لمواجهة أردوغان: أوغلو يطلق وثيقة “الإصلاح الأخلاقي -السياسي”
أطلق رئيس الوزراء التركي الأسبق وزعيم حزب المستقبل المعارض أحمد داود أوغلو، اليوم الأربعاء، وثيقة “الإصلاح الأخلاقي السياسي: وثيقة السياسة النظيفة”، التي ظلّ حزبه يعمل عليها منذ شهور، لمواجهة سياسات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان التي يصفها بالفاشلة.
أوغلو أعلن عن “وثيقة السياسة النظيفة” التي وصفها حزبه بـ “الإصلاح الأخلاقي السياسي” في اجتماع حضره ممثلو سبعة أحزاب، منهم نائب رئيس مجموعة حزب الشعب الجمهوري إنجين ألتاي، ونائب رئيس مجلس الإدارة كوليزار بيسير كاراجا، ونائب رئيس مجموعة حزب إيزيل تاتلي أوغلو، ونواب رئيس حزب السعادة صبري تكير، وأتيك أكداغ، وبيرول أيدين، وكذلك نائب رئيس حزب ديفا نازلي سيدا فورال، وعلي أوزكان من حزب الشعوب الديمقراطي، وسميح نارلي نائب رئيس حزب الوطن الأم، وإيجر فخري نائب رئيس الحزب الديمقراطي الاشتراكي، وجاهيت كاراكوش عضو الهيئة الإدارية العامة للحزب الديمقراطي.
وتشمل الوثيقة على موضوعات المالية العامة والسياسة النقدية، والاستخدام غير العادل للموارد العامة، والتمويل للمشروعات السياسية، وأخلاقيات التوظيف العامة، والرقابة والمساءلة.
وقال داود أوغلو على أنّ القوة الاجتماعية تتجلى في تراكم ثلاثة عناصر أساسية: المعرفة والثروة والسلطة. كما تظهر الأخلاق السياسية والفساد القائم على انحطاط السلطة مع العلاقات الداخلية لهذه العناصر. السلطة التي كانت تدار سابقًا، سواء كانت معرفة أو ثروة أو قوة السلطة، تبدأ في حكم الحاكم بمرور الوقت.
استشهد داود أوغلو بمقول اللورد أكتون: “السلطة مفسدة، القوة المطلقة تدمر تماما” ولفت أنّها تشير إلى الحقيقة، حيث يؤدي فساد السلطة، المدعوم من الاستبداد، إلى تبنٍّ ممنهج للفساد الشخصي، وذكر أنّ الفساد الممنهج هو نتاج النظام نفسه الذي أصبح أساسًا لفساد السلطة الهيكلي.
وأضاف أوغلو، إنّه في النظام الاستبدادي للفساد، تظهر شبكة من العلاقات غير الشفافة وغير المنضبطة بين السياسة التي تتمتع بالسلطة، وعالم الأعمال الذي يمتلك الثروة، والمجتمع المدني الذي يشكل المعرفة (وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية، والجامعات، والمنظمات غير الحكومية). وأكّد أنّه ضمن هذه الشبكة من العلاقات، توفر السلطة السياسية نظام الريع الاقتصادي والسياسي لدائرة أعمال ضيقة لها علاقة مصلحة معها، بينما توفر بيئة الأعمال نفسها مورداً لأولئك الذين يمتلكون القدرة على الإثراء من خلال السياسة. ولفت إلى أنّ الثمن الاجتماعي لهذه الشبكة من العلاقات، الذي يرضي كلا الجانبين، يتم دفعه من خلال إفقار قطاعات واسعة من السكان.
وأشار من ناحية أخرى إلى أنّ ترسيخ الاتجاهات الاستبدادية للسلطة السياسية، واستخدام وسائل الإعلام وهياكل المجتمع المدني التي تنتج المعرفة/ الرأي كوسيلة للضغط على عالم الأعمال والجمهور بشكل عام، وبتعزيز من سلطة الدائرة الضيقة التي تمتلك الثروة، تؤدي إلى استخدام الإعلام وهياكل المجتمع المدني كوسيلة للضغط على السياسة.
وشدّد داود أوغلو أنّ هناك ثلاثة عناصر أساسية يمكن أن تمنع مثل هذا النظام الممنهج للفساد المستند إلى فساد السلطة: أرضية أخلاقية سليمة، ومناخ اجتماعي ثقافي قائم على أعراف قوية وراسخة، ونظام دستوري/ قانوني يمكّن من موازنة السلطة والسيطرة عليها.
ونوّه إلى أنّ التجارب أظهرت أنه على الرغم من أن العنصر الأخلاقي الشخصي ضروري، إلا أنه غير كافٍ، الأخلاق الشخصية ضرورية ولكنها ذاتية، وبما أن البشر لا يمكن أن يصبحوا ملائكيين، فلا يمكن اعتبارهم ضمانًا صالحًا اجتماعيًا، بدون دعم نظام دستوري قائم على المناخ الاجتماعي والثقافي والقواعد، لا يمكن أن تكون الأخلاق الشخصية حاسمة. واستشهد بأنّه لا يمكن أن يعيش غصن الورد في المناخ الصحراوي.
