قوات الأمن العراقية تقتل وتصيب عدد من المتظاهرين ضد اغتيال النشطاء
الكاظمي يفتح تحقيقاً في الحادثة ويؤكد دعمه لحرية التظاهر
لقي شخصان مصرعهما جراء إطلاق قوات الأمن العراقية الرصاص على متظاهرين في العاصمة بغداد أمس الثلاثاء.
جاء ذلك خلال تفريق تظاهرة طالبت بمحاسبة قتلة ناشطين مناهضين للنظام السياسي، وسط شعور بالاحباط والفشل إزاء الحكومة الحالية.
وأكد مصدر طبي لوكالة فرانس برس، وفاة المتظاهر “نتيجة إصابته بطلق ناري في الرقبة بعد نصف ساعة من وصوله للمستشفى”، فيما قال مصدر أمني أن متضاهراً آخراً توفي متأثراً بإصابته بالرصاص أيضاً.
وأصيب 13 متظارهاً بجروح نتيجة اختناقات وحروق متفاوتة بسبب قنابل دخان وغاز. وفي صفوف القوات الأمنية، أصيب خمسة عناصر على الأقل، وفق المصدر نفسه.
تحقيق شفاف
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفي الكاظمي، إنه سيتم إجراء تحقيق شفاف بشأن ما حدث في احتجاجات ساحة التحرير. وقال في تغريدة على تويتر “دعمنا حرية التظاهر السلمي في العراق، وأصدرنا اوامر مشددة بحماية التظاهرات وضبط النفس ومنع استخدام الرصاص الحي لاي سبب كان”.
وأضاف الكاظمي: “اليوم سنفتح تحقيقاً شفافاً حول حقيقة ماحدث في اللحظات الاخيرة من تظاهرة ساحة التحرير لكشف الملابسات.. الأمن مسؤولية الجميع ويجب أن نتشارك جميعاً في حفظه”.
دعمنا حرية التظاهر السلمي في العراق، واصدرنا اوامر مشددة بحماية التظاهرات وضبط النفس ومنع استخدام الرصاص الحي لاي سبب كان ..
اليوم سنفتح تحقيقاً شفافاً حول حقيقة ماحدث في اللحظات الاخيرة من تظاهرة ساحة التحرير لكشف الملابسات .. الأمن مسؤولية الجميع ويجب ان نتشارك جميعاً في حفظه.— Mustafa Al-Kadhimi مصطفى الكاظمي (@MAKadhimi) May 25, 2021
اغتيال الوزني
وشارك الآلاف في التظاهرة التي ضمت أشخاصاً من مدن جنوبية مثل الناصرية وكربلاء، رفعوا صور ناشطين تعرضوا للاغتيال، لا سيما إيهاب الوزني، رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء، والذي كان لسنوات عدة يحذر من هيمنة الفصائل المسلحة الموالية لإيران، قبل أن ترديه رصاصات مسلّحين أمام منزله، عبر مسدسات مزوّدة كواتم للصوت.
ولم تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن اغتيال الوزني، وهو أمر تكرّر في اعتداءات سابقة في بلد تفرض فيه فصائل مسلّحة سيطرتها على المشهدين السياسي والاقتصاد.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق قبل نحو عامين، تعرّض أكثر من 70 ناشطاً للاغتيال أو لمحاولة اغتيال، فيما خُطف عشرات آخرون لفترات قصيرة، وفي يوليو 2020، اغتيل الخبير بشؤون الجماعات المتطرفة هشام الهاشمي أمام أولاده في بغداد.
وهدفت تظاهرة الثلاثاء التي بدأت بشكل سلمي قبل أن تتحول صدامات بين قوات مكافحة الشغب والمتظاهرين، إلى الضغط على الحكومة لاستكمال التحقيق في عمليات الاغتيال التي وعدت السلطة بمحاكمة مرتكبيها، لكن الوعود لم تترجم أفعالاً.
