكا للقانون الدولي.
وتواجه ضغوطا شديدة منذ فترة خاصة من قبل الولايات المتحدة التي تدعم مكونا سوريا محليا تمثله قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المسلحون الأكراد عمودها الفقري.
كما أن روسيا حليفة الرئيس السوري بشار الأسد والقوة العالمية التي قلبت موازين القوى لصالحه والتي ترتبط مع تركيا بشراكات واسعة، لن تسمح لأنقرة بالاستمرار في السيطرة على جزء هام واستراتيجي من سوريا وهو جزء يدخل ضمن طموح موسكو في التمدد بالمنطقة.
وفي نهاية المطاف قد تجد أنقرة نفسها مجبرة على التوصل لتفاهمات مع الشريك الروسي حول وجودها في شمال سوريا حفاظا على مصالحها بينما تواجه ضغوطا غربية على اكثر من جبهة.
وفي المقابل يرى المحلل الاستراتيجي كمال الجفا أن “إصدار تركيا بطاقات شخصية ليس جديدا، فهو عمل مستدام بدأته أنقرة منذ 2018، لكن ضمن شروط تركية وعملية انتقائية وليس ضمن عمل عام أو إجراء يشمل الجميع”.
الفوضى العارمة
وأوضح الجفا، أن المناطق التي تديرها ما يسمى بحكومة الإنقاذ وهي سلطة تابعة لهيئة تحرير الشام التي كانت تسمى جبهة النصرة سابقا، “لا تطبق فيها القرارات التركية”.
وأشار أيضا إلى حالة من “الفوضى العارمة في مناطق الاحتلال التركي”، بسبب وجود عشرات الفصائل ذات الولاءات المتباينة، مضيفا أن ما تسرب من معلومات يشير إلى أنه قد يتاح لمحمد الجولاني قائد هيئة تحرير الشام “بالتمدد لفرض الأمن في تلك المناطق”.
وكانت الخارجية السورية قد نددت بشدة بالإجراء التركي وقالت إن “تركيا طلبت من قواتها التي تعمل مع المجموعات الإرهابية سحب البطاقة الشخصية والعائلية السورية واستبدالها ببطاقات تركية” معتبرة أن تلك الخطوة “تمثل ذروة سياسة التتريك” التي ينتهجها النظام التركي.