جدل ومخاوف في تونس حول كفاءة الجملي لتولي رئاسة الحكومة
تحاول حركة النهضة الإخوانية تبديد شكوك بشأن كفاءة واستقلالية رئيس الحكومة المكلف حبيب الجملي من شأنها تعطيل مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة.
وأصدرت الحركة بيانا أكدت خلاله على “استقلالية الجملي وعلى كفاءته وخبرته الاقتصادية والمالية عامة وفي الشأن الفلاحي خاصة”.
ودعا البيان “كل القوى السياسية والاجتماعية إلى الانخراط في المفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة على أساس برنامج شامل يعبئ كل طاقات البلاد المادية والمعنوية لمجابهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية”.
وفي حين يسود الغموض موقف الأحزاب المعنية بمشاورات تشكيل الحكومة من تكليف الجملي، تشير تقارير إعلامية محلية إلى تشكيكها في كفاءته وتورطه في شبهات فساد.
وتداولت مصادر إعلامية تونسية معلومات ذكرت أن أحزاب التيار الديمقراطي وحركة الشعب وحركة تحيا تونس وكتلة الإصلاح الوطني باشرت التثبت من بعض المعلومات المتواترة عن رئيس الحكومة.
وتروج أنباء عن عدم تحصل رئيس الحكومة المكلف على شهادة الثانوية العامة، إضافة إلى ارتباط اسمه بملف فساد يعود إلى فترة توليه منصب كاتب دولة في وزارة الفلاحة في حكومتي الترويكا الأولى والثانية (2012-2013).
والجمعة أعلن حزب النهضة ترشيح الحبيب الجملي لرئاسة الحكومة القادمة استجابة لشرط بعض الأحزاب المعنية بمشاورات تشكيل الحكومة بضرورة أن يكون رئيس الائتلاف الحاكم مستقلا.
ولا ينتمي الجملي إلى أي حزب سياسي لكن تعيينه في حكومة الترويكا التي قادتها حركة النهضة فتح باب التكهنات بوجود صلة بينهما، وعزز الاتهامات بمناورة حركة النهضة بشخصية مستقلة ظاهريا لكنها تدين لها بالولاء.
وتعهد رئيس الحكومة المكلف الأحد بالتعامل “مع كل الأحزاب بما فيها النهضة، بنفس المسافة والطريقة”، مؤكدا أنه “مستقل ولم يكن له أي انتماء حزبي في الماضي ولن يكون له في المستقبل”.
وشدد الجملي على أنه ”قادر على قول لا للنهضة”، قائلا ”هذا شرطي حين أبلغت بنيتهم تكليفي، اشترطت حرية اختيار الحكومة وأعضائها”.
وذكر أن المشاورات ستنطلق الاثنين وأنها “ستشمل الأحزاب الممثلة في البرلمان والمنظمات الوطنية وشخصيات وطنية وسياسيين من ذوي الخبرة والمجتمع المدني”.
وتعهد الجملي بأن يكون منفتحا على كل الكفاءات والأحزاب السياسية دون استثناء وكل من يرغب في المشاركة وتحسين الأوضاع الصعبة.
ويستبعد مراقبون أن تجد هذه التطمينات صدى لدى الأحزاب التونسية التي تخشى أن تواجه مصيرا مشابها للأحزاب التي خسرت قواعدها الشعبية بسبب التحالف مع النهضة.
ويرى هؤلاء أن هذا الرفض قد يقود النهضة إلى التحالف مع حزب قلب تونس الذي يتزعمه نبيل القروي وحل في المرتبة الثانية خلال الانتخابات التشريعية، إضافة إلى قائمة الكرامة المقربة من حركة النهضة.
ويستند المراقبون في هذه القراءة على شكل التصويت لرئاسة البرلمان التي فاز بها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بـ123 صوتا، ما يؤكد أنه حاز على دعم نواب قلب تونس (38)، بالإضافة إلى نواب ائتلاف الكرامة المحسوبين على النهضة وعددهم (21)، إضافة إلى أصوات النهضة (52)، مع أصوات بعض المستقلين.
وحل في المرتبة الثانية غازي الشواشي (أمين عام التيار الديمقراطي) بـ45 صوتا جمعها من كتلة حزبه وحركة الشعب وبعض المستقلين.
وشهدت الفترة التي سبقت الانتخابات والحملات الانتخابية والرئاسية تشنجا كبيرا بين النهضة والقروي وتعهد الطرفان للناخبين بعدم التحالف سوية. وساهم سجن القروي الذي ترشح للانتخابات الرئاسية في إثارة الأجواء الانتخابية واتهمت عائلته الحركة بالسعي لمنعه من خوض السباق الرئاسي، لكن إطلاق سراحه قبل يومين من الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية اعتبر بادرة حسن نية لنسيان التشنج تمهيدا لتحالف مرتقب.
ويحدد الدستور مهلة تشكيل الحكومة بشهر تمدد مرة واحدة. ومن ثم يمكن لرئيس الدولة تعيين شخصية أخرى في مدة إضافية أقصاها شهران، وفي حال عدم التوصل إلى تشكيل حكومة، فيحق للرئيس أن يحل البرلمان ويدعو إلى انتخابات مبكرة.
ويدرك الجملي صعوبة المهمة الموكلة إليه حيث يقول “من السابق لأوانه الحديث عن آجال تكوين الحكومة، لأن الأمر مرتبط بسلاسة المفاوضات، ولكن لدي أملا وحرصا على أن تكون المدة خلال شهر”.