قنوات ومنصات الإخوان: خصائص البنية والمضمون 2 – 2
كنا في المقال السابق قد تطرقنا للخصائص البنائية لقنوات الإخوان وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة لهم والتي تروج لدعايتهم السوداء الكاذبة
وأجملناها في أربع تتعلق بجنسية القائمين عليها وهويتهم السياسية، والدول التي يبثون منها، وتركيزهم على مصر كهدف لدعايتهم، والمصادر “المشبوهة المجهولة” لتمويل الإنفاق العالي للغاية لقنوات الإخوان الفضائية. ونستكمل هنا في السطور التالية بقية خصائص هذه المنصات والمنابر فيما يتعلق بمضمون ما تقدمه.
تتعلق الخاصية الأولى المشتركة بين كل القنوات والمنصات الإخوانية وبخاصة المرئية منها بتتبعها التفصيلي لكل الشئون المصرية الداخلية والخارجية وكذلك ما يبثه الإعلام المصري وعدد كبير من وسائل التواصل الاجتماعي المعنية بالأوضاع المصرية. ويفرز هذا التتبع الخاصية الأولى لبث هذه المنصات، وهي أنه لا مادة إعلامية تقدمها سوى التعليق على ما يجري في مصر ويقال فيها أو حولها، والالتزام بإطار ثابت لهذا التعليق وهو إبراز كل ما يظنون أنه سلبي أو تقديمه كذلك، فلا يوجد لدى هذه القنوات والمنصات من شيء إيجابي يرونه في مصر، فأعينهم لا ترى سوى السواد في كل ما يجري بها، حتى لو استلزم الأمر في معظم الأحيان إلى الكذب الصراح فيما يبثونه وينشرونه.
وهنا تظهر الخاصية الثانية الواضحة، وهي تجاهل ونزع كل السياقات المصرية والعربية والعالمية عن كل ما ينتقونه متعمدين من أخبار وتطورات مصرية، بحيث يظهرونها قاتمة السواد، وليس هناك من سياقات تظهر لونها الحقيقي أو وزنها الطبيعي أو تفسيرها العقلي المنطقي. نزع الوقائع والأحداث والتطورات من سياقاتها هو آلية مكملة لخاصية ثالثة شديدة الوضوح في كل المنصات والقنوات الإخوانية، وهي المحاولات التي لا تتوقف عن ربط قراءاتهم المغلوطة وتفسيراتهم المنحرفة لهذه الوقائع والأحداث والتطورات وخصوصاً الاقتصادية منها، بما قد تعانيه الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفاً في مصر من معاناة ومشاكل اقتصادية، للتلاعب بمشاعرهم والسعي لتوجيهها تحريضياً ضد الدولة المصرية.
الدعاية السوداء
وهنا تظهر الخاصية الرابعة لقنوات الإخوان ومنصاتهم المرئية، وهي التكرار المتعمد بصور وأشكال مختلفة لنفس قراءاتهم المغلوطة وتفسيراتهم المنحرفة لوقائع وأحداث وتطورات تشهدها الساحة المصرية، حيث يمثل هذا الإلحاح وسيلة تقليدية لكل ما اصطلح على وصفه في الدراسات الإعلامية بالدعاية السوداء، وهي الجوهر الحقيقي لما تبثه وتنشره هذه القنوات والمنصات. وتبدو الخاصية الخامسة المشتركة بين كل هذه القنوات والمنصات هو اعتمادها الرئيسي على عدد محدود من المصادر الإخبارية تتمثل في مواقع إلكترونية وصحف تابعة مباشرة لتنظيم الإخوان ويديرونها بأنفسهم أو ببعض “الملتحقة” بهم، والموجودة في بعض العواصم الغربية وبخاصة لندن، دون أي ذكر لطبيعتها هذه في محاولة منهم لتقديمها كمنصات إعلامية رصينة ومحايدة. ويبدو ملفتاً أن محدودية هذه المصادر وكذلك الوقائع والأحداث والتطورات المصرية التي تبثها قنوات ومنصات الإخوان، تجعلها تكرر جميعها في نفس اليوم كل ما تبثه مثيلاتها بأشكال مختلفة فقط في الصياغة.
وتأتي الخاصية السادسة والأخيرة لهذه القنوات والمنصات المرئية متمثلة في اعتمادها جميعا وبدون استثناء واحد على حزمة محدودة ومتكررة ممن يسمونهم “الخبراء” و”المختصين” في مختلف الشئون، فجميعهم وفي كل المجالات لا يتجاوزون مرتين عدد أصابع اليدين، وغالبيتهم الساحقة ممن ينتمون إلى الجماعة المحظورة تنظيمياً أو من “الملتحقة” بها. ويلاحظ المرء المتخصص أو حتى شبه المتخصص بسهولة أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء لا يمثلون في المجالات التي يزعمون تخصصهم فيها ووفق المعايير المتعارف عليها للتخصص، أي أوزان تذكر سواء بين المتخصصين والخبراء المصريين أو العرب، والأخيرين بالمناسبة يبدو واضحاً غيابهم شبه التام عن قنوات الإخوان ومنصاتهم المرئية.