مؤتمر إخونجي ل”تصدير الإرهاب” ينهي أعماله في تركيا
المؤتمر يستهدف الاستقرار الأمني والسياسي في مصر
بعد عدة تقارير أكدت قيام قيادات إخونجية بتدريب عدد من عناصر التنظيم في إحدى الدول الآسيوية على المهارات العسكرية والاستخباراتية، وعن نوايا لدى التيار الأكثر تطرفاً داخل تنظيم الإخونجية بتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف أمن واستقرار مصر، انتهت أعمال مؤتمر المكتب العام لتنظيم الإخونجية (الجبهة الثالثة) أو ما يسمى ب”تيار التغيير”، الذي عقد أمس السبت، بفندق “وندهام جراند جونشلي” في إسطنبول.
المؤتمر عقد بمشاركة قادة ومؤسسين للميليشيات الإرهابية المسلحة في القاهرة، من بينهم، رضا فهمي، رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشعب المصري في عهد مرسي، وأحد المشرفين على نشاط حركة حماس في القاهرة قبل العام 2011، وعبد الغفار صالحين، رئيس لجنة الصحة بالبرلمان المصري في عهد مرسي، وجمال عبد الستار؛ أحد أهم منظري العنف داخل المكتب العام للإخونجية.
ودعا المشاركون لمواصلة مسيرة الإرهاب، بعد إصدار الوثيقة الأولى للمكتب العام، والتي شبهوها بالمؤتمر الخامس الذي عقده المؤسس الأول حسن البنا، وأعلن فيه استخدام القوة، عندما قال إنه “يجب استخدام القوة حين لا يجدي غيرها”، وبناء على ذلك تم تدشين النظام الخاص أو الجناح العسكري للتنظيم في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي.
تيار التغيير أو شباب المكتب العام، ظهر على الساحة لأول مرة عقب فض اعتصام الإخونجية في رابعة العدوية بمصر في أغسطس/آب 2013، فكون -في ذلك الوقت- اللجنة الإدارية العليا والتي رأسها عضو مكتب الإرشاد محمد كمال.
اللجان النوعية للإخونجية
استقر تيار التغيير عقب فض رابعة مع القيادة التقليدية على استمرار استراتيجية الإرهاب المسلح من خلال اللجان النوعية للإخونجية، إلا أنه مع فشل تلك اللجان في تحقيق أهدافها، قرر التنظيم وقف الخطة مع تحميل محمد كمال ومجموعته المسؤولية.
إلا أن محمد كمال رفض تلك التهم، فقرر تنظيم الإخونجية إجراء انتخابات يدلي فيها الجميع بأصواته ليختاروا من يقود دفة الجماعة، في حدث أسفر عام 2016، عن فوز محمد كمال ومجموعة من الشباب والذين كونوا المكتب العام.
وبعد خسارة محمود حسين منصبه كأمين التنظيم، رفضت القيادة التاريخية نتائج الانتخابات، واعتبرتها غير شرعية، وأعادة قيادة التنظيم بين ذراعي الشيوخ ثانية بعد لجان ومحاكمات وشهادات وفض منازعات.
تلك الخطوة رفضها تيار الشباب، معتبرين قادة التنظيم أنهم من تسبب في الهزائم التي لاحقت الإخونجية حتى اليوم، إلا أنهم أخذوا جانبًا مستقلين عن باقي التنظيم، معتبرين أنفسهم القيادة الحقيقية والمنتخبة من القواعد.
الموقف من جبهتي لندن وإسطنبول
ومع ابتعادهم عن المشهد رويدا رويدا، لم يبق منهم إلا عشرات فقط في تركيا وبضع مئات في الداخل المصري؛ فابتعد تيار التغيير عن الصراع والانشقاقات التي لاحقت التنظيم عقب إلقاء القبض على محمود عزت.
ولم ينضم تيار التغيير إلى الصراع الذي نشب بين جبهتي لندن وإسطنبول، بشكل رسمي، وإن كانت هناك إشارات أن بعضهم اتخذ جانب إبراهيم منير نكاية في محمود حسين الذي ظاهرهم العداء وطاردهم في كل مكان ومنع عنهم التمويل، بل وأرشد عن بعضهم في إسطنبول والخرطوم.
ودون أن يكون لتيار التغيير أي تأثير يذكر في الحراك السياسي أو تغيير خريطة الإخونجية، ظل المكتب العام يمارس أنشطة تربوية لأسرهم وعائلاتهم، مما أدى إلى وقف الدعم عنهم، كونهم أصبحوا ورقة دون قيمة.
تلك الورقة شاركت بشكل رمزي وبكلمة قصيرة في مؤتمر شباب التغيير الذي عقد في يناير/كانون الثاني 2022، عبر محمد منتصر المتحدث السابق للتنظيم، لينتقل تيار التغيير بعدها إلى مرحلة الوداع الأخير في 15 مايو/أيار الماضي بآخر بياناتهم، والذي أعلنوا فيه أنهم لن يكونوا ضمن الحوار الوطني الذي كان يرغب الإخونجية (جبهة إبراهيم منير المشاركة فيه) والذي حاولت (جبهة محمود حسين) الاشتراك فيه ولكن بشروط.
