اليمن: المجلس الانتقالي يحمل الإخونجية مسؤولية عرقلة تنفيذ اتفاق الرياض
حمّل المجلس الانتقالي الجنوبي في بيان صدر عنه الثلاثاء، التيار الموالي للإخونجية النافذ في الحكومة اليمنية مسؤولية عرقلة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض الموقع بين الجانبين برعاية سعودية في نوفمبر 2019.
وقالت مصادر سياسية يمنية مطلعة، إن البيان التصعيدي الذي أصدره المجلس الانتقالي الجنوبي جاء ردا على عودة الحوادث الأمنية إلى العاصمة المؤقتة عدن، والمؤشرات المتزايدة على رغبة إخونجية اليمن في نقل التوتر إلى المناطق التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي بالتوازي مع تسليم عدد من مديريات محافظة شبوة للحوثيين دون قتال.
وربطت المصادر بين البيان والأنباء التي نشرتها بعض وسائل الإعلام اليمنية حول سحب السعودية -التي تقود التحالف العربي- قوات من عدن، بعد انسحاب قوات التحالف من معسكر العلم ومطار عتق بمحافظة شبوة، في مؤشر على تحولات قادمة في الملف اليمني.
إضعاف دور حكومة التوافق
وطالب المجلس الانتقالي الجنوبي، الثلاثاء، في بيان صادر عن الاجتماع الاستثنائي لهيئة رئاسته، وبمشاركة وزراء المجلس في حكومة المناصفة ومحافظ عدن، بالإسراع في استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، مؤكدا على مواصلة من وصفه بالطرف الثاني تعطيل استكمال تنفيذ الاتفاق والعمل “على إضعاف دور حكومة التوافق”.
وحمّله “مسؤولية التدهور المتسارع في الأوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية على نحو كارثي يهدد حياة مواطنينا ويؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتنامي نشاط الجماعات الإرهابية الذي تجلى في عودة الاغتيالات والتفجيرات في محافظات الجنوب”.
واتهم البيان “الشرعية” اليمنية بالرد على جاهزية المجلس لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض بالمزيد من التعنت “الذي تجلى في انحراف بوصلة الحرب باتجاه اختلاق معارك جانبية من قبل أطراف داخل الشرعية على رأسها تنظيم الإخونجية التي تمضي في تسليم المناطق للميليشيات الحوثية، فضلا عن استمرار الطرف الآخر بإصدار قرارات أحادية غير توافقية خلافا لما ينص عليه الاتفاق”.
قرارات تصعيدية
وفي إشارة إلى توجه المجلس نحو اتخاذ قرارات تصعيدية، في حال لم تسارع قيادة الشرعية إلى إعادة التوازن لمؤسساتها وتحريرها من هيمنة الإخونجية، قال البيان إن صبر المجلس “قد بلغ مداه ولن يطول أكثر ما لم تتخذ إجراءات وتدابير عاجلة ومزمنة لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وفي مقدمة ذلك تعيين محافظين ومدراء أمن لمحافظات الجنوب، وتشكيل الوفد التفاوضي المشترك، والتوافق على إدارة جديدة للبنك المركزي وإيداع إيرادات النفط والغاز والضرائب والجمارك وغيرها في البنك المركزي بالعاصمة عدن، وإعادة تشكيل وتفعيل الهيئات الاقتصادية والرقابية، وهيكلة وزارتي الدفاع والداخلية ونقل القوات إلى جبهات التصدي للميليشيات الحوثية”.
وقال منصور صالح، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي، إن بيان المجلس “يعبر عن خيبة أمل من استمرار الطرف الآخر في حربه ضد الجنوب وتنصله من التزاماته في ما يتعلق باتفاق الرياض”.
وأضاف “لذلك قال المجلس إنه لن يقبل أن تكون مشاركته في الحكومة والتزامه بالاتفاق سيفا مسلطا على شعبنا بهدف تجويعه وتركيعه، وإنه سيكون مضطرا إلى اتخاذ موقف بشأن استمرار مشاركته في الحكومة من عدمه”.
