وهذه هي المرة الأولى التي تنظم فيها وقفة تضامنية بهذا الحجم من قِبل الصحافيين الفرنسيين. بعضهم رفع صورًا لزملائهم الفلسطينيين الذين قُتلوا في غزة، “كي لا يظلوا مجهولين”، بحسب صحافي في إذاعة فرنسا، قال: “أشعر بالخجل بسبب تأخر الإعلاميين الفرنسيين في التعبير عن تضامنهم مع زملائهم في غزة”.
وأضاف: “لم نتحرك بسرعة. انتظرنا طويلا لإظهار دعمنا للصحافيين الفلسطينيين. والنتيجة أن 200 منهم قُتلوا في صمت. هذا عار على بلد يدعي الديمقراطية وحرية التعبير والصحافة”.
ورفع المشاركون صورا لصحافيين قُتلوا، من بينهم حسام شبات، مراسل قناة الجزيرة الذي قُتل في 24 مارس/آذار، وذُكر تحت صورته: “قُتل بضربة إسرائيلية في جباليا بينما كان يستقل سيارة تابعة للقناة”.
كما رُفعت صورة الصحافي الفلسطيني أحمد منصور، كُتب تحتها: “أحرقته إسرائيل حيا”.
“الهدف هو إخفاء الجرائم والفظائع المرتكبة”
في مداخلة مؤثرة، نددت صحافية فرنسية (لم تكشف عن هويتها) بالوضع “المزري” الذي يعيشه الصحافيون الفلسطينيون. وقالت عبر الميكروفون أمام الحاضرين: “هذا الصباح، قُتلت زميلتنا فاطمة حسونة مع عائلتها في قصف. عندما يُقتل صحافي واحد، الهدف هو إسكات صوته. لكن عندما يُقتل 200 صحافي، فالهدف هو إخفاء الجرائم والفظائع المرتكبة”.
وأضافت: “لم نشهد في تاريخنا الحديث هذا الكم من القتلى بين الصحافيين والمدنيين. عندما يُقتل هذا العدد الكبير من الصحافيين، فهذا يعني أنهم استُهدفوا عمدا. لدينا أدلة على ذلك. ولهذا السبب، يرفض المعتدي دخول الإعلام الدولي إلى الأراضي الفلسطينية. لم نرَ شيئا مماثلا في حياتنا”.
وختمت قائلة: “افتحوا أعينكم. ما يجري في الضفة الغربية وغزة هو تدمير للإنسانية”.
بدورها، قالت صحافية من “النقابة الوطنية للصحافيين الفرنسيين”: “في غزة، لم تسلم أي قاعة تحرير من القصف. وعلى الرغم من ذلك، يجب الاعتراف أن هذا التجمع جاء متأخرا. شاركنا في مظاهرات مماثلة ونظمنا دقائق صمت لتكريم زملائنا الفلسطينيين الذين قُتلوا، لكن هذا أول حشد بهذا الحجم من الصحافيين الفرنسيين”.
وأضافت: “يجب أن نواصل تحركنا في فرنسا وفي دول أخرى، وصولا إلى الشرق الأوسط، للوقوف إلى جانب زملائنا الفلسطينيين الذين يبذلون جهودا جبارة لنقل ما يحدث في غزة إلى العالم… بعض وسائل الإعلام التي تحولت إلى ’أبواق‘ لإسرائيل”.
تخللت الوقفة دقيقة صمت، تمدد خلالها الصحافيون أرضا في ساحة “الباستيل”، وكأنهم قُتلوا بالرصاص.
“السم الخبيث الذي بثته الرواية الإسرائيلية”
وفي مداخلة لافتة، أقر ممثل عن “مراسلون بلا حدود” أن “التجمع جاء متأخرا”، مضيفا: “صوت الصحافيين الفرنسيين تجاه ما يحدث في غزة كان ضعيفا، بسبب الانقسامات داخل المهنة، وبسبب السم الخبيث الذي بثته الرواية الإسرائيلية حتى في قصصنا الإعلامية”.
وقال: “أعمل في مراسلون بلا حدود منذ عشر سنوات، وهذه أول مرة يُطلب مني التحقق مما إذا كان الصحافي القتيل صحافيا حقيقيا. وأول مرة أسمع أن الصحافي المقتول (في غزة) كان إرهابيا”.
كما انتقدت صحافية تمثل “الكونفدرالية العامة للعمال” بعض وسائل الإعلام الفرنسية، دون أن تسميها، وقالت إنها “تحولت إلى أبواق للدعاية الإسرائيلية، وتستضيف محللين يدافعون عن الموقف الإسرائيلي، دون منح فرصة للرأي الآخر للظهور أو السماع”.
يشار إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت أكثر من 210 صحافي فلسطيني وأصابت المئات بجروح منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.