وفيما لم يقبل المكتب العام بالمشاركة في الحوار الوطني، مؤكدين أنهم لن يكونوا ضمن أي حوار في المنطقة أو أية مشاريع سياسية إقليمية، كان ذلك الموقف بمثابة شهادة بتوقفهم عن المشاركة او الحكم على أنفسهم بالموت الإكلينيكي.
الأعمال الإرهابية
بشكل مفاجئ، أعلن المتحدث الرسمي الأسبق والقيادي في تيار التغيير محمد منتصر، عن بدء الاستعداد لعقد مؤتمر في فندق بإسطنبول لمناقشة الوثيقة الأولى السياسية، وتمكن التيار من الاتصال بعدد من الرموز السياسيين لصقلهم وتدريبهم كمحاولة لرسم كيانهم بشكل واضح، بعيدا عن الجبهتين.
ورغم المبررات التي أطلقوها للترويج للمؤتمر وللوثيقة، إلا أن ظهورهم يحمل علامات استفهام، لأسباب عدة؛ أولها أن التوقيت لا يسمح بطرح رؤى سياسية حادة، بالإضافة إلى أن الظروف ليست مهيأة للحديث عن استعادة العمل الثوري، بعد سقوط ورقة الخداع التي مارسها الإخونجية مع الجميع.
الإنفاق على المؤتمر وحجز القاعة بمبالغ طائلة لا يقوى أعضاء المكتب العام على تحملها، كشف عن وجود راعٍ مجهول وراء عقد هذا المؤتمر، وأنه إشارة لتدشين الأعمال الإرهابية.
وبحسب مراقبين، فإن هذه المؤتمر قد يكون رسالة واضحة للقيادة السياسية في مصر بأن ثمة لاعب جديد سيتم الزج به في الملاعب والتهديد به فبل مؤتمر المناخ المزمع عقده في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 في شرم الشيخ.
إلا أن قبول تيار التغيير بالمشاركة في تلك اللعبة، فيشير -بحسب مراقبين- إلى أنه يحاول حجز مقعد له في كيانات الإخوان، باعتبارهم أحد فصائل التنظيم، وهو ما أشار إليه صراحة في المؤتمر.
فالمتحدث الرسمي باسم التنظيم، قال في المؤتمر، إن “الإخوان المسلمين مدرسة فكرية أصيلة، يحمل فكرها أكثر من تنظيم، وتيار التغيير الذي يرأسه المكتب العام هو جزء من الإخوان المسلمين يحمل الفكر والمنهج والأدبيات ويعمل على تطويرها بما يناسب الوقت الراهن”.
التيار الأعنف
وسادت أجواء من الارتباك قبيل بداية المؤتمر، ففيما تسربت أنباء حول عدم نية المنظمين إذاعة المؤتمر على الهواء مباشرة، ربما لقلة الحضور أو لسبب تنظيمي آخر، إلا أنه بدأ في موعده في السادسة مساء بتوقيت تركيا، والسابعة بتوقيت القاهرة، بكلمة ترحيبية بالضيوف وبالمشاركين.
ثم بدأ المتحدثون يشرحون الوثيقة للمتواجدين بالقاعة والغرض منها، ثم شاركهم الكلمة بعض الضيوف الذين تم دعوتهم لتدشين المبادرة، منهم جلال الدين دوران، مدير مؤسسة MID للعلاقات الدبلوماسية، الذي اتهم الحركات الإسلامية بأنها لا تمتلك رؤية حضارية ولا مشروعا شاملا، ثم نبه إلى ضرورة تدارك ذلك إذا أردنا الصعود مجددًا.
وفيما انتهى المؤتمر بالوثيقة التي خرجت إلى النور، إلا أن تنظيم الإخونجية لن يتوانى عن بث أفكاره وسمومه في صور مختلفة ومتعددة ومتنوعة، أملا في إيجاد منفذ للمجتمعات العربية والإسلامية لتعيد تدوير نفسها.
وبحسب مراقبين، فإن مؤتمر المكتب العام لتنظيم الإخونجية (الجبهة الثالثة)، الذي صدر التيار الأعنف في التنظيم الإرهابي، يحمل رسائل من جبهة إبراهيم منير إلى السلطات المصرية مفادها، أن المواجهات ستكون عنيفة خلال الفترة المقبلة، إذا لم يتم فتح قنوات للحوار مجددًا.
وأوضح المراقبون، أن الرسائل لم تقتصر على جبهة منير، بل إن داعمي المؤتمر وجهوا رسائل خفية -أيضًا- إلى السلطات المصرية، محاولين “دفعها” إلى الحوار، أو التفاهم بشأن بعض الملفات، فيما سيكون الخيار الثاني -حال رفضها- العنف.