النظام التركي يفشل في حل الأزمة المستعصية لعملته الوطنية
تشهدت الليرة التركية سلسلة انهيارات متتابعة خلال العامين الماضيين وحالة من عدم الاستقرار في الربع الأول من العام الحالي، في ظل فشل النظام التركي في حل لهذه الأزمة المستعصية للعملة الوطنية التي تنتج اقتصاد على حافة الانهيار وتزيد من مخاوف المستثمرين.
وجرب البنك المركزي أكثر من خيار لكبح انحدار الليرة لكن دون جدوى في ظل تمسك الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بسياسة خفض سعر الفائدة معتبرا أن سعرا مرتفعا للفائدة هو سبب كل الشرور الاقتصادية، لكن تلك السياسة دفعت أكثر الليرة إلى هوة سحيقة وأدخلت البلاد في حالة اضطراب مالي بينما قفز معدل التضخم إلى مستويات قياسية.
وأعلن البنك المركزي التركي أمس الجمعة إلزام الشركات والمصدرين في تركيا بتحويل 40 بالمئة من إيراداتهم بالعملات الأجنبية إلى الليرة التركية وليس 25 بالمئة من الإيرادات كما هو معمول به الآن، ذلك بعد أن قدمت الحكومة حوافز كثيرة لإغراء الشركات بضخ الإيرادات الدولارية بالليرة.
وأشارت وكالة بلومبرغ للأنباء، إلى أنه سيبدأ العمل بالنسبة الجديدة اعتبارا من الاثنين المقبل وهو ما يلقي بظلال من عدم الثقة في السوق التركية، فالشركات والمصدرين يحجمون عن تحويل إيراداتهم الدولارية أو بالعملات الأجنبية الأخرى، إلى الليرة مخافة ما سيلحق بهم من أضرار مالية بالنظر إلى أن التحويل إلى العملة الوطنية لم تعد ملاذا آمنا وقد يتكبدون خسائر كبيرة.
وكانت تركيا قد ألزمت في يناير الماضي المصدرين بتحويل 25 بالمئة من إيراداتهم بالعملة الصعبة إلى الليرة، في إطار الإجراءات الرامية إلى دعم العملة التركية التي تواجه ضغوطا قوية دفعتها إلى التراجع لمستويات قياسية.
مشروع قانون
ويأتي ذلك فيما قدمت مجموعة من نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مشروع قانون إلى البرلمان لتقديم حوافز ضريبية للشركات التي تحول إيراداتها من الدولار إلى الليرة التركية.
وسيتم تطبيق هذه الحوافز مع الشركات التي تظهر نتائجها المالية في نهاية العام أنها حولت خلال الربع الأول من العام حصيلتها من الدولار إلى الليرة وتضع الحصيلة بالليرة في البنوك لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.
وبحسب مشروع القانون سيتم إعفاء الفوائد وأرباح الأسهم وغيرها من أشكال الدخل الناجمة عن هذه التحويلات من ضريبة الشركات.
وفي الوقت نفسه سيمنح القانون لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان إمكانية تمديد العمل به في الربعين الثاني والثالث من العام المالي.
ولم تتضح مواقف الشركات والمصدرين بعد لكن ثمة شكوك كبيرة في هذه الإجراءات التي قد تقدم نوعا من الدعم لليرة المضطربة لكنها في نفس الوقت قد تتسبب في أضرار للمودعين بالعملة الوطنية مع كل هزة قد تضرب الليرة.
والليرة التركية ليست بمنأى من الهزات والانهيارات ولم تغادر مربع الاضطراب بسبب تدخل أردوغان في السياسة النقدية وبسبب خضوع البنك المركزي لإملاءاته على خلاف القواعد الاقتصادية التي تطبقها البنوك المركزية في العالم في مواجهة تراجع العملات الوطنية.