تحوّل كبير: نواب الكونغرس الأمريكي يطالبون بايدن مفاوضة روسيا على تسوية في أوكرانيا
الرئيس الأمريكي يُواجه احتمال حدوث تصدعات في تحالفاته
طرأ تحوّل كبير ولافت على مواقف الحزب الديمقراطي تجاه الحرب الدائرة في أوكرانيا، حيث طالب 30 عضواً من النواب الديمقراطيين في الكونغرس الرئيس الأمريكي جو بايدن، البدء بمفاوضات مع روسيا للاتفاق على تسوية في أوكرانيا.
جاء ذلك مع تزايد خشية تعرض تحالفات بايدن الغربية إلى تصدعات،في ظل ما تنتظره أوروبا خلال موسم الشتاء، كذلك بسبب خشيته من تهديدات الحزب الجمهوري بقطع تمويل الحرب في أوكرانيا.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، أن البيت الأبيض تلقى رسالة من أعضاء في الكونغرس التي دعوا فيها للتفاوض مع روسيا حول التسوية في أوكرانيا.
وقال كيربي للصحفيين، يوم الاثنين: “نحن نقيم الآراء التي أعرب عنها هؤلاء الأعضاء في الكونغرس. ونحن على علم برسالتهم… ونأخذ بعين الاعتبار قلقهم إزاء ما يحدث أثناء الحرب في أوكرانيا”.
وأوضح أن الولايات المتحدة لن تجري مفاوضات مع القيادة الروسية بدون مشاركة السلطات الأوكرانية.
وأضاف أنه “من الواضح أن زيلينسكي يريد إنهاء هذه الحرب. وهو لا يعتقد أن الوقت مناسب للاتفاق مع السيد بوتين. ونحن نحترم هذا الرأي”.
وكان نحو 30 عضوا في مجلس النواب الأمريكي قد وجهوا إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن رسالة، دعوا فيها إلى المفاوضات مع روسيا.
حثّت مجموعة من 30 عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب الأميركي الرئيس جو بايدن على تغيير استراتيجيته بشكل كبير بشأن الحرب الأوكرانية، والسعي للتفاوض مباشرة مع روسيا، وهي المرة الأولى التي يدفع فيها أعضاء بارزون في حزبه إلى تغيير النهج تجاه أوكرانيا.
ضغط على بايدن
ويُمكن أن تؤدي الرسالة، التي أرسلت إلى البيت الأبيض، الاثنين، إلى مزيد من الضغط على بايدن، في وقت يحاول الحفاظ على الدعم المحلي للمجهود الحربي في أوكرانيا، بينما يُهدد الجمهوريون بقطع المساعدات عن كييف إذا استعادوا السيطرة على الكونغرس، وفق تقرير لصحيفة “واشنطن بوست”.
وبحسب الرسالة التي حصلت عليها الصحيفة، قال الديمقراطيون الـ30 بقيادة النائبة براميلا جايابال، رئيسة الكتلة التقدمية في الكونجرس، إنهم يعارضون “الغزو الروسي الشائن وغير الشرعي لأوكرانيا”، مشيرين إلى اتفاقهم مع البيت الأبيض على أن التسوية تعود في النهاية الى ما تقرره كييف.
وأضاف النواب: “لكن بصفتنا مشرّعين مسؤولين عن إنفاق عشرات المليارات من دولارات دافعي الضرائب الأميركيين على المساعدات العسكرية في هذا النزاع، نعتقد أن مثل هذا الانخراط في هذه الحرب يحمّل أيضاً الولايات المتحدة مسؤولية استكشاف جميع السبل الممكنة بجدية”.
ودعت الرسالة إلى التعامل المباشر مع روسيا لإيجاد حل “يكون مقبولاً من الشعب الأوكراني”.
اغتنام فرصة الانفتاح
ويشعر الديمقراطيون بالقلق من أن الولايات المتحدة لا تشارك في حوار منتظم مع روسيا، كجزء من جهودها لإنهاء حرب طويلة الأمد، تسببت في سقوط الآلاف وتشريد 13 مليون شخص.
وتصر إدارة بايدن على أن مسألة التفاوض مع روسيا من عدمه يجب أن تُترك لكييف، وكذلك موعد القيام بذلك، بحجة أن الأوكرانيين كشعب حر يجب أن يقرروا مصيرهم.
