كاتب فلسطيني يشن هجوماً لاذعاً على رئيس السلطة محمود عباس
لم يكن في تاريخه شخصية مركزية وفي عهده حصل الانقسام وخسرت فتح
شن الكاتب الفلسطيني ماجد كيالي، هجوماً لاذعاً على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في مقال سياسي تناقلته العديد من الصحف والمواقع الإعلامية، معتبراً سلوكه السياسي والتنظيمي تعسفي ويتسم بالغطرسة والرؤية السياسية الضيّقة.
وأشار كيالي، بأنه في عهد عباس حصل الانقسام في الكيان الفلسطيني، وخسرت فتح الانتخابات (2006) كما خسرت قطاع غزة (2007)، وتراجعت مكانتها القيادية مع صعود حركة حماس، و تم تهميش منظمة التحرير، وبات الشعب الفلسطيني يفتقد إلى مرجعية قيادية جامعة.
وقال كيالي: أن عباس لم يكن في تاريخه شخصية مركزية في اللجنة المركزية لفتح، كغيره، وأن نجمه قد برز بعد استشهاد قادة حركة فتح أبو جهاد وأبو إياد واستنكاف أبو اللطف وأبو ماهر عن المشاركة في السلطة، ووفاة خالد الحسن، وبسبب فتحه لقناة مفاوضات سرّية مع إسرائيل أفضت إلى توقيع اتفاق أوسلو.
وعن تمرد عضو اللجنة المركزية ناصر القدوة على عباس، وغضبه من الواقع الذي وصلت إليه حركة فتح، بسبب طريقة عباس في إدارة المنظمة والسلطة وفتح، قال كيالي أن هذه الخطوة تحسب للقدوة وتستحق التقدير، وقد أسهمت في تحريك المياه الراكدة في الحياة السياسية الفلسطينية إلى جانب مبادرات أخرى، ومن ضمنها محاولة أطراف أخرى زعزعة يقين أبو مازن بخصوص الانتخابات، والتي أهمها ربما تلويح الأسير مروان البرغوثي (عضو اللجنة المركزية لحركة فتح) بتقديم نفسه كمرشح للرئاسة (إن حصلت).
وأوضح كيالي في مقاله، أن تلك الخطوة أتت متأخّرة بمقدار 16 سنة على ترؤس أبو مازن للمنظمة والسلطة وفتح، لاسيما أنه لم تُعرف للقدوة، الذي كان طوال 27 عاما ضمن الطبقة السياسية الحاكمة، مواقف معارضة ولم يبرز كصاحب رأي سياسي مختلف.
وعزا الكاتب الفلسطيني التجاذب و التصدع في فتح بسبب عوامل عديدة، أهمها:
أولا، انسداد الأفق السياسي لفتح بعد إخفاق خيارها المتمثل بإقامة دولة في الضفة والقطاع، وفشل خيارها التفاوضي.
ثانيا، تحول حركة فتح من حركة تحرّر وطني إلى حزب للسلطة، بكل ما للكلمة من معنى، والمشكلة أنها سلطة تحت الاحتلال، بل إنها باتت فوق ذلك بمثابة حزب الرئيس.
ثالثا، هيمنة الرئيس أبومازن على السياسة الفلسطينية، واحتكاره التقرير بكل شاردة وواردة فيها.
رابعا، ضعف الحراكات السياسية في فتح، فهي خلال 30 عاما عقدت مؤتمرين فقط بعد مؤتمرها الخامس الذي عقد في العام 1988 (تونس)، إذ عقد المؤتمر السادس في بيت لحم بعد 21 عاما (في العام 2009)، في حين عقد المؤتمر السابع في رام الله (2018).
خامسا، فقدان فتح روحها كحركة وطنية متنوعة ومتعددة، وكأكثر حركة سياسية فلسطينية تشبه شعبها، إذ غابت عنها المنابر أو التيارات السياسية والفكرية التي كانت تميزها، وتثري حياتها السياسية، وغدت الصراعات فيها على مراكز القوى والمكانة.
وتساءل كيالي بعد قرار فصل ناصر القدوة، أيهما أخطر عقد اتفاق أوسلو، الذي يخالف مبادئ فتح ومبادئ المنظمة، أم مجرد تلويح القدوة بخوض الانتخابات في قائمة أخرى، أو تشكيله ملتقى وطنيا عريضا يقول إنه مجرد ملتقى وإنه بذلك لا يخرج من فتح أو لا ينشق عنها؟ يا ترى أين هو الانشقاق حقا؟
وذكّر كيالي بإطلاق الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لقب “كرازاي فلسطين” على محمود عباس (سبتمبر2003) عندما ما كان رئيسا للحكومة، وفي غمرة حصاره في المقاطعة (مقره في رام الله) إبان الانتفاضة الثانية، وشكوى أبو مازن لأبي عمار من التحريض عليه وتشويه صورته، وربطه يحصل الآن بالضبط في التعامل مع القدوة!
وحول الانتخابات الفلسطينية المزمع تنظيمها، قال كيالي أنها لا تشتغل بطريقة صحيحة وإيجابية في الواقع الفلسطيني، فهي في المرة السابقة (2006) أدت إلى انقسام كيان السلطة، بين فتح وحماس، وبين الضفة وغزة، كما أدت إلى خسارة فتح وانحسار نفوذها في غزة، وتحول الحركتين إلى سلطتين في الضفة وغزة، كل في مجال سيطرته. في حين أن الانتخابات الحالية أفضت أو ستفضي إلى تضعضع مكانة فتح، وتصدّع وحدتها.
واعتبر كيالي أن المشكلة ليست في الانتخابات وإنما في التحول إلى سلطة على حساب التحرر الوطني، وضمور الحراكات السياسية، وحرمان الأجيال الجديدة من الشباب من المشاركة أو من أخذ موقعهم الطبيعي في سلّم القيادة الفلسطينية، مع بقاء طبقة سياسية في السبعينات والثمانينات، في واقع لم يعد بإمكانهم أن يجيبوا على أسئلته وفي واقع لا يستطيعون فيه إضافة أي شيء.
وكان رئيس السلطة محمود عباس قبل سنوات قد اتخذ قراراً بفصل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد دحلان، على خلفية سياسية بعد “تقرير جولدستون الشهير عام 2009”، وانتقاد دحلان لموقف عباس الذي طلب تأجيل عرض التقرير على مجلس الأمن الدولي بسبب الضغوط الإسرائيلية.
كما طالبه دحلان بابعاد عائلته عن التدخل في العمل السياسي وبالشفافية فيما يتعلق بأموال حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي فجّر أوسع أزمة شهدتها حركة فتح وتسببت بتراجع مكانتها فلسطينياً وإقليمياً وأثرت على مجمل الحياة السياسية الفلسطينية.
جدير بالذكر، أن عدة جهود وساطة عربية وفلسطينية بذلت لانهاء الخلاف الفتحاوي، رفضها عباس جميعاً ليغامر بمستقبل حركته، وبحسب المراقبين فإن ثمة علاقة قوية تجمع عباس وعائلته مع النظام الحاكم في قطر الذي يتبنى سياسات معادية للقيادي محمد دحلان.