بسب مخاوفها من رد إيران…. إسرائيل تغلق 28 مقراً دبلوماسياً لها بمختلف أنحاء العالم
بعد تحذيرات أمنية ومخاوف من هجمات انتقامية قد تشنها إيران بعد قصف إسرائيلي للقنصلية الإيرانية في دمشق، أسفر عن سقوط قيادات إيرانية رفيعة المستوى، أغلقت إسرائيل 28 مقراً دبلوماسياً لها بمختلف أنحاء العالم، بشكل مؤقت.
وكان مستوى التأهب في البعثات الإسرائيلية بالخارج مرتفعاً بالفعل في أعقاب الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، ومنذ ذلك الوقت أخلت وزارة الخارجية الإسرائيلية 7 بعثات دبلوماسية لها في كل من مصر والأردن والبحرين والمغرب وتركيا (أنقرة وإسطنبول)، بالإضافة إلى تركمانستان، لكن في أعقاب استهداف إسرائيل للسفارة الإيرانية في دمشق، تم إعلان جميع البعثات الإسرائيلية بجميع أنحاء العالم في حالة تأهب قصوى، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وقالت الصحيفة إنه في بعض الدول، كانت الإرشادات الأمنية الصادرة من السلطات الإسرائيلية صارمة للغاية لدرجة منع الموظفين من مغادرة المنزل، ولو حتى إلى صالة الألعاب الرياضية بالمبنى أو متجر قريب.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية قولها: “في أكثر من مرة، نجد أنفسنا مضطرين إلى إبعاد جزء من الدبلوماسيين (الإسرائيليين) إلى خارج الدولة التي يعملون بها بسبب التحذيرات والمخاطر”.
وفي بعض الدول، صدرت تعليمات للمبعوثين بعدم الذهاب إلى أماكن محددة تعرف بأنها تابعة أو مؤيدة لإسرائيل أو يعتاد الإسرائيليون ارتيادها. وصدرت تعليمات للدبلوماسيين بزيادة اليقظة، فضلاً عن “كسر” الروتين وتغيير الطرق وتقليل التحركات.
وقال دبلوماسي إسرائيلي يعمل في الخارج: “إنه أمر مخيف حقاً. لا نعرف إلى أين تتجه هذه الأمور. ليس هناك شك في أننا مكشوفون”.
وأشار أحد الدبلوماسيين إلى أنه “منذ 7 أكتوبر، تتطلب كل خطوة وكل حركة نتخذها موافقة مسبقة. هناك مناطق حتى في وسط المدينة يمنعوننا من دخولها خوفاً من مواجهة متظاهرين أو عناصر معادية”.
رد طهران سيكون “محسوباً”
وقال رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو، مساء الخميس، إن إسرائيل ستؤذي كل من يؤذيها أو يخطط لذلك.
وجاءت تصريحاته بعدما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يشن الحرب على قطاع غزة ولبنان، أنه سيوقف منح الإجازات لجميع الوحدات القتالية غداة إعلانه حشد مزيد من القوات في وحدات الدفاع الجوي.
وأثار احتمال رد إيران على قصف جوي، نفذته إسرائيل على السفارة الإيرانية في دمشق، الاثنين، شبح حرب أوسع نطاقاً، لكن مصدرين إيرانيين قالا إن رد طهران سيكون “محسوباً” لتجنب التصعيد.
وقال نتنياهو في بداية اجتماع لمجلس الوزراء الأمني في وقت متأخر، الخميس: “منذ سنوات، إيران تعمل ضدنا مباشرة، ومن خلال وكلائها، ومن ثم ستعمل إسرائيل ضد إيران ووكلائها، دفاعاً وهجوماً”.
وأضاف: “سنعرف كيف ندافع عن أنفسنا، وسنتصرف وفقاً للمبدأ البسيط المتمثل في أننا سنؤذي من يؤذينا أو يخطط لإيذائنا”.
الولايات المتحدة تدعم إسرائيل
وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث مع نتنياهو، وإنهما ناقشا التهديدات الإيرانية. وقالت واشنطن إن بايدن أوضح أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بقوة في مواجهة هذا التهديد.
وقال صحافيون من “رويترز”، وسكان في تل أبيب، الخميس، إن خدمات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) تعطلت، وهو إجراء يهدف على ما يبدو إلى تحييد الصواريخ الموجهة.
ويمثل قصف إسرائيل للسفارة الإيرانية في دمشق واحداً من أبرز عمليات استهداف المصالح الإيرانية في سوريا، حليفة طهران الوثيقة.
وتشن إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ ستة أشهر، بعد أن قادت حركة “حماس” هجوماً على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، كما تتبادل إسرائيل إطلاق النار بشكل شبه يومي مع جماعة حزب الله المتحالفة مع إيران في لبنان.
وتطلق جماعة “الحوثي” اليمنية المتحالفة مع طهران صواريخ طويلة المدى على ميناء إيلات الإسرائيلي من حين لآخر، لكن دون أن تصيب أي شيء أو تعلن إسرائيل عن تكبدها أي خسائر.
خيارات إيران
حتى الآن، تجنبت إيران الدخول بشكل مباشر في الصراع، في حين تدعم هجمات حلفائها على أهداف إسرائيلية وأميركية.
