تحت ضغط المعارضة التركية… استقالة رئيس المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون في نظام أردوغان
تقدم أبو بكر شاهين، رئيس المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي، المنتمي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، باستقالته من عضويته في مجلس إدارة شركة الأقمار الصناعية التركية”تركسات”.
وحسب ما ذكرته العديد من وسائل الإعلام التركية، الأربعاء، جاء ذلك على خلفية مطالبة أعضاء المعارضة بالمجلس المذكور، من شاهين، تقديم استقالته من عضوية “تركسات” لمخالفة جمعه بين أكثر من منصب (رئاسته للمجلس الأعلى والعضوية التي استقال منها، وعضويته بمؤسسة النشر والصحافة) للقوانين.
وذكرت المصادر أن إلهان طاشجي، عضو المجلس الأعلى في الإذاعة والتلفزيون، المنتمي للشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، أوضح أنهم كانوا طالبوا، خلال اجتماع المجلس، باستقالة شاهين من عضوية “تركسات”، لا سيما أنه يتقاضى من تلك المناصب أكثر من 60 ألف ليرة شهريا.
ولفت إلى أن رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو وجه انتقادات حادة لشاهين خلال اجتماعه الأخير مع الكتلة النيابية لحزبه، لافتا إلى أنه (قليجدار أوغلو) أبلغ شاهين بعدم مصداقية شغل رئيس المجلس أكثر من وظيفة في الوقت نفسه.
والخميس الماضي، أسقط المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون العضوية عن أحد أعضائه المعارضين، لفضحه سيطرة نظام الرئيس رجب طيب أردوغان على المجلس، وتدخله في شؤون المجلس الذي يراقب وينظم ويعاقب جهات البث.
جاء ذلك حسب ما ذكرته صحيفة “تي 24” الإلكترونية آنذاك، مشيرة إلى أنه تم إسقاط عضوية فاروق بيلديريجي، المنتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض، بعد موافقة 6 أعضاء بالمجلس مقابل رفض 2 آخرين، على مقترح تم عرضه في هذا الشأن خلال انعقاد اجتماع للمجلس الأعلى اليوم.
وفي تعليق منه حينها على القرار، شدد بيلديريجي على أنه “لا يتعين إسقاط العضوية بهذه الطريقة عن أشخاص تم اختيارهم لهذا المناصب من قبل البرلمان”، واصفا ما حدث “انقلابا على الديمقراطية”.
كما أكد، في بيان له، أنه سيلجأ للقضاء، مضيفا “وآمل أن ينجح القضاء في وأد هذا الانقلاب السافر على الديمقراطية”.
وتابع “منذ اليوم الأول قلت إن الشعب التركي من حقه أن يعرف ما يجري في المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، إذ يتعين أن يكون هذا المجلس نزيها”.
وأضاف بيلديريجي “ومنذ عضويتي بالمجلس على مدار 3 شهور ونصف الشهر، وأنا أناضل من أجل أن يكون المجلس نزيها، ويتحرر من كونه الحديقة الخلفية للنظام السياسي”.
كما أوضح أن “المجلس الأعلى انزعج من ذلك، لأنه يدار من قبل رئيس النظام التركي بشكل أفقد استقلاليته”، مضيفا “والمطلوب من أعضاء المجلس المحسوبين على المعارضة عدم نقل انتقاداتهم للرأي العام، والحفاظ على سرية ما يجري”.
وأضاف “ولما أصحبت معارضا على غير هواهم قيدت حركتي داخل المجلس، وبات من الصعب عليّ الحصول على أية معلومة بشأن أبسط المواضيع، لكني واصلت نضالي دون كلل أو ملل”.
ولفت إلى أن “نقطة التحول ضده جاءت بعد إثباته أن أبو بكر شاهين رئيس المجلس يشغل في ذات الوقت عضوية العديد من الإدارات الأخرى، بشكل يتنافى مع القانون، وهذا ما دفعه للتخلص مني بسبب الأغلبية المؤيدة له بالمجلس”.
وبيّن أن “هذه الخطوة تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون على مدار تاريخه الممتد لـ25 عاما، وتمهد لمنعطف خطير بالنسبة للديمقراطية، فمن لم يستطيعوا تحمل انتقاداتي سيلجأون للأسلوب نفسه مع الأعضاء الجدد إذا قاموا بدور ما لا يروقهم”.
ويخضع المجلس المؤلف من 10 أعضاء لسيطرة حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، حيث إن الحزبين لهما 6 أعضاء به، وتكفي 5 أصوات لاتخاذ قرار.
وكان المجلس يتبع في السابق وزارة الثقافة والسياحة التركية، قبل أن يتم نقل تبعيته في يوليو/تموز الماضي لدائرة الاتصال بالرئاسة، بعد تحول البلاد للنظام الرئاسي.
يشار إلى أن حزب الشعب الجمهوري، الذي يتزعم المعارضة التركية، كشف، في تقرير له مارس/آذار الماضي، عن سيطرة حزب العدالة والتنمية الحاكم على 95% من الإعلام، بخلاف إخفاء الحقائق عن الشعب، وحظر النشر الذي أصبح في ازدياد.
وتحت عنوان “الإعلام المتأزم في تركيا الاستبدادية” شكا عدد من الهيئات والمنظمات الإعلامية من سيطرة النظام على وسائل الإعلام، لا سيما في الفترة التي سبقت الانتخابات المحلية التي أجريت نهاية مارس/آذار الماضي.
التقرير ذكر، كذلك، أنه بين عامي 2011 و2018 حظر النظام الحاكم في تركيا نشر 468 مادة إخبارية، بينما بلغ هذا العدد 34 خلال أول شهرين من عام 2019 الجاري.
واستطرد التقرير “عندما ننظر إلى هذه الأرقام يتضح لنا بكل سهولة مدى العلاقة بين الإعلام والنظام، الذي يحكم البلاد منذ 17 عاما”.
ووفق التقرير، فقد شدد نظمي بيلغين، رئيس جمعية الصحفيين الأتراك، على أن طرح العلاقة بين النظام والإعلام للحساب والمساءلة أمر بالغ الأهمية بالنسبة لحق الشعب التركي في الحصول على الخبر.
وأضاف المتحدث “الإعلام في تركيا بات في قبضة يد واحدة، ونحن حاليا نعيش في نظام إعلامي أكثر من 90% منه موالٍ للحكومة، فهناك عشرات الصحف التي تصدر بعناوين موحدة لصالح النظام الحاكم”.
وأوضح أن الشعب أصبح فاقداً للثقة فيما تنشره وسائل الإعلام التابعة للنظام التركي.
وفي 2018، أحكم أردوغان قبضته على جميع مفاصل القرار ببلاده، عقب تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية نقلت البلاد إلى نظام الحكم الرئاسي، في خطوة أراد من خلالها الرئيس التركي تصفية جميع معارضيه ومنتقديه.
وطيلة العام، عملت سلطات أردوغان على تكميم أفواه الصحفيين، تحت زعم محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في يوليو/تموز 2016.
ومنذ ذلك التاريخ، وإلى جانب التضييق على المراسلين والصحفيين الأجانب، أغلق أردوغان أكثر من 175 وسيلة إعلام، ما ترك أكثر من 12 ألفا من العاملين في مجال الإعلام دون وظائف، ورفع معدل البطالة بالقطاع إلى أقصاها وفق معهد الإحصاء التركي.