بريطانيا: استقالة جونسون ومطالب المعارضة تضعان سوناك في ورطة جديدة
يواجه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك “صداعاً انتخابياً” آخر، لأن استقالة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون تستدعي إجراء ثلاث انتخابات فرعية على الأقل وكشفت عن ضعف الدعم لحزب المحافظين، في ظل اضطرابات تجتاح الحزب إثر استقالة حليف مقرب آخر لرئيس الوزراء السابق، فيما اعتبرت وسائل إعلام أنه “هجوم انتقامي” يهدف إلى خلق “فوضى”.
وطالب زعيم المعارضة في بريطانيا كير ستارمر، الأحد، بإجراء انتخابات عامة بعد استقالة ثلاثة نواب في حزب المحافظين من البرلمان، بينهم رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون على خلفية تحقيق برلماني بشأن إقامة حفلات أثناء إغلاق جائحة كوفيد-19، والتي تعرف باسم فضيحة “بارتي جيت”.
تأتي هذه المطالب في الوقت الذي يتعرّض فيه رئيس الوزراء ريشي سوناك لضغوط متزايدة، لمنع جونسون من التقدم كمرشح محافظ في الانتخابات المقبلة بعد استقالته المفاجئة من البرلمان.
وقال ستارمر الذي يتزعم حزب العمال في تغريدة على تويتر، إنه يتوجب على سوناك”الدعوة إلى انتخابات والسماح للجمهور بتحديد رأيه في 13 عاماً من فشل حزب المحافظين”.
وأضاف أن “هذه المهزلة يجب أن تتوقف، والناس سئموا من حكومة حزب المحافظين الفاسدة ورئيس وزراء ضعيف لم يصوّت له أحد”.
استقالات جديدة
وذكرت صحيفة “إندبندنت”، أنه في ختام 24 ساعة صاخبة، أعلن صديق جونسون، نايجل آدامز، السبت، أنه سيتبع خُطى رئيس الوزراء السابق، ووزيرة الثقافة السابقة نادين دوريس وهي حليف رئيسي لجونسون في الاستقالة من البرلمان “بأثر فوري”.
ونقلت عن كبار أعضاء حزب المحافظين قولهم إن جونسون وشركائه “يهاجمون بشدة” في محاولة للإضرار بحكومة سوناك، كما تخيّل البعض أنه يمكنهم تنسيق سلسلة من الانتخابات الفرعية هذا الصيف.
لكن موالين لسوناك يصرون على أن رئيس الوزراء سيشعر بالارتياح عندما يحظى بفرصة وضع حد لـ”جنون بوريس”، وإعادة تشكيل الحزب وفقاً لرؤيته، على الرغم من أنه قد يتبين أن الخسائر المحتملة في الانتخابات الفرعية، تشكل ضرراً على المدى القصير.
وللرد على هجوم جونسون، الذي اتهم سوناك بأنه لا يقود “حكومة محافظة بدرجة كافية”، قال وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني مايكل جوف، رداً على سؤال بشأن الشكل الذي ستبدو عليه حكومة حزب المحافظين: “الشكل الحالي”.
كما دافع أيضاً عن لجنة الامتيازات البرلمانية، التي من المتوقع أن تقرر وقف جونسون لأكثر من 10 أيام، بعد أن وصفها بأنها “محكمة صورية”، قائلاً: “أعتقد أننا يجب أن نثق في حكمهم”.
غضب من جونسون
ووسط غضب أبداه البعض داخل الحزب من جونسون بسبب قرار رحيله، الذي قال فيه إنه سيغادر وستمنستر فقط “في الوقت الراهن”، واتهم لجنة الامتيازات بـ”التحيز السافر”، ثمة جهود منسقة بين كبار النواب المحافظين، لضمان أن جونسون ليس لديه سبيل للعودة إلى مجلس العموم في المستقبل القريب، بحسب صحيفة “الجارديان”.
ونقلت الصحيفة عن عضو بارز لم تذكر اسمه في “لجنة 1922” (لجنة الحسم في حزب المحافظين)، وهو مؤيد سابق لجونسون، إن وجهة النظر الواضحة بين زملائه أنه يجب منعه من الترشح على مقعد آخر في حزب المحافظين في الانتخابات المقبلة.
و”لجنة 1922″، هي لجنة تنفيذية تضم 18 عضواً، يشرف رئيسها على انتخاب قادة الحزب.
وأضاف العضو البارز: “هذه المهزلة يجب أن تتوقف. لا بد من إيقافه (جونسون) بأي وسيلة وكُلما أسرعنا كان أفضل”.
وقال عضو بارز آخر، وهو شخص مقرب من سوناك، واعتاد دعم جونسون، إن “الطريقة التي تصرف بها في ما يتعلق بإهانة إجراءات مجلس العموم أمر مشين. إنه يعتقد أنه يمكنه فقط ببساطة إهانة البرلمان. إذا سُمح له بالترشح مجدداً فسيواصل تقويض الحكومة”.
