جرائم الإخوان.. إرهاب بحاجة إلى توثيق تاريخي
منير أديب
حجم الجرائم التي ارتكبتها جماعة الإخوان الإرهابية في مصر والمنطقة العربية الفترة الأخيرة يحتاج إلى توثيق، خاصة وأن هذه الجرائم قد تفوق ما ارتكبه التنظيم خلال 90 سنة فائتة.
جرائم الإخوان ليست جنائية فقط، أي لا يمكن حصرها في عمليات القتل والتفجير، وإن كان رصد هذه الجرائم مهمًا قبل أن ينسى البعض ما اقترفته يد التنظيم الإخواني الإرهابي، الذي يدّعي بخلاف الحقيقة أنه حركة اجتماعية وتنظيم دعوي!
ارتكب “الإخوان” عشرات الألوف من الجرائم الجنائية على مر تاريخهم، سواء بالقتل المباشر أو من خلال التحريض الواضح والصريح للتنظيمات الأكثر تطرفًا، و”الإخوان” أحد هذه التنظيمات، أو أنه وفر بيئة حاضنة للمجموعات المسلحة، التي قامت بالمهمة ذاتها، والأمر كله في النهاية يعود إلى عنف الإخوان كبمدأ عام يؤمنون به.
من أهم الجرائم، التي ارتكبها تنظيم “الإخوان”، إثارة الفوضى ومحاولة إسقاط دول بأكملها عبر هذه الفوضى، صحيح حدث ذلك في التاريخ القريب، ولعل الناس قد شاهدت ذلك بأعينها، ولكن هذا لا يمنع توثيق هذه الجرائم حتى لا تُنسى مع الزمن، أو يزوّر الإخوان التاريخ كعادتهم بكتابة لا تمت إلى الواقع بصلة.
“الإخوان” تنظيم متطرف، مارس الإرهاب قديمًا وحديثًا، وقد اكتوى النّاس بممارسات التنظيم المنحازة دائمًا للعنف، ولكن الشعوب وقعت في إشكاليتين، أولاهما أنها لم توثق جرائم الإخوان التوثيق اللازم، فضلًا عن أن التنظيم نجح من جانب آخر في كتابة ما يريد، فأزال منه ما يتصور أنه يُغضب الشعوب ويثير حفيظتها ضده، لكن بقي ما رآه الناس من الإخوان في السنوات الأخيرة دليلا دامغا على إجرامهم.
لم يتبرأ تنظيم “الإخوان” الإرهابي من العنف عندما كتبت عناصره تاريخهم المزوَّر، الذي تملأ الجريمة فيه صفحات لموسوعات ينوء برصدها عصبة من الباحثين.
لقد ظهر أثر الإخوان المدمر في أوطانهم، التي عانت من فوضاهم بالقتل والفساد والتخريب وتشتيت المجموع ودس الأفكار المسمومة، التي ترتدي ثوب الدين زيفا لتحقيق أغراض دنيوية.. يعلّمون الناس المراوغة والتلاعب بكل شيء، حتى أقدس ما أنزلته السماء ينزلون به إلى مراتب دنياهم، فلا يتورعون عن استخدام كل وأي وسيلة في سبيل كرسي الحكم، فلا حرمة دم تمنعهم ولا تخريب أوطان يجعلهم يُراجعون حساباتهم.. هم خارج فكر الوطن وخارج فكر الشعب.. هم شعب داخل الشعب وسواهم يستحقون القتل في نظرهم.. هم الصح الأوحد والتدين الأوحد.. هم بذور الفرقة والاجتماع على باطل يظنونه حقا.. هم الجريمة الكاملة التي تتشعب إلى سلسلة جرائم في الدين والدنيا، لا تُحصى ولا تنتهي آثارها في قلوب الشعوب وتاريخ الأوطان.
لا نقلل من حجم الكتابات، التي تعرضت لجرائم الإخوان، ولكنها كُتبت على استحياء، وكانت نثارًا لم تؤدِّ الغرض منها، إذ اقتصرت على الرصد دون تحليل، وتناولت فترة بين فترات عنف الإخوان الكثيرة والمتنوعة.
ونهدف من هذا التوثيق المطلوب لجرائم الإخوان إلى الوقوف أمام محاولات التنظيم الدائمة طمس الحقائق، وإنعاش الذاكرة التي امتلأت بإرهاب الجماعة قبل أن يجرفها النسيان ومحاولات التجمُّل بالمساحيق الإخوانية، فضلا عن تفنيد فقههم الكذوب وتأويلاتهم المريضة ودوافعهم المفككة لارتكاب الجريمة ضد شعوب تعيش آمنة مؤمنة، لا تحتاج إلى مَن يعلمها “الدين الإخواني”، الذي استلهمت منه تنظيمات الإرهاب كل شرائعها الدموية.
الجمع الغفير من الكتاب والباحثين مَدعوّ إلى الكتابة في تاريخ الإخوان، طبقا لحجم جرائمهم الوفيرة، والتي لن تحتاج إلى عناء في جمعها، بل تحتاج إلى جهود مخلصة في تفكيكها وتفنيد ما وراءها من آثام، بعزيمة مشروع توثيق يمكن الرجوع إليه بسهولة في أي زمن قادم لا يستطيع فيه الإخوان الهروب من حقيقتهم العارية.