وأكّد كذلك على مبدأ الفصل بين السلطات، واعتبره القاعدة الأساسية في المجتمعات الديمقراطية، والضمان الوحيد للسيطرة على السلطة على أساس معايير قانونية موضوعية. وقال إنّه عندما يعمل بشكل صحيح، فإن مبدأ الفصل بين السلطات هو مبدأ يحمي البشر من أنفسهم ودوافعهم. وتشكل شبكة العلاقات الشفافة المفتوحة للرقابة القانونية بين السلطة الحاكمة للسلطة السياسية، وعالم الأعمال الذي يتراكم الثروة، ووسائل الإعلام وهياكل المجتمع المدني التي تنتج المعرفة/ الرأي، البنية التحتية لنظام قانوني ديمقراطي وقائي/ عقابي ضد الفساد.
وقال داود أوغلو أيضاً إنّه في حين أن السلطة السياسية التي تمثل الجمهور في نظام قانوني ديمقراطي شامل قائم على الشفافية تخلق ضمانات وقواعد قانونية لعالم الأعمال، فإن عالم الأعمال يوفر الضرائب والإنتاج والعمالة للجمهور. من ناحية أخرى، تضمن السلطة السياسية حرية الفكر والتعبير والتنظيم بموجب ضمان دستوري لوسائل الإعلام وهياكل المجتمع المدني التي تنتج المعرفة/ الرأي، وتدعم هياكل المجتمع المدني تطوير ثقافة عامة مشتركة بمساهمة بناءة وتشاركية. تتطور العلاقات بين الأعمال والمجتمع المدني بما يتماشى مع العلاقات الشفافة للإعلان الرأسمالي والمصلحة العامة المشتركة.
وذكر زعيم حزب المستقبل أنّه أيًا كان المجال الذي تتعامل معه، يمكن تحقيق منع الفساد من الجذور من خلال مبدأ الشفافية الذي يضمن أن جميع المعاملات التي تتم نيابة عن الجمهور لتكون مفتوحة للتفتيش العام. وأكّد على ضرورة منع استغلال الموارد العامة من خلال ضمان المنافسة في المناقصات العامة، ومنع تدهور نسيج المدن التركية من خلال تقسيم المناطق، وضمان إجراءات قضائية عادلة في مجال القانون، وتقديم تقارير مجانية قائمة على الحقيقة في وسائل الإعلام، ويمكن أيضًا ضمان القدرة على حماية قانون الناس وكرامتهم من عصابات التصيد في وسائل الإعلام من خلال مبدأ الشفافية. وأشار إلى أنّه عندما يتم تطبيق الشفافية بالكامل، باستثناء المجالات التي تتطلب حياة الناس الخاصة وخصوصية الدولة، يتم منع الفساد ويستريح ضمير المجتمع.
وقال داود أوغلو إن حكم القانون الديمقراطي الشامل على أساس الشفافية ليس مجرد مطلب أخلاقي، بل تراه يشكل البنية التحتية للازدهار الاقتصادي. ويعتمد الأداء الصحي للاقتصاد ويحوله إلى جزء من رؤية شاملة ذات منظور تنموي على وجود مثل هذا النظام العام. وأكّد على أنّ النظام القانوني هو شرط وجود الأنشطة الاقتصادية في المجتمعات، وأنّه لا يمكن ضمان استدامة النظام العام وإمكانية التنبؤ به إلا من خلال وجود معايير قانونية صالحة للجميع بشكل متساوٍ وعمل نظام عدالة قائم على هذه المعايير.
وقال داود أوغلو إنّ هياكل الأوليغارشية تظهر حيث تتركز الموارد الاقتصادية في أيادٍ معينة على أساس فقدان مبادئ وإجراءات التنفيذ الموضوعية للقانون أو يتم تطبيقها بشكل تعسفي، وأنّ المناخ الاجتماعي الذي يكشف عن الفساد يتشكل من خلال انتشار مثل هذا الفهم للقانون، ولا يمكن تحقيق الثقة في النظام القانوني إلا من خلال مبدأ الشفافية المفتوح للرقابة العامة.
وشدّد في النهاية على أنّ القدرة على تنفيذ القواعد القانونية والإجراءات البيروقراطية والأنشطة الاقتصادية في مناخ شفاف لا تخلق فقط جاذبية اقتصادية، بل تجعل من الممكن أيضًا توزيع الموارد بأكثر الطرق كفاءة وفقًا لمبدأ الجدارة. وقال إنّه يجب أن يُنظر إلى النظام الدستوري القائم على حكم القانون والديمقراطية الليبرتارية العالمية ويضمن الحق في الملكية الخاصة وحرية المقاولة على أنه شرط مسبق لاقتصاد قوي في هذا السياق.