رداً على قرارات طالبان… المنظمات الإغاثية تعلّق أنشطتها في أفغانستان
رداً على قرارات حركة طالبان التي تصادر حقوق النساء الأفغانيات، أعلنت عدد من المنظمات الإغاثية الأجنبية، اليوم الأحد، تعليق عملها في أفغانستان.
وجاء في البيان المشترك صادر عن ثلاثة منظمات إغاثية هي: “أنقذوا الأطفال” “سيف ذي تشلدرن” والمجلس النرويجي للاجئين، و”كير”، “بانتظار اتضاح الصورة بشأن هذا الإعلان، سنعلق برامجنا مطالبين بمواصلة الرجال والنساء وبشكل متساوٍ تقديم مساعداتنا التي تنقذ الأرواح في أفغانستان”.
وكانت حركة طالبان قد أصدرت السبت أوامر إلى المنظمات غير الحكومية في أفغانستان تمنعها فيها من تشغيل النساء، دون تحديد ما إذا كان هذا يشمل العاملات الأجنبيات. وبررت الحركة القرار بعدم اتباع الموظفات قواعد اللباس المناسبة بما يشمل الحجاب، وهددت بتعليق تراخيص المنظمات التي لا تنفذ القرار. وأثارت الخطوة تنديدات المجتمع الدولي ومخاوف من أثرها على إيصال المساعدات، وتأتي ضمن سلسلة قرارات اتخذتها الحركة تقيد فيها حرية وحقوق النساء في البلاد.
تراخيص المنظمات غير الحكومية
وأعلنت وزارة الاقتصاد في حكومة حركة طالبان بأفغانستان أن السلطات أمرت جميع المنظمات غير الحكومية بإيقاف عمل موظفاتها في أفغانستان لعدم اتباعهن قواعد اللباس المناسبة بما يشمل الحجاب.
وتحمل التوجيهات التي أثارت تنديدات دولية خطر تعليق تراخيص المنظمات غير الحكومية التي تفشل في تطبيقها.
وقالت وزارة الاقتصاد المسؤولة عن الموافقة على تراخيص المنظمات غير الحكومية العاملة في أفغانستان في رسالة اطلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية وأكد ناطق باسم الوزارة صحتها لوكالة الأنباء الفرنسية “وردت شكاوى جدية بشأن عدم الامتثال للحجاب وغيره من القواعد واللوائح المتعلقة بعمل المرأة في المنظمات المحلية والدولية”.
وأضافت الوزارة في رسالتها الموجهة إلى المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية، أنه “في حالة إهمال التوجيه… يلغى ترخيص المنظمة”.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت هذه التوجيهات ستؤثر على العاملات الأجنبيات في المنظمات غير الحكومية.
وأكدت منظمتان غير حكوميتين تحدثت معهما وكالة الأنباء الفرنسية، تلقيهما الرسالة من الوزارة.
وقال مسؤول كبير في منظمة دولية تشارك في العمل الإنساني في عدة مناطق نائية في البلاد لوكالة الأنباء الفرنسية مشترطا عدم الكشف عن هويته، “نعلق جميع أنشطتنا اعتبارا من الأحد”. وأضاف “سنعقد قريبا اجتماعا لكبار المسؤولين من جميع المنظمات غير الحكومية لتقرير كيفية التعامل مع هذه القضية”.
كذلك، قال مسؤول آخر يعمل في منظمة دولية غير حكومية معنية بتوزيع المواد الغذائية، إن الحظر “ضربة كبيرة للموظفات”.
وأضاف “لدينا عدد كبير من الموظفات لمعالجة المخاوف المتعلقة بالمساعدات الإنسانية للنساء الأفغانيات”، متسائلا “كيف نعالج مخاوفهن الآن؟”.
وتعمل عشرات المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية في عدة قطاعات في مختلف المناطق النائية في أفغانستان، كما أن العديد من الموظفين فيها هم من النساء.
