تنظيم داعش يعود للنشاط بقوة في البادية السورية
آلاف المرتبطين بالتنظيم خرجوا من السجون
يخشي السياسيون والخبراء من أن يفقد المجتمع الدولي تركيزه على قنبلة تنظيم “داعش” الإرهابي الموقوتة من خلال إهمال السجون والمعسكرات المحتجز فيها آلاف العناصر في سوريا بعد الإطاحة بنظام حكم بشار الأسد.
وحذر مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية، من استغلال مسلحي تنظيم “داعش” الإرهابي للأوضاع الراهنة في سوريا.
وأكد عبدي في تصريحات لوسائل الإعلام، أن التنظيم الإرهابي قد بدأ يعود إلى النشاط بقوة في البادية السورية، مشيراً إلى أن داعش أصبح الآن أكثر نشاطاً مقارنةً بالمرحلة السابقة.
وأوضح عبدي قائلاً: “يمكننا القول بالتأكيد أن داعش أصبح أقوى، وخاصة في البادية السورية. كانوا يختبئون في السابق، ولكنهم الآن يعملون علناً على الأرض”.
وأضاف أن الجيش السوري الذي كان في وقت سابق يقاتل داعش، لم يعد موجودًا في تلك المنطقة.
قتلوا ثلاثة من رفاقنا في الحسكة
وأشار عبدي إلى أن داعش لا يقتصر على النشاط في البادية فقط، بل أصبح البعض من عناصره يدخلون إلى المناطق التابعة لقوات سوريا الديمقراطية.
وكشف عن حادثة مؤلمة، حيث قال: “قبل أيام قليلة، قتلوا ثلاثة من رفاقنا في الحسكة. لم يكن الأمر كذلك من قبل”.
وتابع: “نعلم أن خطتهم تشمل مهاجمة سجن جويران ومخيم الهول”.
شدد عبدي على ضرورة التصدي لهذا التهديد المتزايد بشكل عاجل، محذرًا من أن الأوضاع قد تشهد مزيداً من التدهور إذا لم يتم التعامل مع هذا الخطر بشكل حاسم.
آلاف المرتبطين بتنظيم داعش كانوا في السجون
بدورها قالت ديفورا مارغولين، الزميلة البارزة لمعهد واشنطن، إن تأمين مرافق الاحتجاز في شمال شرق سوريا يشكل جزءاً أساسياً من هذه المعركة، حيث تظل معسكرات الاعتقال والسجون التي تحتجز آلاف الرجال والنساء والأطفال المرتبطين بتنظيم داعش عُرضة للخطر الشديد.
وأضافت مارغولين، أنه منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، انقسمت البلاد إلى مناطق متعددة من النفوذ والسيطرة، فبالإضافة إلى المنطقة التي كان يسيطر عليها نظام الأسد تنافست جهات فاعلة مختلفة من الدول وغير الدول على السلطة المحلية أو المصالح الأخرى:
• روسيا وإيران، اللتان سعتا إلى دعم الأسد وتوسيع نفوذهما
• تركيا، التي نفذت توغلات عسكرية ورعت المليشيات على طول الحدود الشمالية لدفع النفوذ الكردي إلى الوراء
• التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ويواصل محاربة تنظيم داعش
• تنظيم داعش نفسه، الذي يسعى من جديد إلى العودة
• “هيئة تحرير الشام” التي سيطرت على محافظة إدلب وصمدت أمام ضغوط النظام وروسيا لسنوات قبل شن هجومها الأخير
• “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، الذي يعمل في المناطق الشمالية الغربية وشهدت توغلات تركية
• “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة، وهي الجماعة التي يقودها الأكراد، التي تسيطر على معظم الشمال الشرقي من البلاد وتشرف على مرافق الاحتجاز المعنية.
التدخل التركي
عندما فقد تنظيم داعش آخر مناطق سيطرته عام 2019، وتدخلت تركيا عسكرياً في شمال سوريا، ظلت البيئة العملياتية في البلاد والجهات الفاعلة المعنية متسقة إلى حد كبير، حتى هذا الأسبوع، لكن التغييرات الجذرية تهدد بتعرض الأمن في جميع أنحاء البلاد للخطر، وفق المقال.
ويشمل ذلك المنطقة الشمالية الشرقية، حيث تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” والقوات المتحالفة معها على أكثر من ستة وعشرين معسكراً وسجناً تحتجز ما يقرب من 50 ألف فرد مرتبطين بتنظيم داعش (41 ألفاً في المعسكرات، و9 آلاف في السجون).
ولسنوات، شجع تنظيم “داعش” أنصاره على مهاجمة هذه المرافق وإطلاق سراح المحتجزين، الذين يعتبرهم التنظيم ركائز لنشر أيديولوجيته، وتحسين نجاحه العملياتي وتسهيل عودته.
وعلى الرغم من الضغوط الدولية المستمرة منذ فترة طويلة لتخفيف هذا الخطر من خلال إعادة هؤلاء الأفراد إلى بلدانهم الأصلية، فإن التقدم لا يزال بطيئاً بشكل خطير بعد خمس سنوات من انهيار “خلافة” تنظيم “داعش”.
وقد حذر الخبراء و”قوات سوريا الديمقراطية” نفسها منذ فترة طويلة، أنه غالباً ما يؤدي تصاعد الضغوط التركية داخل سوريا إلى إجبار “قوات سوريا الديمقراطية” على تعليق التدريب الأساسي وتحويل القوات المسؤولة عن الإشراف على مرافق الاحتجاز، مما يجعل هذه السجون والمخيمات أكثر عرضة لمكائد تنظيم “داعش”.
توصيات في مجال السياسة العامة
رغم تحول الاهتمام العالمي نحو قضايا الانتقال الرئيسية في دمشق، فإنه لا يبتغي للمجتمع الدولي أن يفقد تركيزه على محاربة تنظيم داعش، الذي يُعد جزءاً أساسياً منها هو تأمين السجون ومعسكرات الاعتقال في شمال شرق البلاد.
ولا تزال هذه المرافق عرضة لهجمات كبرى من تنظيم “داعش”، مثل حادثة فرار سجناء سجن “الصناعة” في عام 2022، لذلك دعت مارغولين الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز الدفاعات الخارجية لهذه المرافق وضمان أمن المحتجزين داخلها، مما يعني ضمان حصول “قوات سوريا الديمقراطية” على الموارد التي تحتاجها لمواصلة هذه المهمة.
علاوة على ذلك، يجب استغلال الأزمة السورية الحالية كفرصة لإعادة التأكيد على حقيقة مفادها أن سياسة الاحتجاز غير المحددة بحكم الأمر الواقع ليست مستدامة، إذ يتزايد خطر الهروب وقد ينتهي الأمر بأي من عناصر أو أنصار تنظيم داعش الفارين إلى العودة إلى بلدانهم الأصلية خارج عملية الإعادة الرسمية، مما يشكل مخاطر أمنية محتملة في بلدانهم.