إجراءات أمنية مشددة
وكان المتظاهرون قد تجمعوا في ساحة الفردوس بالعاصمة، في وقت تجمع آخرون بساحة النسور، قبل الانطلاق إلى ساحة التحرير مركز التظاهر في بغداد، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة وانتشار مئات من عناصر مكافحة الشعب وحفظ النظام.
وهتف المتظاهرون الذين كان غالبيتهم من الشباب “بالروح بالدم نفديك يا عراق”، و”الشعب يريد إسقاط النظام”، و “ثورة ضد الأحزاب”.
ونقلت “فرانس برس” عن المتظاهر حسين البالغ 25 عاماً قوله “التظاهرة اليوم احتجاجاً على قتل الناشطين. كل من يرشح نفسه من العراقيين الأحرار غير المنتمين إلى حزب يتعرض للقتل”. وتابع “لذلك نعتبر الانتخابات باطلة.. يراد منها تدوير النفايات الفاسدة”.
وقال شاب آخر كان مشاركاً في الاحتجاج، يُدعى محمد ويبلغ 22 عاماً: “هناك مندسون بين المتظاهرين. يلتقطون صورنا لتهديد وقتل الناشطين لاحقاً. إنهم الميليشيات والأحزاب الذين يفعلون ذلك”.
مقاطعة الانتخابات البرلمانية
وتاتي الاحتجاجات بعد نحو عامين من انطلاقة الاحتجاجات في 25 أكتوبر 2019، والتي انتهت باستقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي وتولي مصطفى الكاظمي رئيس جهاز المخابرات المسؤولية.
وكانت التظاهرات قد خمدت كلّها تقريباً في العام 2020 في سياق التوترات السياسية وفي مواجهة الوباء، لكن التحركات عادت إلى الظهور في عدة مناسبات، لا سيما في الناصرية جنوباً، وذهب ضحيتها متظاهرون عديدون خلال الأشهر الماضية.
إلا أن تظاهرة الثلاثاء هي الأولى التي تشهد عنفاً مماثلاً في بغداد منذ احتجاجات أكتوبر 2020 التي خلفت نحو 600 قتيل ولم تتوقف الإ بعد حملة ترهيب وخطف واغتيالات.
ودفعت أجواء الترهيب عدداً من الأحزاب والتيارات المنبثقة من الحراك الشعبي إلى الإعلان عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية المبكرة المقرر إجراؤها في أكتوبر. وعلى إثر اغتيال الوزني وهو أحد أبرز قادة الاحتجاجات في كربلاء، دعا 17 تياراً ومنظمة منبثقة من الحركة الاحتجاجية رسمياً إلى مقاطعة الانتخابات المبكرة التي وعد بها الكاظمي.
واعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقرير الأسبوع الماضي، أنه “في حال لم تكن السلطات العراقية قادرة على اتخاذ خطوات عاجلة لوقف عمليات القتل خارج نطاق القضاء، فإن مناخ الخوف الملموس الذي خلقته سيحدّ بشدة من قدرة أولئك الذين كانوا يدعون إلى التغيير على المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة”.
وذكر مصدر أمني عراقي، أن بعض المتظاهرين أقدموا على رمي القوات الأمنية بالحجارة، لترد الأخيرة عليهم بالقنابل الصوتية والمسيلة للدموع.
وأضاف أن حالات اختناق حصلت في صفوف المتظاهرين جراء القنابل المسيلة للدموع، مع تسجيل 3 إصابات بالحجارة في صفوف القوات الأمنية.
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، إن تواجد القوات الأمنية في ساحات التظاهر هو لحماية المتظاهرين من أي اعتداءات قد تحدث، مشيراً أنه لاتوجد أي توجيهات بقطع الجسور الرئيسية في العاصمة، وأن “القوات الأمنية العراقية “أعدت خطة أمنية محكمة لحماية التظاهرات.”