خلافات كبيرة في صفوف إخونجية المغرب بعد اتفاق التطبيع مع إسرائيل
اتخذ حزب العدالة والتنمية الإخونجي في المغرب، قراراً بتأجيل الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب التي كانت مبرمجة يوم الأحد الماضي، إلى موعد لاحق، على خلفية حالة الغضب التي يعيشها الحزب لمشاركة أمينه العام سعد الدين العثماني في حفل توقيع اتفاق السلام مع الوفد الإسرائيلي.
وأكدت مصادر من داخل الحزب أن تأجيل المؤتمر أتى بعد ضغوط من الأمين العام للحزب وقيادات وازنة، وذلك بمبررات موضوعية تولي الأولوية لمصلحة الحزب ومستقبله حتى لا يتعرض لأي هزة داخلية تزعزع توازنه وتفقده ثقة الدولة والشركاء الدوليين.
وتعالت أصوات كثيرة داخل الحزب تطالب بإقالة العثماني بعد التوقيع على إعلان استئناف العلاقات مع إسرائيل بصفته رئيسا للحكومة.
ولكي يخفّ الضغط على العثماني، أكدت قيادات الحزب على أن إلغاء دورة المجلس الوطني ضرورة سياسية إلى جانب أن حرية إبداء الرأي مكفولة داخل حزب المؤسسات القرار فيه ملزم رغم تعدد الآراء.
وبخصوص دواعي قرار التأجيل أشار إدريس الأزمي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إلى أن قرار التأجيل اتخذ في النهاية بالأغلبية، مشددا على أنه بالنظر إلى التطورات الأخيرة من الأفضل تأجيل هذه الدورة إلى موعد لاحق، بما يوفر الوقت الكافي لاستيعاب هذه التطورات وإنضاج شروط نقاش هادئ داخل مؤسسات الحزب.
وأثارت مشاركة العثماني ردود فعل غاضبة داخل الحزب الذي ينظر إليه على أنه ممثل لإخونجية المغرب، ولدى قيادات التنظيم في الشرق، خاصة أن أمين حزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران سبق أن اعتبر أن “التطبيع خيانة عظمى” في تعليق ضمني على الاتفاق الثلاثي بين الإمارات والبحرين وإسرائيل.
وأكدت شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، أن قرار تأجيل الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية هو استدراك للتسرع في الدعوة إلى عقد هذه الدورة التي جاءت بشكل انفعالي ومتسرع، وخصوصا أن مآلات هذه الدورة كانت تتأرجح بين خيارين أحدهما أصعب من الثاني بالنسبة إلى الحزب.
وأوضحت لموير، أن المؤتمر كان أمام حالتين: إما دعم موقف العثماني بما يناقض مبادئ الحزب، أو رفض هذا الموقف والتشبث بشعارات منتسبي الحزب على حساب الوطن، ما من شأنه إعادة طرح العديد من الأسئلة خصوصا أولوية منطق الجماعة قبل الوطن، وهو منطق ما زال الحزب يتعامل به حتى وهو يقود الحكومة.
ولطالما اعتبر حزب العدالة والتنمية الإخونجي، أن التطبيع مع إسرائيل خط أحمر ولا يمكن تجاوزه، ولهذا خرجت قواعد وبعض قيادات الحزب لإلقاء المسؤولية على عاتق العثماني. وكان هؤلاء ينتظرون عقد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب كي يحاكموا الرجل الأول في الحزب متجاوزين كل الاعتبارات السياسية والتنفيذية التي تحكم موقع العثماني وحزبه داخل الحكومة.
واعتبر مراقبون أن الحزب يعتمد على أفق ضيق، حيث أن موقف رئيس الحكومة يصطدم هذه المرة بأدبيات الحزب الإخواني الذي يقتات من موضوع القضية الفلسطينية كشأن عدد من التنظيمات الإخوانية الأخرى.
وأكدت لموير أن العثماني عبر عن موقف رجل دولة وليس رجل التنظيم السياسي الذي يحرّم أي علاقة مع إسرائيل، وأن تحميله مسؤولية الخروج عن مبادئ الحزب هو بمثابة تحميله ما لا طاقة له به، ولعل هذا ما جعله يلوّح بالاستقالة من الأمانة العامة للحزب.
وقال عبداللطيف سودو، نائب عُمدة سلا، والقيادي في حزب العدالة والتنمية، أن موقف حزبه هو أنه ضد التطبيع، مشددًا على أن “العثماني الأمين العام هو ضد التطبيع لكن كرئيس للحكومة فهو مضطر إلى نهج سياسة الدولة”.
ولفت الأستاذ الجامعي عمر الشرقاوي إلى أنه طيلة عقدين من إدماج الإخونجية في المؤسسات والموافقة على التحاقهم بحزب قائم، لا يزال إخونجية العثماني يجدون صعوبة في التأقلم التام مع وضعهم كرجال دولة وليس رجال دعوة، ويواجهون مشاكل حقيقية في التحول من تنظيم دعوي إلى حزب سياسي رغم محاولات الفصل والتمييز بين الدعوي والسياسي.
الأوبزرفر العربي