انشقاقات جديدة تضرب حزب العدالة الإخونجي في المغرب بسبب اتفاق التطبيع
قدم إدريس الأزمي الإدريسي استقالته من رئاسة المجلس الوطني والأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الإخونجي، مساء الجمعة، في الوقت الذي أعلن فيه زميله بالحزب المصطفى الرميد استقالته من الحكومة المغربية.
استقالة الأزمي تأتي بعد سلسلة استقالات ضربت صفوف المستشارين الجماعيين وقواعد حزب العدالة والتنمية الإخونجي، استمرت الاستقالات لتشمل قيادات الصف الأول في الحزب.
وبرر الأزمي استقالته بنفاد صبره وعدم استيعابه لما يجري داخل حزب العدالة والتنمية، ومبرزا أنه لا يمكن أن يساير هذه الصراعات من موقعه ويظل صامتا. وتقول مصادر مطلعة إن “زلزال التطبيع” يقف وراء هذه الاستقالات، في إشارة إلى مشاركة سعدالدين العثماني، رئيس الحكومة ورئيس الحزب في الاتفاق المغربي – الإسرائيلي.
استقالته الأزمي من رئاسة المجلس الوطني والأمانة العامة تعبير عن خفة سياسية وعدم قدرته على تحمل مسؤولياته كاملة بتصريف خلافاته مع القيادة الحالية، وأنه سعى لإحراج العثماني أمام الكل بصفته رئيس حكومة وأمينا عاما للحزب، وإظهاره على أنه غير متحكم في الهياكل والمؤسسات التي تعود له بالنظر.
وعزا المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، استقالته من الحكومة، إلى دواع صحية جعلته غير قادر على تحمل أعباء المسؤولية الحكومية، لكن مصادر الحزب لم تستبعد أن تكون هذه الدواعي مجرد واجهة تخفي بعدها السياسي خاصة في ظل الأجواء المشحونة داخل الحزب.
وتربط المصادر بين استقالة الرميد والأزمي كونهما يتزامنان مع الوقائع الداخلية التي يعرفها الحزب، مشيرة إلى أن مرض القيادي البارز في العدالة والتنمية مبرر موضوعي، لكن دون التغاضي عن مسببات أخرى متعلقة بالأزمة المتفشية داخل الحزب.
وقد هدد المصطفى الرميد في مناسبات سابقة بتقديم استقالته وغاب عن اجتماع المجلس الحكومي.
وأكد محمد فقيهي، أستاذ العلوم السياسية بفاس، أن ما يحدث بوادر زلزال عميق وكبير جدا أصاب هذا الحزب، مشيرا إلى أن الأسباب ليست ظاهرة، فالاستقالات لا تعتبر مقياسا حقيقيا يبرر الأزمة الداخلية التي تحدث داخل الحزب.
وأضاف محمد فقيهي، أن الانشقاقات تفاقمت مظاهرها مع اقتراب الانتخابات، معتبرا أن أزمة الحزب تمثيلية ومرتبطة بتآكل شرعيته الشعبية نظرا للتراجعات التي عرفتها الحكومة وللطريقة الباهتة التي ظهر عليها الحزب في تدبير الشؤون العامة.
وفي محاولة لامتصاص غضب القواعد وبعض قيادات الحزب دعا العثماني إلى فتح نقاش داخلي، وقال، بمناسبة الملتقى الجهوي الخامس لشبيبة العدالة والتنمية بفاس مكناس، مساء الجمعة، إن “هناك أطرافا لديها هاجس حزب العدالة والتنمية يراهنون على انقسامه أمام كل مرحلة يواجهها”.
وأكدت المصادر أن العدالة والتنمية يمر بلحظة تنظيمية وسياسية غاية في الخطورة، وأن القيادة الحالية مرتبكة في التعاطي مع هذا الواقع، كاشفة عن أن العثماني وبعض قيادات الحزب يحاولون الحد من تداعيات الأزمة التي فاقمها توقيع العثماني بصفته رئيسا للحكومة، على الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل.
وكان البرلماني وعمدة مدينة الدار البيضاء، عبد العزيز العماري، قد قدم استقالته من الأمانة العامة للحزب، بعدما قاطع اجتماعاتها الأخيرة، فيما قرر البرلماني المقرئ الإدريسي أبوزيد، تجميد عضويته بالحزب احتجاجا على الخطوات التي يقوم بها الحزب أخيرا، وخصوصا في ما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل، وحضور القيادي في الحزب ووزير الطاقة والمعادن عزيز رباح اجتماعا مع نظيره الإسرائيلي.
وتزامنا مع هذه الهزات التنظيمية حثت بعض القيادات على عقد مؤتمر استثنائي للحزب قبيل الانتخابات التشريعية القادمة، أملا في طرح بدائل للخروج من الأزمة التي يمر بها العدالة والتنمية وتأمين حضور قويّ له في الانتخابات المقبلة.
واستبعد فقيهي عقد المؤتمر في الظروف الحالية، بالرغم من أن القيادة عملت على تطويق أزمة الاستقالات والتقليل من أهميتها، موضحا أن القيادة لا تريد إبداء انقسامات التنظيم على الساحة العامة وهو ما سيظهر ضعف الحزب وبالتالي لن يكون في صالحه.