ضربة لتوافق المجلس الرئاسي… إخونجية اليمن يعرقلون عودة المجالس المحلية
أعلن إخونجية اليمن رفضهم لعودة نظام المجالس المحلية للحكم، والتي شكلت لعقود تجربة فريدة بمجال الإدارة والتنمية المحلية القائمة رسمياً وشعبياً في البلاد.
ويعتبر رفض حزب التجمع اليمني الإصلاح، التابع لتنظيم الإخونجية، للعمل بنظام المجالس المحلية ضربة لتوافق المجلس الرئاسي، كما يبقي الدولة اليمنية بلا ملامح وهوية داخلية إدارية.
وقال مصدر حكومي، فضل عدم ذكر اسمه، إن توجيهات صدرت قبل أيام لمحافظ تعز نبيل شمسان قضت بدعوة أعضاء الهيئة الإدارية للمجلس المحلي للاجتماع وذلك بموجب قرار رئيس الوزراء اليمني رقم 52 لسنة 2022.
وذكر المصدر، أن الخطوة قوبلت برفض إخونجي شديد، حيث تحرك كبار قيادات التنظيم للضغط على رئيس المجلس الرئاسي لعرقلة عودة المجالس المحلية تزامنا مع حملة إعلامية هاجمت محافظ تعز وهددت باقتحام مقره بزعم إعادة “المتحوثين”.
وبرر إخونجية اليمن موقفهم الرافض لعودة المجالس المحلية في محافظتي (تعز ومأرب) أنها تتعارض مع فوضى 2011 التي دفعت بهم إلى سدة الحكم وأنها تعيد رموز النظام السابق (أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام) إلى السلطة مجددا.
لكن خبراء يمنيين قالوا في تصريحات صحافية، إن موقف حزب الإصلاح الإخونجي الرافض لتفعيل المجالس المحلية يأتي في سياق توجه التنظيم بهدف عرقلة المجلس الرئاسي من تفعيل مؤسسات الدولة، حيث يسعى التنظيم لإبقاء حالة الفوضى كمصدر للفساد والنهب والاستئثار بالسلطة والعبث بمواردها.
تجربة المجالس المحلية في اليمن
ولدت المجالس المحلية من رحم الدولة الوطنية في اليمن، وحققت لدى نشأتها قدرا مقبولا في إنجاز المشاريع الزراعية والخدمية، كما حظيت تجربتها برعاية كبيرة من الحكومة اليمنية باعتبارها إحدى الخطوات السليمة لبناء تجربة ديمقراطية وفق أسس وطنية.
ويتألف المجلس المحلي في كل محافظة بما لا يقل عن (15) عضوا بمن فيهم رئيس المجلس. وتمثل المديريات التابعة للمحافظة تمثيلا متساويا بواقع عضو واحد عن كل منها، وفق قانون رقم (4) لسنة 2000.
ويشكل نظام المجالس المحلية العامل بالمحافظات المحررة باستنثاء تعز ومأرب الخاضعة لتنظيم الإخونجية خلاصة لتجارب تاريخية، حيث عُرفت قبل الوحدة شمالا بـ”المجالس المحلية للتطوير التعاوني” وجنوبا بـ”مجالس الشعب والمجالس البلدية”.
ويحسب لنظام المجالس المحلية أنه لم يكن تقليدا لتجارب مماثلة في دول أخرى أو نقلا حرفيا عنها، ونجح في تلبية الحاجات الأساسية في مجال الخدمات والتعليم والصحة ومشاريع مياه الشرب والطرق، حيث مكنت اليمنيين من ممارسة حقهم الدستوري في السلطة من خلال مجالس منتخبة ديمقراطيا كل 4 أعوام.
كذبة كبرى
الإعلامي والمحلل السياسي اليمني عبدالسلام القيسي، يرى أنه عندما بدأت الحرب قاد حزب الإصلاح الإخونجي حملة شعواء ممنهجة تستهدف كل الشخصيات التي ترأس السلطة المحلية، ما أجبر كل الرجال والأسماء الوازنة على مغادرة المشهد منها مدينة تعز.
وعن دعوة محافظ تعز لعودة المجالس المحلية، أشاد بها القيسي، باعتبارها إصلاحاً للخلل الحقيقي في مؤسسات الدولة والتي ما زالت تفتقر لرجالات وحكماء يديرون المرحلة بعيدا عن عصابات الفساد وسطوة الإخونجية.
وبشأن اتهامات الإخونجية لأعضاء المجالس المحلية، اعتبرها المحلل اليمني “كذبة كبرى”، قائلا إنها ذريعة إخونجية لأن المجالس المحلية تقوم بالفعل برسم السياسات في الشؤون المختلفة والإشراف على تنفيذها ولم يكن شخوصها دمى باهتة بيد الإخوان.
وقال: “رفض الإخونجية هو انقلاب ونحن نحارب الحوثي لانقلابه على كل المؤسسات الدستورية، والمجالس المحلية مؤسسة دستورية، وأي رفض ومنع لعودتها هو يطابق أعمال الحوثي، وما هذه المعركة إلا لاستعادة الدولة التي كانت قبل الانقلاب والمجالس المحلية صورة للدولة”.
من جهته، يقول الناشط السياسي اليمني ماجد الحمادي إن عودة المجالس المحلية لممارسة مهامها كهيئة رقابية مجتمعية يتم انتخابها لم تكن على حساب أحد أو تستهدف منصب أحد أو ضد حزب أو فصيل.
وأضاف أن “عودة المجلس المحلي لم تأت اعتباطاً أو بانقلاب أو بقوة السلاح ولكنها أتت بناء على دعوة رسمية تنفيذا لقانون السلطة المحلية وهي لجان خدمية ومجتمعية وليس كتائب عسكرية أو وحدات أمنية أو تفتيشا قضائيا حتى يتخوف بعضها”.
ودعا الناشط اليمني الأحزاب والمكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني إلى تبني عودة المجالس المحلية للحد من المركزية وإشراك المجتمع في الرقابة وتوزيع المشاريع والموارد وفق تبويبات تخدم المجتمع وتحد من إهدار المال العام وتكافح الفساد المستشري.