علاقات قطر وإسرائيل في دائرة الضوء
ماذا وراء إعلان نائب وزير الخارجية الأمريكية عن استعداد الدوحة لتوقيع معاهدة سلام؟
قال ثيموثي لندركينغ، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الخليج العربي، الخميس: “أن قطر استجابت بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل”، مؤكداً أنها منفتحة جدا للتعامل معها.
وكشف ثيموثي لندركينغ، في إيجاز صحفي عبر الهاتف، “قطر لديها تاريخ من التفاهم مع دولة إسرائيل، وتعاملت معها بشكل متكرر وعلني”.
اتصالات سرية وأخرى علنية بين قطر وإسرائيل، تتكشف حلقاتها تباعا، وتفضح حجم علاقات ثنائية تحاول الدويلة جعلها في الظل، بهدف الاحتفاظ بدور يضمن لها تأجيج الانقسام الفلسطيني.
سجل حافل فشلت الدوحة في التكتم على تفاصيله، تماما كما أخفقت في إقناع الفلسطينيين بدعمها لقضيتهم، وعجزت انتقاداتها لخطوات السلام الإماراتية والبحرينية (معاهدة إبراهيم) في التعتيم على حقيقة توجهها نحو سلك الدرب نفسه.
يبدو أن قطر التي تعد من أوائل الدول العربية التي فتحت اتصالات مباشرة مع إسرائيل، تجد في اتفاقات السلام التي وقعتها دولة الإمارات ومملكة البحرين، قشة تجدف بها نحو السطح.
توجه تؤكده تصريحات نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الخليجية تيموثي لندركنغ، ألمح فيها إلى استجابة الدوحة بشأن توقيع اتفاق مع إسرائيل.
الذي أشار إلى أن “الحوار مع الدوحة لا يزال مستمرا لدفعها باتجاه التطبيع”، لافتا إلى أن “قطر لديها تاريخ من التفاهم مع دولة إسرائيل، وتعاملت معها بشكل متكرر وعلني”.
وأكد أن بلاده “تريد من جميع دول الخليج الوصول لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في نهاية المطاف”.
وتابع: “نعتقد أن هناك الكثير للبناء عليه، وتتحرك كل دولة بوتيرتها الخاصة بشأن التطبيع، وبما يتفق مع معاييرها الخاصة، ولكننا نتوق إلى أن يحدث هذا عاجلًا وليس آجلًا”.
وأعرب لندركنغ عن تطلع واشنطن لتحقيق تقدم لإعلان قطر حليفا رئيسيا من خارج حلف شمال الأطلسي.
محللون يرون أن قطر تتطلع لتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل، غير أنها كانت في السابق تخشى خسارة دورها في غزة، وضياع المكاسب التي كانت تجنيها من تأجيج الانقسام في القطاع، والمتاجرة بالقضية الفلسطينية.
لكن خطوات الإمارات والبحرين قد تدفعها نحو إخراج علاقاتها مع تل أبيب إلى العلن، في تماهي تكشفه الدبلوماسية القطرية، بالفترة الراهنة، والقائمة على ازدواجية ترمي إلى اختبار ردود الفعل الداخلية، في وقت تستمر فيه الاتصالات مع إسرائيل بشكل متواتر.
وقبل أيام، قالت مساعدة وزير الخارجية القطري، لولوة الخاطر، إن الدوحة لن تنضم للإمارات والبحرين في إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، “إلا إذا تم حل الصراع مع الفلسطينيين”.
تصريح يستبطن موافقة مشروطة، تنبع بدورها من مخاوف تنظيم حمدين من ردود الفعل الشعبية، ومن عواقب محاولاته الفاشلة لتقديم نفسه داعما لقضية لم يقدم لها أي مسار نحو الحل، بل يتخذها مطية لاستجداء التعاطف وضرب صناع السلام الحقيقيين.
اتصالات مباشرة تقيمها الدوحة منذ عقود مع إسرائيل، تكللت بزيارات سرية وعلنية من الجانبين، كان آخرها اللقاء السري الذي جمع سرا بالدوحة رئيس الموساد الإسرائيلي بمسؤولين قطريين رفيعي المستوى.
وفي أغسطس/آب الماضي، كشف موقع “إنتلجنس أونلاين” أن الدوحة تلجأ سرا إلى خدمات أمنية تقدمها شركات إسرائيلية، في تعاون سري طفا إلى السطح عقب نزاع قانوني في إسرائيل بشأن عقد توفير خدمة الأمن لمونديال كرة القدم المقررة بقطر في 2022.
حيثيات تضاف إلى أخرى عديدة تشير إلى أن العلاقات بين الجانبين كاملة، والدوحة بصدد التمهيد، وخلق أرضية مناسبة تبرر للرأي العام المحلي سبب ما يبدو ظاهريا أنه تغير جوهري في الموقف من فلسطين.
خطوة تتماهى بشكل كبير مع مسار العلاقات الثنائية الذي بدأته قطر في أعقاب مؤتمر عقد بالعاصمة الإسبانية مدريد العام 1991.
وتواترت الاتصالات بين الجانبين، قبل توطيدها زيارة أجراها إلى الدوحة عام 1996، رئيس الحكومة الإسرائيلي حينها شمعون بيريز.
وافتتح الجانبان المكتب التجاري الإسرائيلي بالعاصمة القطرية، علاوة على توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية على الصعيد التجاري، فيما ظلت العلاقات الدبلوماسية سرية.
زيارات متبادلة شملت أيضا أمير قطر تميم بن حمد ودبلوماسيين إسرائيليين، أكدتها الكاتبة الأمريكية باتيا سارجون، في إحدى مقالاتها بصحيفة “فورورد” الأمريكية.
أما فيما يتعلق بالعلاقات العسكرية، كشف تقرير صدر عام 2019 -عن منظمة العدل والتنمية لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- وجود مفاوضات سرية بين قطر وإسرائيل لإنشاء قاعدة عسكرية بالإمارة.
كما أن الدوحة لم تخف ترحيبها باستضافة الجماهير والرياضيين الإسرائيليين في مونديال 2022، في مؤشرات تمنح قناعة بأن إعلان الدويلة لعلاقاتها ليس سوى مسألة وقت.
الأوبزرفر العربي