ليونيل ميسي يودّع جمهور برشلونة
ودع أسطورة كرة القدم الأرجنتينية، ليونيل ميسي، جمهور برشلونة وزملاءه بالفريق، يوم الأحد، بعد أكثر من 20 عاما قضاها “البرغوث” داخل أسوار “البلوغرانا” كتب خلالها اسمه بحروف من ذهب ضمن أساطير النادي الإسباني.
ومع تصفيق لاعبي برشلونة، وكلمات وداع ليونيل ميسي الذي أوضح خلالها أنه كان “يقاتل” من أجل البقاء بالفريق، هزم البكاء صاحب الـ 34 عاما، وانهمرت من عينيه الدموع، لتعطيه زوجته أنتونيلا روكوزو منديلا ليمسح دموع “وداع برشلونة”.
والحقيقة أن “المنديل” يملك دلالة قوية في قصة ميسي الأسطورية، والمناسبة تماما لتتداولها الأجيال، حول ما يعتبره الكثيرون أفضل من لمس الكرة بالتاريخ.
وبعيدا عن “منديل الوداع”، هناك “منديل البداية” الذي كتبت عليه تفاصيل العقد الأول لميسي مع برشلونة، وهو في الثالثة عشر من العمر فقط، فما القصة؟
في العام 2000، توجهت أسرة الفتى الأرجنتيني، ليونيل ميسي، إلى برشلونة رفقة وكيله حينها، هوراسيو جاجيولي، كانت الأسرة تعلم جيدا أن ولدهم يمكنه تقديم الكثير بالملاعب، لكن مرض “اضطراب هرمون النمو” كان حاجزا أمام انفجار تلك الموهبة.
ارتفاع القيمة المالية لعلاج ميسي (حوالي 900 دولار شهريا)، دفع أسرته إلى البحث عن عقد احترافي لصاحب الـ 13 عاما، يضمن التكفل بمصاريف علاجه.
وروى وكيل اللاعبين، جاجيولي، خلال تصريحات إعلامية، كواليس العقد الأول لميسي مع برشلونة، قائلا: “تواصلت معي أسرة ميسي للبحث عن فريق أوروبي ينضم إليه اللاعب الصغير، لم أكن حينها أملك الاستقرار الكافي، وكنت سأتجه إلى العمل بمدريد، وكان ذلك يعني عرض ميسي على ريال مدريد أو أتليتكو مدريد، لكن القدر قادني إلى العمل بمدينة برشلونة، وعرضت خدمات (البرغوث) على النادي الكتالوني، وعادت أسرة ليونيل إلى الأرجنتين مرة أخرى، وكانوا ينتظرون رد برشلونة النهائي بشأن الصفقة”.
ويضيف: “انقسمت الآراء في برشلونة حول ميسي، وكان رئيس النادي خوان غاسبارت –حينها- يرى أن صفقة الفتى الأرجنتيني قد تكون مخاطرة، وبناء على طلب أسرة الفتى الأرجنتيني، طالبت النادي الكتالوني باتخاذ قرار نهائي بشأن ميسي سريعا”.
بالوصول إلى هذا الجزء من القصة، يبدو الأمر منطقيا، نادي كبير عُرض عليه لاعب صغير السن يعاني من مرض يؤثر على مستوى نموه، من الطبيعي أن يخشى التعاقد معه، لكن الفصل القادم بقصة “البرغوث”، يليق بأن يكون بمثابة لقطة افتتاحية لفيلم سينمائي عن ميسي عنوانه “منديل تسبب في كتابة التاريخ ببرشلونة”.
في 14 ديسمبر من عام 2000، جمعت مباراة “تنس” الثلاثي: وكيل ميسي “جاجيولي” والسكرتير الفني للنادي الإسباني حينها “كارليس ريكساش”، ووكيل اللاعبين الشهير جوسيب مينغولا.
بعد انتهاء تلك المباراة، توجهوا إلى أحد المطاعم الموجودة بمدينة برشلونة، من أجل تناول “عشاء عمل” واتخاذ قرار نهائي بشأن ميسي، بدأ “جاجيولي” بالحديث عن الإمكانيات الاستثنائية للفتى الأرجنتيني، وأنه في حالة تأخر برشلونة في التعاقد معه، قد يعرضه على ناد آخر.
