لعبة النظام التركي في معادلة الأمن القومي الجزائري
في الوقت الذي يسعى فيه “إخونجية الجزائر” وذبابهم الإلكتروني المجند من النظام التركي لشرعنة “كبائر ” زعيمهم أردوغان، اللامتناهية بالمنطقة، تتكشف يوماً بعد يوم “لعبة أنقرة الكبرى” ضد الجزائر والمنطقة برمتها.
ولعل “قاعدة الوطية” الليبية، أكبر دليل على مخطط النظام التركي للتآمر على الجزائر، بعد أن سلمها أردوغان لنحو 200 من مرتزقته الذين جلبهم من شمال سوريا ومليشيات السراج، غير الدستورية في ليبيا.
كما قامت أنقرة بتجهيز قاعدة الوطية الاستراتيجية الجوية التي تقع على مقربة من حدود الجزائر بنحو 150 كيلومتر، بطائرات مسلحة دون طيار، وأخرى للمراقبة ونظام دفاع جوي، وسلمتها للمرتزقة الذين استقدمتهم من الشمال السوري.
و”قاعدة الوطية” تقع بالقرب من المثلث الحدودي مع تونس والجزائر، إذ تبعد عن الحدود التونسية بنحو 27 كيلومترا، وعن حدود الجزائر بنحو 600 كيلومتر.
وتعرضت منظومة تركية للقصف والتدمير فور دخولها قاعدة الوطية الجوية عبر سلسلة غارات مركزة استهدفت 9 مواقع بالقاعدة الليبية.
وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي العميد خالد المحجوب، إنه “تم استهداف 9 مواقع بقاعدة الوطية شملت أفرادا وأجهزة ومعدات ومن بين القتلى أحد القادة المهمين بالجيش التركي”.
وأشار إلى أن الهجوم نجح في تدمير أكثر من 80 % من الأهداف بقاعدة الوطية، مشدداً في السياق أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يصر على السير عكس التيار والذهاب بعيدا في مغامرته المحفوفة بالمخاطر في ليبيا.
ويشكل استيلاء مرتزقة أردوغان وجنوده على قاعدة الوطية الليبية خطراً جديداً على الأمن القومي للجزائر، وفق ما ذكره خبراء أمنيون.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد ألمح في مقابلاته الصحفية الأخيرة، إلى خطورة التواجد التركي على أمن بلاده ودول المنطقة” عندما تحدث عن “نقل السيناريو إلى ليبيا ووجود الأطراف المتصارعة ذاتها في سوريا على الأراضي الليبية”، محذرا من “صوملة ليبيا”، أي جلعها مث لدولة الصومال.
وأشار الخبراء إلى أن الرئيس الجزائري قصد الجنود الأتراك والمرتزقة وإرهابيي داعش، وهي أطراف دمرت سوريا وقتلت وهجرت شعبها وأحدثت بها دماراً أعاد كثير من مدنها “إلى العصور الوسطى”.
ويشكل ذلك – وفق الخبراء الأمنيين – تهديداً مباشراً للجزائر، التي يبدو أنها تحسبت لأي تطورات خطرة على حدودها الشرقية، بعدما كثفت من مناوراتها العسكرية، وزادت من تعزيزاتها الأمنية والعسكرية على الشريط الحدودي مع دولة ليبيا.
وأكد الخبراء الأمنيون أن مخاوف الجزائر ورسائلها الأخيرة كانت موجهة أساساً إلى المرتزقة والدواعش الذين جلبهم النظام التركي إلى الغرب الليبي بمحاذاة حدودها، ونصب لهم قواعد عسكرية ما يشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
وقال الخبير الأمني أحمد كروش، أن “أي نقطة أو قاعدة عسكرية لا تكون تحت أيدي وسلطة الليبيين والجيش الوطني الليبي هي خطر على الجزائر وأمنه القومي مهما كانت جنسية المسيطر على القاعدة العسكرية.
وأوضح أن “حدود الجزائر لن تكون أمنة في ظل وجود عناصر أجنبية خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بإرهابيين، خاصة مع المعلومات التي تتحدث عن وجود نحو 15 ألف إرهابي ومرتزق جلبتهم تركيا من الشمال السوري إلى الغرب الليبي.
ونوه إلى الخطر التركي أكده مسؤولوها عندما “تحدثوا عن رغبتهم في الاستيطان بليبيا وإقامتهم قاعدة بحرية في ميناء مصراتة وقاعدة جوية في الوطية، وهذا يشكل قطعاً تهديداً مباشراً للجزائر”.