نسف محاولات سوناك
وكتب اللورد مايكل هيسلتين نائب رئيس الوزراء السابق المحافظ في مقال نشرته صحيفة “ذي أوبزرفر” أن استقالة جونسون الغاضبة، وتهديده بالعودة “جعلت كل سمات الكارثة تتحوّل إلى فرصة”، في إشارة إلى احتمال اتخاذ سوناك موقف أكثر تشدداً مع جونسون.
وأضاف اللورد هيسلتين، أنه لا ينبغي السماح له (جونسون) بالترشح للحزب مجدداً، لافتاً إلى أن “مشكلة بوريس الأساسية، هي أن الكلمات تهدف لجعل جمهوره يصدق ما يريدون تصديقه. ولا يوجد أي دليل على أي حقيقة يمكن تمييزها أو شعور بالنزاهة”.
وتابع: “في رأيي، لا يمكن تصوّر أنه في ظل هذه الظروف يمكن أن يترشح كعضو محافظ في البرلمان مرة أخرى.. لا شك أنه سيخرج الآن إلى العالم ويجني مبالغ طائلة، ويكتب التاريخ كما يعتقد أنه حدث. لكن هذا ليس له علاقة كبيرة بواقع الفوضى التي خلّفها وراءه”.
مع ذلك أصرّت شخصيات حزبية، السبت، على أن ردة الفعل القوية إزاء سلوك جونسون تعبر عن شعور بالاستياء من جانب أعضاء البرلمان، الذين يشعرون بالغضب من أن رحيل جونسون وحلفائه سينسف محاولات سوناك لاستعادة النظام في الحزب.
وقال أحدهم: “رافضوه (سوناك) سينفذون ما يريدون، لذا فإن الضرر الذي سيلحق بالحزب سيكون هائلاً. لن يدعوا ريشي تنجح”.
خسائر المحافظين
وتوقعت “بلومبرغ” في تقرير، الأحد، أن الانتخابات الفرعية تعقد آمال سوناك في تضييق الفجوة مع حزب العمال المعارض قبل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في يناير 2025، لا سيما بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تقدم حزب العمال بما يتراوح بين 9 و14 نقطة، أي أقل من تقدم بأكثر من 20 نقطة في استطلاعات رأي أُجريت في أواخر عام 2022.
والاحتفاظ بمقعد جونسون في دائرة أوكسبريدج وساوث رويسليب بلندن يمثل تحدياً خاصاً، لأن المحافظين احتفظوا بدائرة لندن الكبرى فقط في عام 2019 بأغلبية ضئيلة نسبياً.
وخسر حزب المحافظين أكثر من ألف عضو في مجالس بلدية في انتخابات محلية في مايو، بينما حقق الحزب الثالث التقليدي، الحزب الليبرالي الديمقراطي، مكاسب كبيرة في جنوب إنجلترا. وأحرز ثلاثة انتصارات كبيرة على حزب المحافظين في انتخابات خاصة خلال السنوات الأخيرة.
يعيد رحيل جونسون فتح الخلاف الذي احتدم منذ استقالة سوناك في عام 2022 من منصب وزير الخزانة احتجاجاً على قيادة جونسون، في خطوة عجلت برحيل جونسون كرئيس للوزراء.
استقالة جونسون
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني السابق، الجمعة، استقالته من البرلمان على خلفية تحقيق برلماني بشأن إقامة حفلات استضافها مقر “داونينج ستريت” أثناء إغلاق جائحة كوفيد-19، في انتهاك للقيود الصحية المتصلة، التي تعرف باسم فضيحة “بارتي جيت”.
وقال جونسون (58 عاماً) إن قراره يدخل حيز التنفيذ فوراً، ما يعني إجراء انتخابات وشيكة على مقعديه في دائرتي أوكسبريدج وساوث رويسليب.
يأتي قرار جونسون بالتنحي، بعد أن خلص تحقيق لجنة الامتيازات في فضيحة “بارتي جيت”، إلى أنه ضلل البرلمان، وأوصى بتعليق طويل الأمد لعضويته في مجلس العموم.
ومن المقرر أن يجتمع أعضاء اللجنة، التي تتمتع بأغلبية من حزب المحافظين، الاثنين، لوضع اللمسات الأخيرة على التقرير ونشره بعد فترة وجيزة.
ووفقاً لاستطلاع رأي، أجرته في نهاية مارس الماضي مؤسسة “أوبينيوم” (Opinium) لأبحاث السوق والآراء ومقرها لندن، قال غالبية الناس إنهم يعتقدون أنه يجب على جونسون الاستقالة إذا حكمت اللجنة لغير صالحه بسبب تضليل أعضاء البرلمان.
وقال أكثر من الثلثين (69٪) إنهم يعتقدون أنه يجب أن يستقيل، بينما أعرب 64٪ عن اعتقادهم بأنه كان يكذب في شهادته أمام اللجنة، وهو أمر ينفيه بشدة.