بحسب “رويترز”، لدى طهران عدد من الخيارات، فيمكنها إطلاق يد وكلائها المدججين بالسلاح في سوريا والعراق للنيل من القوات الأميركية، أو استخدام “حزب الله”، لضرب إسرائيل مباشرة أو تكثيف برنامجها لتخصيب اليورانيوم، ما ينذر بإنتاج قنبلة نووية، وهو خطر لطالما سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى تفاديه.
لكن عدداً من الدبلوماسيين والمحللين يقولون إن النخب الدينية في إيران لا تريد أي حرب شاملة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة قد تزعزع قبضتهم على السلطة، ويفضلون مواصلة استخدام الوكلاء لتنفيذ هجمات انتقائية تستهدف خصومهم.
وتوقفت مثل هذه الهجمات بالوكالة على القوات الأميركية في المنطقة في فبراير، بعد أن ردت واشنطن على سقوط 3 جنود أميركيين في الأردن بعشرات الضربات الجوية على أهداف في سوريا والعراق مرتبطة بـ”الحرس الثوري” الإيراني وفصائل مسلحة.
وقال مسؤولون أميركيون، في وقت سابق من الأسبوع، إن لا معلومات لديهم تشير إلى أن الجماعات المدعومة من إيران تتطلع إلى استهداف القوات الأميركية بعد هجوم الاثنين.
استعادة الردع
وعلى الرغم من إدراكهم بأن الضربات الإسرائيلية على خصوم إقليميين قد تعرض الجنود الأميركيين للخطر، يتقبل المسؤولون الأميركيون رغبة إسرائيل في استعادة “قوة الردع” بعد 7 أكتوبر.
وقال مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه، إن المخاوف تتزايد من احتمال وفاء إيران بتهديداتها بالانتقام، ما يزيد من خطر التصعيد.
وأشار زعماء إيرانيون إلى أنهم لا يريدون حرباً كبيرة، قد تزعزع استقرار البلاد التي تعاني مشكلات اقتصادية عميقة الجذور ناتجة جزئياً عن العقوبات الأميركية، التي استغرقت شهوراً لإخماد احتجاجات شعبية في الآونة الأخيرة.
وقال الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس يدلين إن إيران قد تختار الجمعة، وهي الجمعة الأخيرة في شهر رمضان، ويوافق يوم القدس الذي تحييه إيران، للرد على غارة دمشق إما مباشرة، أو من خلال أحد وكلائها.
وأضاف يدلين، وهو زميل بارز في مركز “بيلفر” التابع لكلية كنيدي بجامعة هارفارد: “لن أتفاجأ إذا تحركت إيران غداً. لا داعي للذعر. لا تهرعوا إلى الملاجئ”، مشيراً إلى أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية.
وتابع يدلين: “ترقبوا الغد، وبعد ذلك، اعتماداً على عواقب الهجوم، قد يتصاعد الأمر”.
تأهب إسرائيلي
وقال مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى، لموقع “والا” الإخباري الإسرائيلي، إن إسرائيل أوضحت للولايات المتحدة الليلة الماضية، أنها ستكون “مضطرة للرد” إذا هاجمتها إيران.
ولم تهاجم إيران إسرائيل مطلقاً من أراضيها بشكل مباشر، لكنها استخدمت بشكل أساسي المنظمات والميليشيات التابعة لها في غزة والعراق وسوريا ولبنان، وسيكون مثل هذا الهجوم المباشر “غير مسبوق وقد يؤدي إلى حرب إقليمية”، بحسب “والا”.
ودخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب متزايد تحسباً لهذا النوع من الهجمات، وقام بتعزيز قوات الدفاع الجوي. فضلاً عن إلغاء عطلات نهاية الأسبوع لجميع الوحدات القتالية.
وقال مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى إن “لدى إسرائيل مؤشرات على أن الإيرانيين قد يهاجمون من أراضيهم باستخدام صواريخ باليستية طويلة المدى، أو طائرات مسيرة أو صواريخ كروز”.
مشاورات مع واشنطن
ولفت الموقع إلى أنه “تمت مناقشة هذه القضية بتفصيل كبير خلال المكالمة الهاتفية التي جرت الليلة الماضية بين وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ونظيره الإسرائيلي يوآف جالانت”.
وقال مسؤولون إسرائيليون وأميركيون كبار إن جالانت وأوستن ناقشا سبل تحسين التنسيق بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأميركي من أجل الاستعداد “لإحباط هجوم إيراني، والتصعيد الذي قد يتبعه”، ورفض البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون” التعليق.
وقال مسؤولون أميركيون كبار إن إسرائيل لم تنسق بشكل صحيح الهجوم، الذي أودى بحياة محمد رضا زاهدي، أحد أكبر قيادات “الحرس الثوري” الإيراني، ونائبه و5 ضباط آخرين، وعضو واحد على الأقل في “حزب الله” اللبناني.
وأشار المسؤولون إلى أن إسرائيل قدمت للولايات المتحدة تحديثاً عاماً، عندما كانت الطائرات في الجو بالفعل، ولم تحدد الهدف الذي سيتم مهاجمته.
ونتيجة لذلك، نأت الولايات المتحدة بنفسها عن الهجوم الإسرائيلي، وأرسلت رسالة إلى إيران مفادها أنها “لم تكن متورطة” فيه على الإطلاق، ولم تكن تعلم به مسبقاً.