وأشار بأن “أي شبر من ليبيا يكون محتلاً من أي قوة أجنبية هو خطر على الأمن القومي الجزائري ولكافة دول الجوار”.
مضيفاً أن استهداف الجيش الوطني الليبي لقاعدة الوطية “كان متوقعاً باعتباره صاحب الأرض، ومن يكسب التفوق الجوي يمكنه استعادة مواقعه بسهولة”، مشدداً على أن مخطط النظام التركي الشيطاني خلق لها أعداء كثُر في ليبيا وهو ما يجعلها في موقع ضعف أكثر من أي وقت.
وعن الأوراق التي تملكها الجزائر للرد على التهديدات التركية لأمنها القومي، اكتفى الخبير الأمني أحمد كروش بالإشارة إلى أن “الجزائر لن تقبل بتواجد قوات أجنبية وقواعد عسكرية على الأراضي الليبية وبالقرب من حدودها”.
وأضاف:” منذ ما يعرف بالربيع العربي شرعت تركيا في سياسة الحرب بالوكالة، ورأينا سلوكها العدواني في العراق وخاصة سلوكها الواضح والمفضوح في سوريا، عندما تدخلت في هذا البلد العربي ونهبت خيراته وثرواته وحطمت مصانعه بيد السوريين”.
وأكد أن استراتيجية النظام التركي اعتمدت على محاربة سوريا بالسوريين، وكل مكان احتلته حاربت بأبناء تلك المنطقة، واتخذت من استراتيجية القيادة من الخلف، كما يعمل المرتزقة الأتراك على التخطيط وتقديم الأرض، بينما من يكون في ساحات المعارك هم من أبناء سوريا وليبيا.
ونوه إلى أن ” هدف أردوغان من ذلك هو تنفيذ مخططه التوسعي بأقل الخسائر والسيطرة على الثروات والممتلكات”، مشيراً إلى أن تركيا تعمل على جلب الأموال من قطر لتمويل الإرهابيين وتسليحهم وإرسالهم إلى مناطق النزاع بالمنطقة.
ويبدو جلياً وفق تأكيدات الخبراء الأمنيين أن النظام التركي انتقل إلى خطوة جديدة تؤكد خطورة مخططاته ضد الجزائر، من خلال استهداف “خاصرتيها الجنوبية والشرقية” باعتبار مالي وليبيا يمثلان “العمق الاستراتيجي للجزائر في منطقتي المغرب العربي والساحل” بعد فشل “مخطط الميليشيات والجيش الحر في الجزائر العام الماضي”.
ومن شأن ذلك أن يزيد من حجم الضغوط العسكرية على الجزائر واستنزاف جيشها المرابط على حدود البلدين، ويخلق بؤر توتر جديدة على حدودها قد تفرض على هذا الجيش نقل المزيد من الجنود والتعزيزات العسكرية على طول حدود البلاد الشاسعة مع مالي التي تبلغ 1320 كيلومتراً أو ليبيا التي تفوق 900 كيلومترا.
غير أن ملاحظين يرون أن استعمال أردوغان ورقة الدواعش في مالي بعد ليبيا يأتي بعد إعلان الجزائر اعتزامها دسترة إرسال قوات من الجيش في مهمات خارجية لحماية الأمن القومي من الجماعات الإرهابية ومختلف التهديدات، وتكثيفها للمناورات العسكرية مؤخرا، والتي قال عنها الجيش الجزائري إنها “تهدف لدحر العدو في موطنه”.
وهي الرسالة التي أكد خبراء أمنيون، بأنها موجهة للنظام التركي وإرهابييه الذين استقدمهم إلى المنطقة، وبأنها ستكون في مرمى نيران الجيش الجزائري خارج حدوده من خلال عمليات عسكرية استباقية.
خصوصاً وأن الجزائر لازالت تلعب أوراقها السياسية والدبلوماسية ولم تستخدم بعد الورقة العسكرية، التي يقول الملاحظون إنها ستقلب الموازين على تركيا والتنظيمات الإرهابية بالمنطقة.
وهي العمليات القادمة التي يبدو أنها أثارت مخاوف أردوغان من أن تتحول مخططاته التوسعية إلى حرب مع دول المنطقة، وتكون معه ليبيا النقطة الجغرافية التي تتحطم عندها مشاريعه، خصوصاً بعد أن هددت مصر بالخيار العسكري وحددت خطوط حمراء للأتراك ومرتزقتهم في ليبيا، ما يضع “زعيم تنظيم الإخوان الإرهابي” بين كماشتي أقوى جيشين في أفريقيا.
الاوبزرفر العربي