وترافقت المؤشرات على عودة التصعيد السياسي والإعلامي بين الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية مع حراك دبلوماسي نشط تقوده الولايات المتحدة والأمم المتحدة لإحياء جهود السلام في اليمن والضغط على جميع الأطراف، وخصوصا الحوثيين، لوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المشاورات حول بنود المبادرة الأممية.
وفي رد على بيان الانتقالي نقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عمّن أسمته “مصدرا حكوميّا مسؤولا” أسفه على ما ورد فيه من مضامين قال إنها “لا تعبر عن روح التوافق الناظمة لاتفاق الرياض ولا عن مقتضيات الشراكة والانسجام التي هي جوهر تكوين الحكومة”.
وعبر المصدر عن “استغرابه من صدور هذا البيان بلا مبررات مفهومة أو دواع واضحة وفي لحظة تستعيد فيها الحكومة حضورها ودورها في العاصمة المؤقتة عدن متحملةً المسؤولية في منعطف حرج وخطير”.
عودة إلى التوتر السياسي
ويتوقع مراقبون أن تشهد الفترة القليلة المقبلة عودة إلى التوتر السياسي، وربما العسكري، على خلفية الحراك الدولي والتغيرات في موازين القوى العسكرية على الأرض ورغبة الأطراف في تحسين موقعها التفاوضي والعسكري على الأرض وملء الفراغ الذي قد يخلفه انسحاب التحالف العربي جزئيا أو كليا من المشهد اليمني.
ووصف الناشط السياسي اليمني صلاح السقلدي بيان المجلس الانتقالي بأنه “البيان الأكثر حِــدة الذي يصدر عن المجلس تجاه الشرعية خلال الأشهر الأخيرة، بعد أن بلغت الأوضاع المعيشية والخدمية في عدن مبلغا سيئا للغاية لا يمكن السكوت عنه، فضلا عما يعتبره المجلس مماطلة وتسويفا متعمدا من الشرعية تجاه تنفيذ بنود اتفاق الرياض، وبالذات ما يتعلق بالشق السياسي والاقتصادي”.
ولفت السقلدي إلى أن البيان “يأتي في غمرة حراك دبلوماسي دولي وإقليمي مكثف، وزيارات متتالية من ممثلي عدة جهات إلى عدن، وهي الزيارات التي اعتبرها الانتقالي نصرا سياسيا وأمنيا له بعد الهجمة التي طالته في الأسابيع الماضية”.
وأوضح السقلدي أن البيان يأتي كذلك “في ظل تصدعات تبدو واضحة داخل معسكر الشرعية، وبالذات داخل الحكومة، وانكسارات عسكرية ضمن قواتها في مأرب وشبوة”.
وتابع “وما هو لافت أن هذا البيان وهذه الدعوة الانتقالية للمملكة أتيا في اليوم الذي سحبت فيه الرياض جزءا كبيرا من قواتها وجنودها من عدن، في خطوة أثارت حالة من الإرباك بعد أيام من انسحابات عسكرية مماثلة للسعودية والإمارات من شبوة”.
الخلاف مع الحكومة الشرعية
ومن جهته اعتبر فضل الربيعي، رئيس مركز مدار للدراسات والبحوث، أن بيان الانتقالي مؤشر واضح على عودة الخلاف مع الحكومة الشرعية أو بالأصح مع الجناح المسيطر على الحكومة الشرعية الممثل بالإخونجية، لافتا إلى أن الانتقالي كان واضحا ودقيقا في ضرورة تصحيح مسار العلاقة بينه وبين الحكومة الشرعية من خلال الالتزام التام والكامل بتنفيذ بنود اتفاق الرياض.
وأضاف الربيعي، “بدون تنفيذ هذا الاتفاق ستزيد الأمور تعقيدا داخل الساحة الجنوبية، ولذلك أراد الانتقالي من هذا البيان التمهيد لمواقف ربما ستكون أكبر، خصوصا بعد أن لمس وجود تواطؤ من قبل الشرعية الممثلة بجناح الإخوان عندما سهلوا عملية دخول الحوثي إلى بعض مناطق محافظة شبوة”.