وبينما يتحدث وكيل ميسي الأول في مسيرته الكروية، قرر السكرتير الفني لبرشلونة، كارليس ريكساش، سحب منديلا من على الطاولة، وكتب عليه تفاصيل عقد ميسي الأول مع برشلونة، على أن يتم التعاقد بشكل رسمي، بعد أيام قليلة من تلك الجلسة.
مسيرة أسطورية
ووفقا لـجاجيولي، فأن بداية ميسي مع الفريق كانت صعبة، لم يكن صاحب الـ 13 عاما حينها يمتلك من المهارات الاجتماعية ما يساعده على التواصل مع زملائه، ويعبر جاجيولي عن تلك الفترة بجملة “كان ليونيل يتحدث بقدميه فقط”.
كما أشار وكيل اللاعبين إلى أن أصدقاء ميسي بفريق الناشئين حينها مثل: بيكيه، فابريغاس، توني كالفو وفالينتي ساعدوه كثيرًا على التأقلم مع الأجواء بالنادي الكتالوني.
ثلاثة أعوام فقط كانت كافية لمشاركة ميسي مع الفريق الأول ببرشلونة، في المباراة الودية التي جمعت النادي الإسباني وبورتو البرتغالي عام 2003، عندما قرر المدرب الهولندي فرانك رايكارد استدعاء ميسي (صاحب القميص رقم 14) للمشاركة بدلًا من فيرناندو نافارو في الدقيقة 71 من المباراة.
المشاركة الأولى لميسي مع برشلونة
وفي أكتوبر من عام 2004، شارك ميسي في أول مباراة رسمية مع برشلونة أمام إسبانيول، وبدأ تدريجيا في تثبيت أقدامه مع الفريق، وشارك لأول مرة بـ” كلاسيكو الأرض” (برشلونة وريال مدريد) في عام 2005، لكنه لم يقدم الكثير خلال هذا اللقاء، ليعود في عام 2007 ويسجل أول هاتريك له بقميص “البارسا” أمام ريال مدريد.
استمرت مسيرة ميسي مع برشلونة، ونجح خلالها في تقديم كل شيء ممكن، فهو أكثر من لعب بقميص النادي الإسباني في التاريخ برصيد 778 مباراة، وأكثر لاعبي برشلونة إحرازا وصناعة للأهداف، إذ أحرز 672 هدفا وصنع 305.
كما حصد “البرغوث” رفقة برشلونة لقب الدوري الإسباني 10 مرات، وبطولة كأس ملك إسبانيا 7 مرات، والسوبر الإسباني 8 مرات، بالإضافة إلى دوري أبطال أوروبا 4 مرات، والسوبر الأوروبي 3 مرات، كما حقق لقب كأس العالم للأندية 3 مرات.
بقميص “البلوغرانا”، نجح اللاعب الأرجنتيني في حصد عديد من الألقاب الفردية، التي وصل عددها إلى 70 جائزة فردية وفقا لموقع “جول”، وعلى رأسها الحصول على الكرة الذهبية 6 مرات، أكثر من أي لاعب آخر.
مصير “منديل التعاقد”
وبعد مرور عديد من الأعوام على قصة توقيع العقد الأول لميسي مع برشلونة، بدأت الجماهير في التساؤل عن مصير هذا “المنديل” الذي كُتبت عليه تفاصيل هذا العقد، وأوضح وكيل ميسي خلال تلك الفترة، جاجيولي، أنه ما زال محتفظا بهذا المنديل، وأنه رفض عديد من العروض المالية المغرية من أجل التخلي عنه، موضحًا أن هذا المنديل كان سببا في كتابة جزء رائع من تاريخ “البلوغرانا”، ويستحق التواجد بمتحف برشلونة، وفقًا لما ذكرته صحيفة “ماركا” الإسبانية.
صورة جاجيولي مع منديل العقد الأول لميسي
وبين منديلي “البداية” و”الوداع”، كانت جماهير كرة القدم تأمل في نهاية أفضل لقصة ميسي الأسطورية مع برشلونة، لكن تظل فترة “البرغوث” داخل أسوار النادي الكتالوني، واحدة من أمتع الحقب الزمنية التي تابعها محبو الساحرة المستديرة سواء كانوا من جمهور برشلونة أم لا.