انشقاقات جديدة تضرب إخونجية تونس بسبب راشد الغنوشي
قيادات من "النهضة" تعتبر الغنوشي مسؤولاً عن حالة الفشل والانهيار الشعبي
شهدت حركة النهضة الإخونجية تونس انشقاقات جديدة، بعد إعلان عشرات الأعضاء تعليق عضوياتهم في الحزب اعتراضاً على استمرار راشد الغنوشي بمنصبه رئيساً للحركة، بحسب ما أفادت وسائل إعلام تونسية.
وأفاد مصدر تونسي مطلع، صباح الاثنين، أن ما يزيد عن 15 قيادياً في الحركة الإخونجية، بعضهم نواب في البرلمان المجمد، طالبوا بإقالة راشد الغنوشي باعتباره المسؤول عن حالة الفشل والانهيار الشعبي الذي ألت إليه الحركة، وإجراء انتخابات داخلية لاختيار رئيس أخر، وقرروا تعليق عضويتهم من الحزب لحين تقديم الأخير استقالته، مهددين بإعلان استقالات جماعية من الحزب إذ لم يتحقق مطلبهم.
واعتبروا أن القيادة القائمة استنفدت رصيدها بالكامل، وفشلت في التفاعل مع مقتضيات المرحلة واستحقاقاتها، مشددين على ضرورة اعتراف هذه القيادة بذلك وبتحملها المسؤولية.
وبحسب نفس المصدر، فقد تداول الأعضاء مذكرة داخلية، طالبوا خلالها “بإعلان قياديي الصف الأول وهم راشد الغنوشي وعلي العريض ونور الدين البحيري أنهم غير معنيين بالمؤتمر القادم”.
انشقاقات سابقة
ويأتي القرار استكمالا لسلسة من الإجراءات التي نفذتها قيادات الحركة ضد الغنوشي على مدار الأشهر الماضية بعد أن تقدم ما يقرب من 140 قيادي من الحركة باستقالتهم نهائياً في أغسطس الماضي، بسبب رفض استمرار الغنوشي في رئاسة الحركة.
ويتوقع المراقبون أن تدفع الضغوط المتزايدة من داخل الحركة الإخونجية الغنوشي إلى الاستقالة عن رئاستها خاصة أنه فشل في إقناع مجلس الشورى العام بالتشكيل الجديد للمكتب التنفيذي، ما يعني أن انعقاد المؤتمر العام للحركة أمراً أقرب للمستحيل في الوقت الراهن، وسيدفع الأمور إلى مزيد من التعقيد، وهو ما قد يضطر الغنوشي لمغادرة البلاد إذا ما سمحت له السلطات.
فتح خطوط للتواصل مع الشارع التونسي
ويحمل قطاع كبير من قيادات النهضة، الغنوشي المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بالحركة على مدار السنوات الماضية، ووصل بها إلى حالة غير مسبوقة من الرفض الشعبي والغضب الذي دفع الرئيس قيس سعيد للإعلان عن الإجراءات التصحيحية في 25 يوليو الماضي، بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضاءه، وإعفاء عدد من المسؤولين من مناصبهم، فضلاً عن بدء عملية تطهير ومحاسبة شاملة لكافة الأطراف.
وأكد قيادات النهضة مراراً، أن سياسة الغنوشي التي اتسمت بقدر كبير من الديكتاتورية والتفرد باتخاذ القرار، تسببت في تصعيد حالة الاستقطاب السياسي إلى حد غير مسبوق في البلاد، مطالبين الغنوشي بالاستقالة للحفاظ على ما تبقى من هيكل الحركة، والإعلان عن عقد المؤتمر العام في أقرب وقت، لاختيار قيادات جديدة في مقدمتها زعيما من جيل الشباب، قادر على فتح خطوط للتواصل مع الشارع التونسي والقوى السياسية وكذلك مؤسسات الدولة.
حزب سياسي جديد
ومن جانبه، يقول المحلل السياسي التونسي للحسن اليحياوي إن حركة النهضة كما عرفناها خلال العشرة سنوات الماضية، قد انتهت تماما وبالتالي كيف يمكن أن تتحور هذه الحركة وما الشكل الجديد الذي ستأخذه، بحيث تتموقع من جديد في الحياة السياسية والشارع التونسي، أخر يحمل الكثير من الاحتمالات، ولكن بالقطع لن تنتهي إلى الأبد.
ويؤكد اليحياوي أن القيادات المستقيلة من الحركة ربما تلجأ لتدشين حزب سياسي جديد بعيدا عن أيدولوجيا النهضة لكسب مساحة في الشارع السياسي التونسي، لكن هذه التجربة لا يمكن التنبؤ بنتائجها لأنها ستظل رهينة وعي المواطن في التعامل مع أي تيار له علاقة بسياسات الحركة المرفوضة والتي تصل إلى حد الإجرام بحق الشعب التونسي.
المحاسبات القضائية
وفي السياق، جددت قوى سياسية تونسية مطالبها للرئيس قيس سعيد باتخاذ إجراءات عاجلة في ملف المحاسبات القضائية الخاصة بتمويل الإرهاب والفساد، مؤكدين على ضرورة حل كافة الأحزاب التي تقع تحت طائلة التمويلات الخارجية وفي مقدمتها حركة النهضة.
وقال الأمين العام لحزب التيار الشعبي، زهير حمدي، إن حدة الخطابات الأخيرة لحركة النهضة وحلفائها، تأتي في إطار “خوض حرب نفسية لإثبات تواصل وجودهم”، قائلا: “يجب أن يفهموا أن مشروعهم انتهى”.
وتابع خلال لقاء تلفزيوني، أن قيادات الإخوان على علم أن الفترة القريبة المقبلة ستشهد إجراءات وقرارات هم أول المتضررين منها، وسيكونوا أول المعنيين بالمحاسبة، سواء فيما يتعلق بالإرهاب أو الاغتيالات السياسية.
وأضاف: “هم يدركون حجم الجرائم والانتهاكات التي قاموا بها، والنهضة ستدفع الثمن الذي يصل إلى الحلّ والعقوبات السجنية.. وهذا ما أعتقد أنه مصدر التصعيد والابتزاز، هدفهم محاولة الإفلات من العقاب”.