كيف نقاوم مخطط التهجير
محسن أبو رمضان
لا شك أن التهجير يشكل أحد المرتكزات الرئيسية للمشروع الصهيوني الاستعماري.
تم تنفيذ ذلك في نكبة عام 1948.
تحاول حكومة اليمين الفاشية في دولة الاحتلال استكمال ذلك في حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تشنها على قطاع غزة.
تعتبر سياسة التهجير أحد عناصر البرامج الانتخابية والسياسية لقوى اليمين الفاشي التي تتشكل به حكومة الاحتلال الراهنة.
إن زج نسبة كبيرة من السكان في مدينة رفح والحديث المتكرر لنتياهو عن اجتياح المدينة إضافة إلى حرب التجويع كل ذلك يشكل أحد المؤشرات الهامة لتنفيذ مخطط التهجير.
إن إعلان الرئيس الأميركي بايدن عن استعداد واشنطن لإنشاء ممر مائي يصل قبرص بغزة بحجة تأمين المساعدات الإنسانية يتضمن شكوكا تواطؤية باستخدام الممر لأهداف التهجير.
إن العمل على مقاومة التهجير يتطلب تنفيذ سلسلة مترابطة من الخطوات التي تعمل علي تقويض وإفشال مخطط التهجير.
هناك أهمية لتعزيز الوعي بمخاطر وأهداف المشروع الصهيوني وأهمية التمسك والتجذر بالأرض إلا أن ذلك يتطلب توفير مقومات الصمود من غذاء ودواء ومأوى.
ولعل تماسك الجبهة الداخلية يعتبر واحدا من العوامل الهامة التي تدفع باتجاه الصمود ومنها مقاومة غلاء الأسعار وتجار الحرب والاستغلال والسرقات واللصوص وذلك عبر تشكيل لجان الحماية الشعبية بالتعاون مع منظمات العمل الأهلي المحلية ذات الجذور والتاريخ والتي انبثقت من تجربة العمل الطوعي.
لا يمكن مقاومة التهجير في ظل تفسخ الجبهة الداخلية وتآكل مكونات الحاضنة الشعبية واستمرار الانقسام وغياب الوحدة الوطنية.
تدفع دولة الاحتلال عبر الإبادة الجماعية والتي تم من خلالها تدمير المستشفيات والبنية التحتية والمدارس ومراكز الإيواء وتقويض الأونروا وإضعاف دور المؤسسات الدولية ومنع إدخال المساعدات تعزيزا لحرب التجويع لجعل قطاع غزة مكان غير ملائم للعيش ودفع السكان للنزوح الطوعي عبر جعل الحياة مأساوية بوسائل جبرية.
إن مقاومة التهجير تتطلب العمل مع قوى التضامن الشعبي الدولي ومع أصدقاء الشعب الفلسطيني لضحد وتفكيك الرواية الاستعمارية وتبني الرواية الوطنية الفلسطينية والقيام بتحركات ضاغطة على الحكومات والمؤسسات الأممية لاتخاذ قرارات بل بلورة تحالف دولي يتصدى لخطر الفاشية الصهيونية التي تريد إحلال حالة شريعة الغاب بدلا من سيادة القانون ومنظومة حقوق الإنسان.
إننا بحاجة لاستثمار حالة التضامن الشعبي غير المسبوقة مع شعبنا لتحقيق التمويل التضامني بدلا من التمويل المشروط سياسيا والذي يخضع لقيود الاحتلال.
إننا بحاجة أيضا إلى دعوة رأس المال الفلسطيني بالوطن وبالشتات للتبرع لصالح شعبنا عبر تعزيز صموده.
هناك ضرورة للربط بين التدخلات الطارئة لتوفير الغذاء والدواء والمسكن وبين عملية إعادة الإعمار التي يجب إخراجها من قيود الاحتلال وتنفيذها عبر آليات وطنية وتضامنية بعيدا عن شروط الاحتلال بل أكثر من ذلك حيث يجب مقاضاة دولة الاحتلال على التدمير الممنهج لمقومات الحياة بوصفها قد ترتقي إلى مصاف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
من الهام بلورة ملفات لمساءلة دولة الاحتلال عن الجرائم الاقتصادية أيضا.
لقد بات مطلوبا العمل باتجاه تعزيز الوعي بمخاطر التهجير الذي تحاول حكومة اليمين الفاشية في دولة الاحتلال تطبيقه بالضفة أيضا في استغلال واضح لحربها العدوانية على غزة إلى جانب القيود والمضايقات على شعبنا بالداخل.
إن العودة إلى العمل الشعبي الموحد والمقاوم بات ضرورة ملحة بالتوازي مع العمل على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بما يضمن إشراك الكل الوطني بمكوناتها وبما يتضمن تمثيلها لكل التجمعات السكانية الفلسطينية.
لا يمكن مواجهة مشروع الاحتلال القوي عسكريا والمدعوم بصورة غير مسبوقة أميركيًا إلا بالوحدة الوطنية الفلسطينية وباستنهاض المؤسسات التمثيلية الجامعة لمكونات الهوية الوطنية الفلسطينية.
إن إحباط التهجير يشكل أحد الشروط الهامة ليس فقط لإفشال المخطط الصهيوني بل أن ذلك سيقربنا من تحقيق أهدافنا الوطنية.