بعد الاتهامات.. ترامب ومستقبل الجمهوريين سنوات تشاركية قادمة
لا حديث هنا في الولايات المتحدة سوى عن التأثيرات المحتملة للوائح الاتهام التي تم إعلانها من قبل القضاء الأميركي تجاه الرئيس السابق دونالد ترامب.
وقد بات واضحا ذلك التخبط الذي صار يظهر على مواقف الحزب الجمهوري وعلى أولئك المنافسين للرجل في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب مما جعلهم في خيارين يدوران بين القانون ومواجهة الحزب الديمقراطي في انتخابات رئاسية قادمة.
تلك التهم تتراوح ما بين الاحتفاظ بوثائق سرية وعرقلة سير العدالة والتصريحات الكاذبة وحتى خدعة الصناديق وما حدث في مقر الكونغرس الأميركي يوم السادس من يناير قبل سنتين والعديد من التهم الجنائية، ليكون ترامب بذلك أول رئيس سابق في التاريخ الأميركي يواجه تهما جنائية يدفعها عن نفسه في كل تصريح بقوله إنها “ملاحقة وراءها دوافع سياسية”.
ومن نافلة القول أن هناك تداعيات خطيرة جدا ستطال مستقبل الحزب الجمهوري من وراء أي موقف تجاه تلك الاتهامات سيتخذه مرشح ذا تأثير مثل ديسانتيس أو مايك بنس أو نيكي هايلي لكن الحقيقة أن الحزب في داخله منقسم فهناك من يدعم ترامب ويعلن قناعته بتسييس التهم بينما هناك عناصر مؤثرة داخل الجمهوريين تنادي بالتعامل مع تلك الاتهامات بجدية، وكان الموقف الأوضح هو المناداة بنسيان قيادة ترامب للترشح مع إدانة التهم الموجهة له كما نرى مثلا في موقف المرشح رون ديسانتيس.
وهناك مشكلة أيضا لكل هؤلاء المرشحين الذين ذكرتهم سابقا، فالرئيس السابق وحتى هذه الساعة يتقدم عليهم في كل الاستطلاعات رغم أحلام بعضهم في أن هذه التهم قد تثبت عليه ويصبح شخصا منتهيا داخل السجون أو في أفضل الأحوال فإن كثرة القضايا وإطالة مدتها في انتظار النتائج ستجعل من صاحبها في حال خوض انتخابات 2024 شخصا ينتظر الإدانة في كل لحظة.
الحقيقة أن جميع الجمهوريين يجمعون على أن ترامب لو عاد إلى البيت الأبيض فسيجعل من سنوات حكمه فترة لتصفية الحسابات مع كل من يرى أن له دورا في هذه الأحداث القضائية التي تطبع حياته منذ أشهر .
والحق أيضا أن ترامب بات الحل والعقدة لهذا الحزب ووحده آسا هاتشينسون حاكم ولاية أركانساس هو الذي دعا إلى انسحاب ترامب من الحملة الانتخابية راحة له وللحزب الجمهوري لكن بقية الأعضاء باتوا يدركون إجابة السؤال المحوري وهو كيف سيكون مستقبل الحزب ومستقبل ترامب؟
وهنا يرد السؤال الكبير، هل سيبقى الجمهوريون على قناعتهم الحالية بأن ترامب هو الأكثر حظا للفوز على بايدن أو سيزداد المتخوفون داخل الحزب من كونه عبئا مستقبليا ثقيلا على الحزب مع الإشارة هنا إلى أن دستور الولايات المتحدة لا يمنع ترامب من الترشح حتى بعد خضوعه لتحقيق جنائي يشمل لائحة اتهام.
والحزب الجمهوري بات كذلك في حيرة من أمره، فالرئيس ترامب تزداد شعبيته داخل الحزب أكثر فأكثر.
والأكثر إثارة من ذلك هو تعهد ترامب بمواصلة حملته الانتخابية حتى لو صدرت أحكام ضده.
وهو في هذه الحالة سيكون مرشحا استثنائيا يخشى أعضاء حزبه أن تعرقل حالته تلك وصولهم لمجلس الشيوخ بالأعداد التي يطمحون إليها.
يجب علينا القول إن مسيرة ترامب ستبقى على الدوام أسيرة الاتهام السياسي وربما القضائي بإساءة التعامل مع الأسرار والوثائق السرية والتي يصفها بعض أصدقائه في الحزب بـ(المآسي القانونية) التي سيطرت وتسيطر على تاريخ هذا الرجل.
وبات الحزب أسير ترامب فلا حديث إعلامي يتناول الحزب إلا ويكون ترامب جزء أساسيا فيه، ولا جدل سياسي لسنوات مقبلة إلا والحديث عن ترامب، ولا مرشح آخر يمكن أن ينسي جمهور الناخبين جاذبية ترامب وشعبوية أسلوبه الكاريزماتي الفريد.
ولا أبالغ إن قلت إنه ولا بيئة سياسية قادرة على إلغاء الحضور الفاعل لترامب حتى ولو كان بعيدا في غياهب السجون.
كان الله في عون الحزب الجمهوري، فهو أينما ولى وجهه فسيرى ترامب ماثلا أمامه في نجاحاته أو حتى خساراته.