ليبيا: المجلس الرئاسي يصدر تعليمات للميليشيات المتصارعة بوقف القتال
الأمم المتحدة تدعو جميع الأطراف لممارسة أقصى درجات ضبط النفس
أصدر المجلس الرئاسي الليبي تعليمات للميليشيات المتصارعة في طرابلس بالتوقف الفوري عن القتال، فيما أعلن آمر المنطقة العسكرية في العاصمة عبد الباسط بن مروان، عودة الهدوء، وسط مخاوف من تأثير تصاعد العنف على إجراء الانتخابات المقررة في ديسمبر.
وأفاد شاهد عيان، أن الاقتتال وقع بين “اللواء 444 قتال” التابع لرئاسة الأركان، وقوة دعم الاستقرار التابعة للمجلس الرئاسي الليبي، القوتين المسلحتين الرئيسيتين في طرابلس، ووصفت ما حدث بأنه “أعنف اشتباكات تشهدها العاصمة الليبية منذ توقف القتال بين فصائل من الشرق والغرب قبل عام”.
وقال أحد سكان حي صلاح الدين بجنوب طرابلس إن “إطلاق النار بدأ الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل واستمر حتى طلوع النهار باستخدام أسلحة متوسطة وخفيفة”، بحسب رويترز.
وتوجّه الهلال الأحمر إلى منطقتي الهضبة وصلاح الدين في العاصمة طرابلس لإجلاء عائلات عالقة قرب الاشتباكات، حسبما ذكرت وسائل إعلام ليبية.
الأمم المتحدة
وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها إزاء الاشتباكات المسلحة، ودعت إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية.
وناشدت البعثة جميع الأطراف ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، كما دعت جميع السلطات ذات الصلة إلى تحمُّل مسؤولياتها في ضمان حماية المدنيين والسيطرة على الوحدات التابعة لها وفقاً لقرارات مجلس الأمن، بحسب بيان صحافي.
اللواء انحرف عن مساره
وأعلن “اللواء 444 قتال” سقوط أحد عناصره في الاشتباكات، وقال إنه “تصدى لأيادٍ خبيثة ومجرمة ضلت الطريق”، بحسب صحيفة المرصد الليبية.
إلا أن آمر المنطقة العسكرية في العاصمة الليبية طرابلس عبد الباسط بن مروان، قال إنه “لا علاقة لأي أجهزة أمنية داخل طرابلس بالاقتتال، وأن ما حدث تصحيح لمسار انحراف اللواء 444 قتال”.
وأوضح “بن مروان”، في مقطع مصور، أن “اللواء انحرف عن مساره ولم يعد يمتثل للأوامر العسكرية، وممثلوه أصبحوا يحضرون اجتماعات غير مسموح لهم بحضورها ولا علاقة لهم بها من الأساس”.
وتابع آمر المنطقة العسكرية: “فوجئنا بفتح حساب للواء وضخ أموال له بلغت 10 ملايين دينار، وراسلنا مصرف ليبيا المركزي لإيقاف الحساب، لكن لم ينفع ذلك لأن الأموال تم سحبها”، مشيراً إلى أن “المقدم محمود حمزة، قائد اللواء، ذهب لإدارة الاستخبارات، الخميس، وطلب إذن مغادرة إلى تركيا، بدون علم آمر المنطقة العسكرية ولا أخذ إجازة، وبالفعل سافر إلى تركيا”.
في المقابل، قال “اللواء 444” قتال إنه “مندهش من تصريحات مروان”، مؤكداً أنه فوجئ بهجوم شنه رجال مسلحون، بحسب تصريحات لوكالة أنباء رويترز.
إجراءات قانونية
وطالب المجلسُ الرئاسي الليبي رئيسَ الأركان العامة للجيش باتخاذ الإجراءات الفورية حيال آمري القوات التي حدثت بينهما الاشتباكات، وطالب المدعي العام العسكري بمباشرة التحقيق الفوري معهم، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم وفقاً للقوانين، وموافاة القائد الأعلى للجيش الليبي بالإجراءات التي يتم اتخاذها فوراً، بحسب بيان صادر عن المجلس.
