رئيس حكومة الوحدة الليبية يبدأ جولة أوروبية
يصل رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة، اليوم الثلاثاء، إلى فرنسا لإجراء مباحثات مع رئيسها إيمانويل ماكرون، تهدف إلى تعزيز التعاون في مواجهة الأزمات الراهنة في ليبيا، خاصة ملف انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية، فضلا عن قضايا الأمن ومستقبل العملية الانتخابية في البلاد.
ويرافق الدبيبة في جولته الأوروبية وفد وزاري كبير تقوده وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، ما يعني أن هذه الزيارة تحمل كذلك طابعا اقتصاديا.
وتوقع الباحث السياسي المتخصّص في الشأن الليبي كامل عبد الله، أن يناقش الدبيبة مع ماكرون والمسؤولين الفرنسيين قضايا الأمن وملف المرتزقة الأجانب إلى جانب الوجود العسكري التركي في ليبيا، وملف الانتخابات القادمة المقررة نهاية العام الحالي، مضيفا أن الزيارة تهدف كذلك إلى تعزيز الشراكة بين البلدين مع تركيز خاص على قطاع الطاقة.
تأتي زيارة الدبيبة هذه بعد يوم فقط على زيارة مماثلة إلى إيطاليا، حيث التقى نظيره ماريو دراغي واتفقا على تعزيز التعاون الأمني في مجال الهجرة غير الشرعية والاقتصادي خاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية، وهو ما يعكس حالة التنافس بين روما وباريس على تعزيز علاقتهما مع السلطة الجديدة، ودعم أدوارهما في ليبيا.
توحيد الموقف الأوروبي
لكن المحلل كامل عبدالله، اعتبر أن زيارة الدبيبة إلى إيطاليا وفرنسا تندرج في إطار محاولة الأوروبيين توحيد موقفهم إزاء الملف الليبي، لاستدراك ما تسببت فيه السياسات الأحادية خلال السنوات الماضية والتي أفقدتهم الكثير وأرجعتهم إلى الوراء في ليبيا لصالح النظام التركي وروسيا، لكنه رأى في الوقت عينه أن غياب السياسة الأوروبية الموحدة بشأن ليبيا لا يزال قائما رغم الجهود الدبلوماسية لإعادة توحيد الجهد الأوروبي في القضية الليبية، بسبب تضارب المصالح.
ولم ينف المتحدث نفسه وجود خلاف وتنافس أوروبي حول ليبيا يتعلّق بترتيب الأولويات على أجندة السياسة الأوروبية بشأن قضايا الأمن والهجرة والطاقة، وهو ما يجعل الدول الأوروبية في حالة تنافس مستمرة.
ففيما تعتبر قضية الهجرة لها الأولوية على أجندة السياسة الإيطالية، تتصدر قضيّة الأمن اهتمام فرنسا، بينما يحتل ملف الطاقة صدارة السياسة الألمانية.
إغراءات اقتصادية
أما بخصوص تعامل القيادة السياسية الجديدة في ليبيا مع هذا الخلاف الأوروبي حول الأزمة الليبية، فقال عبدالله، إن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة يحاول أن يتعامل بمرونة مع هذه القوى، من خلال محاولة تقديم إغراءات ذات طابع اقتصادي لها، لتجنب التأثير السلبي لهذه الخلافات على مستقبل عملية السلام في البلاد.
يذكر أن فرنسا أعادت نهاية شهر مارس الماضي، سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس، بعد 7 سنوات من الإغلاق، بسبب تدهور الوضع الأمني خلال تلك الأعوام، بعد أسبوع على زيارة أداها رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى فرنسا ولقائه رئيسها إيمانويل ماكرون، وذلك في مسعى لدعم تواجدها في ليبيا.
وتعتبر فرنسا من أهمّ الدول الفاعلة في الملف الليبي منذ رحيل نظام معمر القذافي الذي قادت عملية إسقاطه عام 2011، لما لها من نفوذ واستثمارات ضخمة في البلاد خاصة في قطاعي النفط والغاز، عن طريق شركة توتال التي تستحوذ على حقوق التنقيب في عدد من الحقول النفطية بليبيا، لكنّها تواجه منافسة شرسة مع إيطاليا التي تعد الشريك التقليدي لليبيا، ومزاحمة من تركيا التي لا تزال لديها مشاريع واستثمارات عالقة وقعتها مع نظام معمر القذافي تقدرّ بعشرات المليارات، تطمح لمضاعفتها خلال الفترة القادمة.