ماذا تعني رئاسة بايدن بالنسبة إلى أردوغان؟
إدوارد جي ستافورد
الآن، وبعد أن أصبحت الخطوط العريضة لفريق السياسة الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، واضحة، يمكننا الانتقال من مجرد التكهنات إلى الحديث عن التوقعات المتعلقة بمستقبل العلاقات الأميركية التركية على المدى القريب. ولكن، لن نتوصل إلى أي شيء يقترب من التحليل الجاد إلا بعد تسلم بايدن، رسميًا، مهام الرئاسة.
في الوقت الحالي، تكشف الأسماء التي تم تداولها، عن احتمالية قوية للعودة إلى السياسة الخارجية لباراك أوباما، وذلك بتأكيده على العمل بالتنسيق مع الآخرين، وابتكار الحلول لمشاكل كبيرة مثل تغير المناخ.
وتحدث بايدن عن “الدبلوماسية المبدئية”، دون أن يقدم تفاصيل عما قد يعنيه هذا على أرض الواقع. ولكن، كإطار عام، من المرجح أن يركز بشكل أكبر على حقوق الإنسان في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يجب أن يشعر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالقلق من تأثير هذا التركيز على حقوق الإنسان على العلاقات مع الولايات المتحدة؟
الجواب بالتأكيد نعم، إن لم يبد تعاونا في مجالات أخرى. وعلى الرغم من أنه سيتم الحديث كثيرا عن الدبلوماسية المبدئية، إلا أن الحقيقة هي أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة ستظل تركز على المصالح الأميركية كما يحددها الرئيس الأميركي.
قد يكون هناك استعداد أكبر من قبل مسؤولي وزارة الخارجية والبيت الأبيض للتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان. ولكن سيبقى ذلك ضمن إطار معين، وبما لا يتعارض مع مصالح واعتبارات أخرى أكثر أهمية في العلاقات الثنائية.
على مدى السنوات القليلة الماضية، اهتمت وزارة الخارجية بحقوق الإنسان الأساسية المتمثلة في حرية المعتقد، لاسيما حقوق الأقليات الدينية وحرية العبادة. وأبدت الدولة حرصها على معاملة هذه الأقليات على قدم المساواة. وفي الوقت نفسه، لم تبد سوى اهتمام قليل عندما تعلق الأمر بحرية الصحافة وحرية تكوين الجمعيات.
وهكذا، زار وزير الخارجية المنتهية ولايته مايك بومبيو إسطنبول للقاء زعماء دينيين، لكنه لم يعط ذات الأهمية عندما تعلق الأمر بقمع الحريات في تركيا.
الكثير من هذا سوف يتغير في ظل إدارة بايدن. ويمكننا أن نتوقع في المستقبل القريب، من أعضاء إدارة بايدن، التحدث بشكل علني دفاعًا عن الصحافة الحرة والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات وعن الحقوق المتساوية للأقليات العرقية والاجتماعية.
لم يتحدد بعد إلى أي درجة ستحل قيم حقوق الإنسان محل مخاوف السياسة الواقعية في العلاقات الأميركية التركية.
وقد لا تفيد التكتيكات المستخدمة مع دولة مثل أوكرانيا وغيرها من الدول الأصغر أو الأقل أهمية، مع تركيا، لاسيما وأن أردوغان برع في تصوير تركيا على أنها ضحية للقوى الغربية، التي تسعى لإبقاء تركيا في حالة انكسار، لمنع صعودها في المنطقة، وإضعاف وحدتها وتماسكها الاجتماعي من خلال نشر القيم المعادية للإسلام.
وعلى الرغم من أن نبرته الخطابية لم تؤمن له سوى أغلبية ضئيلة من الدعم، فقد استخدم أدوات أخرى بذكاء للحفاظ على تلك الأغلبية الضئيلة، من خلال استغلاله للقضاة والمدعين العامين الذين زجّوا بالصحافيين والأكاديميين وغيرهم في السجون، وبدا وكأنه ليس هو من فعل ذلك؛ وأيضاً من خلال استغلاله للسوريين أو غيرهم، يرسل بهم ليموتوا في مناطق الصراع التي تختارها أنقرة.
ونظرًا لموقعها، لا تستطيع الولايات المتحدة تحمل القطيعة التامة مع تركيا، وهو أمر يعرفه أردوغان واستغله جيدًا لأكثر من عقد من الزمان. كما أنه يعرف، أو يجب عليه الآن أن يعرف، أن فريق بايدن القادم من المرجح أن ينقسم ليضم مستشارين وموظفين من سنوات حكم أوباما، وآخرين من جناح بيرني ساندرز في الحزب. وهناك أيضاً مجلس الشيوخ.
السيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي لم تتحدد بعد. ولا يزال يتعين تحديد مقعديّ مجلس الشيوخ من ولاية جورجيا في انتخابات الإعادة المقرر إجراؤها في 5 يناير، بعد يوم من شغل أعضاء مجلس الشيوخ المنتخبين حديثًا مقاعدهم. وإذا فاز الديمقراطيون بالمقعدين، فسوف يسيطرون على البيت الأبيض والكونغرس؛ وإذا لم يحدث ذلك، سيسيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ، وسيكونون قادرين على فرض تسويات على الديمقراطيين، مما يعقّد، إلى حد ما، حرية بايدن في التصرف في السياسة الخارجية.
يأمل الجميع أن يؤدي انتخاب بايدن إلى توفر الفرصة للتخفيف عن الشعب التركي، من سوء الإدارة المالية والفساد، وقمع الصحافة، وتجاهل حقوق الأقليات، والمغامرات العسكرية، وما إلى ذلك خلال سنوات حكم الرئيس أردوغان.
من المؤكد أن بايدن سيتبع سياسة خارجية أقل اعتماداً على المزاج الشخصي، كما كان الحال مع الرئيس ترامب، لكنه سيواصل، بالتأكيد، وضع المصالح الأميركية في المقام الأول.
الأوبزرفر العربي