ونبه القائد الأعلى للجيش الليبي على ضرورة انضباط كافة الوحدات العسكرية والأمنية، والتقيد بما يصدر من تعليمات وبلاغات تحظر التحرك إلا بإذن مسبق، وفقاً للسياق المعمول به، مشدداً على أنه “لن يسمح بتكرار مثل هذه الأحداث، وأن أي تصرف بالمخالفة لهذه البلاغات يعتبر جريمة يعاقب عليها قانوناً، نظراً لما تمثله من خطورة أمنية لها تداعياتها على أمن وسلامة المواطن والدولة”.
عراقيل أمام الانتخابات
وتضع الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة في طرابلس مزيداً من العراقيل أمام الانتخابات المقررة في ديسمبر القادم ضمن خطة إنهاء الفوضى والعنف والانقسام القائم منذ 10 سنوات.
وعلى الرغم من وقف إطلاق النار والتقدم الذي طرأ هذا العام باتجاه الوصول لحل سياسي ينهي الأزمة، فإنه لم يحدث تحرك صوب توحيد الفصائل المسلحة المتعددة في جيش وطني موحد.
يأتي هذا بعد اشتباكات كبرى دارت الشهر الماضي في مدينة الزاوية غربي طرابلس، وحوادث أو اشتباكات أصغر داخل العاصمة، شملت اشتباكاً بالأسلحة النارية هذا الأسبوع في إحدى مؤسسات الدولة.
وفي شرق ليبيا الذي تسيطر عليه قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، كان هناك أيضاً إطلاق للنيران وأحداث عنف أخرى في الأشهر الأخيرة.
ولم تنعم ليبيا بالأمن منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي عام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وما أعقب ذلك من انقسام البلاد في 2014 بين جماعتين متقاتلين في الشرق والغرب.
إلا أنه تم الاتفاق في العام الماضي على وقف إطلاق النار، وتشكلت في مارس حكومة وحدة جديدة دعمها الجانبان للإعداد لانتخابات عامة في ديسمبر، في خطوات اعتُبرت أفضل فرصة للسلام منذ سنوات.
مصاعب في توحيد مؤسسات الدولة
ووجدت حكومة الوحدة التي مقرها طرابلس مصاعب في توحيد مؤسسات الدولة أو الإعداد للانتخابات مع رفض البرلمان الواقع في الشرق لميزانيتها المقترحة والإخفاق في الاتفاق على أساس دستوري للتصويت.
وقال الباحث في مركز أبحاث “إس.دبليو.بي” الألماني “فولفرام ليشر”، إنه على الرغم من احتمال حدوث مزيد من التصعيد فإن من المرجح الوصول لحل من خلال الوساطة لإنهاء القتال في الأجل القصير، لكنه أضاف: “ستحدث اشتباكات مشابهة في طرابلس وأماكن أخرى”.
وتمكنت ليبيا، وهي منتج رئيسي للنفط، من الحفاظ على الإنتاج خلال العقد المنصرم، غير أن الصراعات تسببت أحياناً في توقف الصادرات الذي استمر لأشهر في العام الماضي.
من جهة أخرى، أعلنت شعبة الإعلام الحربي للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، الجمعة، القبض على علي العجيلي الحسناوي، أحد المتهمين في مذبحة “براك الشاطي”، التي راح ضحيتها 148 شخصاً بين مدني وعسكري، بحسب بيان صحافي.
وقال البيان إنه جرى العثور بموقع القبض على الحسناوي بالقرب من قاعدة براك الشاطي على أسلحة بينها صواريخ ورشاشات وعبوات ناسفة، مضيفاً أن “الحسناوي كان يخطط لتنفيذ عمليات إرهابية في المناطق الجنوبية من البلاد”.