لكن بعض الخبراء الروس يقولون إن موسكو لن تتفاوض إلا مع الولايات المتحدة، وهي قوة عظمى أخرى، في وقت يرى مشرعون أميركيون أنه يجب اغتنام الفرصة للانفتاح، نظراً للدمار المنتشر في الحرب، مضيفين أن “البديل للدبلوماسية هو الحرب الطويلة، مع ما يصاحبها من آثار ومخاطر كارثية لا يمكن معرفتها”.
ويبذل النواب جهوداً مضنية لتمييز أنفسهم عن الجمهوريين، الذين يتحدّون أيضاً نهج بايدن تجاه أوكرانيا. ويشكك بعض المحافظين الآن في المساعدات الأميركية لأوكرانيا بسبب تكلفتها.
وجاء في رسالة الديمقراطيين: “ليس لدينا أي أوهام فيما يتعلق بالصعوبات التي ينطوي عليها التعامل مع روسيا، نظراً لغزوها الشائن وغير القانوني لأوكرانيا. إذا كانت هناك طريقة لإنهاء الحرب مع الحفاظ على أوكرانيا حرة ومستقلة، فمن مسؤولية أميركا اتباع كل السبل الدبلوماسية لدعم مثل هذا الحل المقبول لشعب أوكرانيا”.
وتم توقيع الرسالة من قبل بعض الديمقراطيين الليبراليين الأكثر شهرة والأكثر صراحة في الكونغرس، بما في ذلك النواب جيمي راسكين (من ولاية ماريلاند)، وألكساندريا أوكاسيو كورتيز (نيويورك)، وكوري بوش (ميزوري)، ورو خانا (كاليفورنيا)، وإلهان عمر (مينيسوتا).
وفي الوقت الحالي، لا يزال موقفهم يُمثّل أقلية في الحزب الديمقراطي، الذي أيّد بأغلبية ساحقة إدانة بايدن لروسيا، كما قاد تحالفاً عالمياً لتوجيه دعم هائل إلى أوكرانيا.
ووضع بايدن هذه الحرب ضمن وجهة نظره الأوسع، بأن العالم يشهد مواجهة تاريخية بين الاستبداد والديمقراطية.
وتأتي دعوة الأعضاء الديمقراطيين إلى تغيير الاستراتيجية، وسط ارتفاع نسق الاتصالات بين أميركا وروسيا، إذ تحدث وزير الدفاع لويد أوستن هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي شويغو مرتين في ثلاثة أيام، كما تحدث قائدا الجيشين الروسي والأميركي لأول مرة منذ مايو الماضي.
تصدعات في تحالفات بايدن
ورغم نجاح بايدن حتى الآن في حشد الدعم لأوكرانيا، إلا أنه يُواجه احتمال حدوث تصدعات في تحالفاته، مع توجه أوروبا إلى شتاء صعب، حيث لا تزال أسعار الغاز مرتفعة في الداخل، ويُهدد بوتين باتخاذ إجراءات، ويبدو أن كلا الجانبين يخوضان طريقاً طويلاً وصعباً.
وفي الولايات المتحدة، جاءت معظم التحديات حتى الآن من اليمين، حيث يتساءل بعض المحافظين عن إنفاق مليارات الدولارات على الحرب البعيدة.
وكان زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن مكارثي (جمهوري من كاليفورنيا)، الذي من المرجح أن يُصبح رئيساً للبرلمان إذا استعاد الجمهوريون السيطرة على مجلس النواب في انتخابات 8 نوفمبر، قد أشار الأسبوع الماضي إلى أن مجلساً يقوده الحزب الجمهوري سيُعارض المزيد من المساعدات لأوكرانيا.
وقلّلت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، الاثنين، في قمة دولية حول الغزو الروسي لأوكرانيا من احتمال انتهاء المساعدات الأميركية لأوكرانيا إذا سيطر الجمهوريون على مجلس النواب، ,RHGJ: “أعتقد أن دعم أوكرانيا وشعبها لن يتوقف. الدعم لأوكرانيا من الحزبين”.
لكن رسالة الأعضاء الديمقراطيين تُشير إلى أن الضغط قد يبدأ الآن من اليسار أيضاً، وإن كان ذلك لأسباب مختلفة، ما يُشكل حركة ضغط سياسي من شأنها أن تجعل من الصعب على الرئيس إلقاء اللوم على معارضة سياسته في أوكرانيا على الجمهوريين فقط، وفقا لـ”واشنطن بوست”.
يشار أنه عندما سُئل بايدن وكبار مساعديه مراراً عن المدة التي يمكن أن تستمر فيها الولايات المتحدة بضخ مليارات الدولارات في المجهود الحربي لأوكرانيا، كان الرد هو “مهما استغرق الأمر”.