حركة النهضة الإخونجية تسعى للتنصل من فشل مفاوضات تشكيل الحكومة التونسية
قرّر رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي تشكيل حكومة كفاءات بعد انسحاب عدة أحزاب من المفاوضات وفشل المشاورات التي تواصلت لأكثر من شهر دون الوصول إلى أي توافق.
وقال الحبيب الجملي في مؤتمر صحافي “أعلن من الآن أني سأشكل حكومة كفاءات وطنية مستقلة على كل الأحزاب ومقياسي هو الكفاءة والنزاهة والقدرة على التسيير”.
ووضع انسحاب عدة أحزاب كانت معنية بمشاورات تشكيل الحكومة المقبلة، حركة النهضة الإخونجية في موقف محرج، حيث تمحورت الخلافات حيال توزيع الحقائب الوزارية ومهام الحكومة المقبلة على ضوء تطورات الوضع في البلاد.
وبين الجملي أن هناك “تجاذبات” بين الأحزاب حالت دون التوصل إلى توافقات بخصوص تشكيل الحكومة، وقال “داخل الأحزاب هناك آراء مختلفة وتصورات مختلفة هذا زاد المشهد صعوبة كبيرة، هذا الشق له رأي والآخر له رأي آخر”.
وأكد الجملي أن “هناك أحزاب قدمت شروطا كبيرة” لم يحددها، عرقلت مسار المشاورات.
ويعد لجوء الجملي إلى تشكيل حكومة كفاءات، فشل جديد لحركة النهضة في عقد تحالفات مع أحزاب سياسية أخرى بهدف التسريع في تشكيل حكومة مدعومة بحزام سياسي قوي أمام معارضة قوية داخل أروقة البرلمان التونسي.
وتسعى النهضة من خلال تشكيل حكومة تكنوقراط إلى التنصل من أي مسؤولية مباشرة في صورة فشل الحكومة، حيث عمدت الحركة إلى الحكم من وراء ستار وذلك على خلفية تجربة الترويكا الفاشلة.
وعمق أزمة تشكيل الحكومة في تونس، انسحاب كل من “التيار الديمقراطي” (22 نائبا) وحركة “الشعب” (15 نائبا)، ثاني أكبر الكتل في البرلمان (من مجموع 217 نائبا) من المشاورات معلّلين ذلك بعدم الحصول على حقائب وزارية أو “غياب الجدية”.
ويجب تشكيل حكومة ويصادق عليها البرلمان بأكثر من 109 أصوات لتجد حلولا عاجلة للأزمة الاقتصادية في البلاد في أقرب وقت ممكن.
ولم تسعف المهلة الدستورية الأوليّة التي منحها الدستور للجملي في إتمام مهمته التي تم تمديدها شهرا إضافيا ما ينذر بمهمة صعبة وسط دعوات بالتسريع لأنه إذا فشل في مهامه فسيكلف الرئيس شخصية أخرى مستقلة بالمهمة.
ويرى مراقبون أن الوضع الاقتصادي المأزوم وتزايد الضغوط مع اقتراب مواعيد تسديد الديون الخارجية لا يحتمل المزيد من تأجيل الإعلان عن تركيبة الحكومة الجديدة كي تباشر أعمالها لفض الكثير من المشكلات العالقة.
وواجهت المشاورات منذ بدايتها تعقيدات كثيرة، إذ إن نتائج الانتخابات لم تفرز أغلبية صريحة للنهضة (52 مقعدا) أمام منافسه الليبرالي قلب تونس (38 مقعدا) كما تفتقد العلاقات بين باقي الأحزاب التجانس السياسي.
وكلّف الرئيس التونسي قيس سعيد منتصف نوفمبر الفائت الخبير في المجال الزراعي الحبيب الجملي تشكيل حكومة جديدة ضمن مهلة لا تتجاوز شهرين بعدما أعلن حزب “النهضة” ذو المرجعية الإسلامية ترشيح الأخير لتولي المنصب.
فقد أفرزت الانتخابات النيابية منتصف أكتوبر الفائت “فسيفساء” من الأحزاب يتقدمها “النهضة” الإخونجي (52 نائبا) يليها حزب “قلب تونس” الليبيرالي (38 نائبا) والذي اختار البقاء في المعارضة.
ولم تستطع البلاد منذ ثورة 2011 تجاوز الضغوط الاقتصادية وركزت الطبقة السياسية اهتماماتها أكثر على تأمين الانتقال الديمقراطي السياسي بينما تأجلت الإصلاحات الاجتماعية مع تفاقم المطالب المعيشية.