حكومة هونغ كونغ تمنع ارتداء الأقنعة خلال التظاهرات
أعلنت رئيسة السلطة التنفيذية في هونغ كونغ كاري لام الجمعة منع ارتداء الأقنعة خلال التظاهرات، مستندة لأول مرّة منذ 52 عامًا إلى سلطات تُمنح في حالات طوارئ تعود إلى حقبة الاستعمار البريطاني، في خطوة أشعلت فوراً موجة جديدة من الاحتجاجات ودعوات لتحدّي القانون الجديد.
وأوضحت لام أنها أصدرت الأمر بموجب “قوانين أنظمة الطوارئ”، وهو نص شامل يسمح لها بسن أي قانون في أوقات الطوارئ أو الخطر العام.
وقالت “نعتقد أن القانون الجديد سيكون له أثر ردعي على المتظاهرين العنيفين ومثيري الشغب الملثمين وسيساعد الشرطة في مهمتها لحفظ النظام”.
وفور الإعلان عن القانون، أقام متظاهرون ملثمون حواجز في قلب الحي التجاري في هونغ كونغ ونظّموا تظاهرات خاطفة في عدة أحياء أخرى.
وفي إحدى التجمّعات، أنزل متظاهرون لافتة تحتفل بذكرى مرور 70 عامًا على حكم الحزب الشيوعي في الصين وأحرقوها.
وامتلأت المنتديات التي يستخدمها المتظاهرون على الإنترنت بردود فعل غاضبة ودعوات للخروج إلى الشوارع خلال الأيام الثلاثة المقبلة.
وقالت موظفة تبلغ من العمر 34 عامًا ارتدت قناعًا جراحيًا وعرّفت عن نفسها باسمها الأول ماري “الشباب يخاطرون بحياتهم، لا يهمهم إن تم سجنهم لعشر سنوات، ولذا فلا مشكلة لديهم في ارتداء الأقنعة”.
وأعربت بكين الجمعة عن دعمها للحظر الذي اعتبرته “ضروري للغاية” وأصرّت على أنه لا يشكّل انتهاكًا للحريات في هونغ كونغ.
وقال المتحدث باسم مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو في الحكومة الصينية المركزية يانغ غوانغ إنه “لا يمكن أن تستمر الفوضى الحالية في هونغ كونغ إلى ما لا نهاية”.
وأضاف “إنها لحظة مهمة لوقف العنف عبر موقف أوضح وإجراءات أكثر فعالية”.
ورأى معارضوا لام أن إعلانها هو خطوة كبيرة باتّجاه الاستبداد في هونغ كونغ، التي حكمتها الصين استنادا إلى مبدأ “بلد واحد ونظامين” منذ انتهاء الحكم الاستعماري البريطاني في 1997.
واعتبرت النائبة كلاوديا مو أن الإعلان “نقطة تحوّل. أنا قلقة من أن هذه قد لا تكون إلا البداية. قد نكون أمام قرارات حظر أخرى باسم القانون”.
بدوره، اعتبر الناشط البارز المدافع عن الديموقراطية جوشوا وونغ أن القانون “يشكّل بداية نهاية هونغ هونغ”.
وقال: “من دواعي السخرية أن تستخدم حكومة هونغ كونغ والحزب الشيوعي الصيني سلاحًا من الحقبة الاستعمارية”.
واستُخدم القانون آخر مرّة خلال أعمال الشغب في 1967، وهي فترة شهدت مقتل أكثر من 50 شخصًا في سلسلة عمليات قتل وتفجيرات نفّذها يساريون واستمرت لمدة عام.
وأشعل مشروع قانون ألغي لاحقًا كان سيسمح بتسليم المطلوبين إلى البر الصيني الرئيسي التظاهرات في هونغ كونغ خلال الصيف.
وبعدما اتّخذت بكين والقادة المحليون موقفًا متشدداً، رفع المحتجون سقف مطالبهم فدعوا إلى مزيد من الحريات ومحاسبة الشرطة.
واستخدم المتظاهرون الأقنعة لتجنّب التعّرف على هوياتهم وارتدوا أجهزة تنفّس لحماية أنفسهم من الغاز المسيل للدموع.
وجاء الحظر بعدما هزّت أسوأ موجة عنف تعصف بهونغ كونغ هذه السنة المدينة الثلاثاء، تزامنًا مع احتفال الصين بذكرى مرور 70 عامًا على حكم الحزب الشيوعي.
واندلعت صدامات في الشوارع تواصلت لساعات بين الشرطة ومتظاهرين متشددين.
وتعرّض مراهق كان ضمن مجموعة هاجمت الشرطة بواسطة مظلّات وعواميد لإطلاق نار في صدره، في أول حادثة من نوعها منذ انطلقت الاحتجاجات.
وينص القانون الجديد، الذي قالت لام إن سيدخل حيّز التنفيذ منتصف الليل، على سجن أي شخص يرتدي قناعًا في تظاهرات مرخّصة أو غير مرخّصة لمدة تصل إلى عام.
ولا يزال بإمكان الناس ارتداء الأقنعة في الشوارع، لكن عليهم نزعها في حال طلبت الشرطة ذلك.
وهناك استثناءات لأسباب دينية أو طبّية وللأشخاص الذين تقتضي وظائفهم ارتداء أقنعة على غرار الصحافيين.
وأفادت لام أنها لا تستبعد سن مزيد من القوانين المبنية على أنظمة الطوارئ إذا ازداد منسوب العنف.
ورحّبت جمعيات الشرطة والنوّاب المؤيدين للصين بالحظر.
ولا يزال من غير الواضح إن كان سيتم فعلاً تطبيق الحظر على ارتداء الأقنعة وسط شكوك بشأن كيفية السيطرة على حشود كبيرة ترتدي الأقنعة.
وحتى المتظاهرين الذين يعدّون أكثر اعتدالاً أبدوا استعداداً لخرق القانون فخرجوا في تظاهرات غير مرخّصة شارك فيها عشرات الآلاف.
وتسببت عمليات التوقيف والتفتيش التي نفّذتها الشرطة بتجمّع الحشود الغاضبة للتلاسن مع عناصر الأمن والدخول في صدامات معهم.
وقال استاذ القانون في جامعة هونغ كونغ سايمن يانغ إن حظر الأقنعة قد يردع بعض المعتدلين من الخروج إلى الشوارع.
وقال: “لكن بإمكانه كذلك أن يدفع المزيد من الناس للخروج لأنهم يشعرون بالحاجة للاحتجاج على ممارسة السلطة التنفيذية”.