حلفاء أردوغان يتركونه في عين العاصفة
الانشقاقات تضرب الحزب الحاكم في تركيا
كانت استقالة كبير مستشاري أردوغان، بولنت أرينتش، القيادي بالحزب الحاكم وأحد مؤسسيه، من المجلس الاستشاري الأعلى، قبل يومين، آخر الضربات القوية التي تلقاها رئيس النظام التركي وأحدثت عاصفة داخل هذا النظام، وبات يقينا لدى حلفاء أردوغان، أن سفينته تهالكت وتوشك على الغرق.
فقد بدأ رجالاته يقفزون من المركب الواحد تلو الآخر، طلباً للنجاة، ليصبح الأمر وكأنه تسونامي انشقاقات واستقالات يضرب ” حزب العدالة والتنمية” ليستمر تساقط رجالات الحزب الحاكم الذي يعاني منذ فترة من اضطرابات ناجمة عن رفض عدد من قياداته ورموزه لسياسات نظام أدخل البلاد في نفق مظلم.
وقدم بولنت أرينتش، الثلاثاء، استقالته من المجلس الاستشاري الأعلى للرئيس التركي بعد ساعات من انتقاد أردوغان له بعد أن طالبه مستشاره بالإفراج عن قادة المعارضة في البلاد.
نزيف من الانشقاقات تعمقه انتكاسات متتالية لنظام أردوغان، بدءا من الأزمة الاقتصادية التي فاقمها فيروس كورونا، في مؤشرات هبطت بشعبية الرئيس ومعقله، وفق ما تؤكده استطلاعات للرأي.
تهاوٍ يأتي أيضا على وقع انتقادات حادة يوجهها رفقاء سابقون لأردوغان باتوا اليوم في مصاف المعارضة، متهمين إياه بحملات قمع للحريات، واستغلال أزمة كورونا في هذا السياق وكذلك جر البلاد إلى صراعات وعداءات تسببت في انهيار الاقتصاد.
فمن السياسي المخضرم ورئيس الوزراء الأسبق، أحمد داود أوغلو، مرورا بالعقل الاقتصادي ووزير الاقتصاد الأسبق “علي باباجان” وصولا إلى “بولنت أرينتش”، بات أردوغان يخسر مقربيه كما هو الحال في إدارته للبلاد التي أصبحت عدائية مع جميع جيرانها.
ومن القيادات إلى القواعد، لا يمر شهر إلا بالإعلان عن استقالات بالجملة كان أحدثها ما كشفه الصحفي التركي المعروف أوقطاي ياشار، عن قيام 220 عضوا بفرع الحزب في مدينة مرسين جنوبي البلاد، بتقديم استقالتهم.
وبات أردوغان بحاجة لمعجزة داخلية لتجاوز الصعوبات والتحديات الداخلية خاصة بعد أن تركه أصدقاء وحلفاء الأمس.
الاستقالة اعتبرها الخبير المصري في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي)، بشير عبد الفتاح، أمر طبيعي ومتوقع في ظل السياسات العدوانية التي يتبعها أردوغان.
وأضاف عبد الفتاح: “ما حدث أمر طبيعي ومتوقع.. والاستقالة ستؤدي لمزيد من التصدع والانشقاق داخل الحزب، حيث ستشجع الكثير من المترددين؛ على إعلان انشقاقهم قريبا”.
وأوضح أن أرينتش له تيار داخل الحزب سواء أعضاء بالبرلمان، أو حتى من خارجه، وخروجه سيفتح الباب أمام الكثير منهم لإعلان استقالاته”.
وأشار إلى أن مسلسل الانشقاقات سيستمر بعد أن انحرف أردوغان بحزب العدالة والتنمية عن النهج الذي قام على أساسه، وبات كسفينة غارقة، يسعى الكثير إلى القفز منها حتى لا يغرقوا معها.
ورأى عبد الفتاح أن أرينتش وعددا آخر من مؤسسي الحزب كانوا مصدر إزعاج لأردوغان؛ وسعى للتخلص منهم، لمطالبهم المستمرة له بالتمسك بنهج الحزب والتخلي عن أوهام الخلافة، وعدم البقاء في السلطة لأطول مدى زمنى وإفساح المجال لتداول السلطة.
ونبه إلى مكانة أرينتش حيث يعد أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، وكان نائبا لرئيس الوزراء، وتولى منصب نائب رئيس الحزب، ويعد من الشخصيات المركزية سواء في الحزب، أو الحكومة الحالية، أو النخبة السياسية في البلاد.
ولم يستبعد الخبير المصري إعلان “أرينتش” تأسيس تيار أو حزب سياسي جديد قريبا، وذلك على غرار ما فعله داود أوغلو وباباجان، أو قد ينضم لأحد الأحزاب المعارضة.
وأرينتش سياسي تركي من مواليد 25 مايو/أيار 1948، شغل منصب رئيس مجلس النواب بين عامي 2002 -2007، كما شغل منصب نائب رئيس الوزراء بين عامي 2009 – 2015، والمتحدث باسم الحكومة، وهي فترة كان يتولى فيها أردوغان رئاسة الوزراء.
ويعتبر أرينتش قياديا بحزب العدالة والتنمية، وأحد أعضاء لجنته التأسيسية بجانب أردوغان، والرئيس السابق، عبد الله غول، وظل عضوًا بالبرلمان منذ العام 1996 حتى العام 2015.
الأوبزرفر العربي