إقصاء المرأة
وقالت منظمة العفو الدولية قائلة إن الحظر “محاولة مؤسفة لإقصاء المرأة من المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية” في أفغانستان.
وأفادت لجنة الإنقاذ الدولية في بيان بأن موظفاتها في أفغانستان اللواتي يتجاوز عددهن 3000 امرأة “أساسيات لتوزيع المساعدات الإنسانية” في البلاد.
الاتحاد الأوروبي
بدوره، دان الاتحاد الأوروبي الذي يعد من أبرز الجهات الممولة للمنظمات الإغاثية العاملة في أفغانستان على الرغم من عدم اعترافه بحكومة طالبان رسميا القرار وأكد أنه يقيم “تأثيره على تقديمنا للمساعدات ميدانيا”.
وقالت نبيلة مصرالي، الناطقة باسم مسؤول الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل “يبقى شاغلنا الرئيسي رفاه وحقوق وحريات الشعب الأفغاني”.
يأتي هذا الإعلان بعد أربعة أيام فقط من قرار حكومة طالبان منع الأفغانيات من الالتحاق بالجامعات العامة والخاصة إلى أجل غير مسمى.
وبرر وزير التعليم العالي ندا محمد نديم القرار بعد يومين من اتخاذه، بـ”عدم التزام الطالبات التعليمات بشأن الحجاب”.
وقال “الحجاب إلزامي في الإسلام”، في إشارة إلى إلزامية تغطية رأس المرأة ووجهها وجسدها بالكامل في أفغانستان.
وأشار الوزير إلى أن الفتيات اللواتي كن يدرسن في محافظة بعيدة عن منزلهن “لم يسافرن مع محرم، رفيق ذكر بالغ”.
احتجاجات
عبرت إحدى العاملات في منظمة غير حكومية عن صدمتها بسبب هذا القرار. وقالت لوكالة الأنباء الفرنسية مشترطة عدم الكشف عن هويتها “ماذا ستفعل النساء اللواتي ليس لديهن رجال لإعالة أسرهن ويعملن في مثل هذه المنظمات غير الحكومية؟”.
وأضافت “فقط هذا الراتب هو الذي منعنا من الوقوع في براثن الفقر”.
السبت، قاطع نحو 400 طالب من قندهار، مهد الحركة الإسلامية المتشددة، امتحاناتهم تضامنا مع زميلاتهم النساء، كما تظاهروا في الشارع. وقال أستاذ في جامعة مرويس نيكا طالبا عدم الكشف عن هويته، إن طالبان فرقت المظاهرة وأطلقت النار في الهواء. واحتجاجات الرجال نادرة للغاية في أفغانستان.
وشكلت القرارات الأخيرة صدمة في البلاد، خصوصا للشابات الأفغانيات المستبعدات من المدارس الثانوية، كما أثار إدانة دولية.
وعلى الرغم من تعهد حركة طالبان بعد عودتها إلى السلطة في آب/أغسطس 2021، بإبداء مرونة أكبر، إلا أنها سرعان ما عادت إلى تفسيرها المتشدد جدا للشريعة الذي طبع حكمها بين 1996 و2001.
منذ 16 شهرا، زادت حركة طالبان التدابير المقيدة للحريات، لا سيما في حق النساء اللواتي استبعدن تدريجا من الحياة العامة وأقصين من المدارس الثانوية.
وقال عدد من المسؤولين في طالبان إنه لم يكن هناك عدد كاف من المدرسين أو المال، وإنه سيعاد فتح المدارس بمجرد تطوير منهج إسلامي.
واستبعدت النساء أيضا من غالبية الوظائف العامة أو أعطين أجورا زهيدة لحضهن على البقاء في المنزل.
ولم يعد يحق للنساء السفر من دون رجل من العائلة وينبغي عليهن ارتداء البرقع.
وفي نوفمبر، حظرت الحركة على النساء ارتياد المتنزهات والحدائق وصالات الرياضة والمسابح العامة.