مالي: المحكمة الدستورية تقرر تعيين قائد الانقلاب العسكري رئيساً للجمهورية
قررت المحكمة الدستورية في مالي تعيين قائد الانقلاب العسكري الكولونيل أسيمي غويتا، رئيساً للجمهورية ورئيساً للمرحلة الانتقالية المفترض أن تنتهي بإعادة السلطة إلى المدنيين، لتكتمل بذلك فصول ثاني انقلاب يشهده هذا البلد في غضون تسعة أشهر.
وقالت المحكمة الدستورية إن على غويتا شغل الفراغ الذي خلفته استقالة نداو “من أجل قيادة العملية الانتقالية إلى نهايتها”، وحمل لقب “رئيس المرحلة الانتقالية، رئيس الدولة”.
وصرح غويتا، في تلفزيون الدولة ليل الجمعة، بأنه سيعين رئيس جديداً للوزراء من بين أعضاء التحالف الذي قاد الاحتجاجات ضد الرئيس كيتا العام الماضي، والذي اختلف مع نداو ووان خلال الفترة الانتقالية.
وأصبح غويتا نائباً للرئيس خلال فترة انتقال مالي إلى الديمقراطية، بعدما قاد الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس المنتخب إبراهيم بوبكر كيتا في أغسطس الماضي.
وقاد غويتا (38 عاماً) انقلاباَ ثانياً الاثنين الماضي، عندما أمر باعتقال الرئيس المؤقت باه نداو ورئيس الوزراء مختار وان، إثر تعيين حكومة جديدة جردت اثنين من زعماء الانقلاب الأول من منصبيهما الوزاريين.
واستقال الرئيسان المعتقلان، الأربعاء، وأُطلق سراحهما لاحقاً.
مسار تصادمي
ويضع هذا الحكم مالي في مسار تصادمي مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” التي تصر على استمرار قيادة مدنيين للمرحلة الانتقالية، المقرر انتهاؤها بإجراء انتخابات في فبراير المقبل.
وكانت “إيكواس” قالت في أكتوبر الماضي، بعد الموافقة على رفع العقوبات المفروضة إثر الانقلاب الأول، إن نائب الرئيس الانتقالي “لا يمكنه أن يحل محل الرئيس تحت أي ظرف”.
وتخشى “إيكواس” والدول الغربية، بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة، أن تؤدي الأزمة السياسية إلى تفاقم عدم الاستقرار في شمال ووسط مالي، حيث تتمركز جماعات إقليمية تابعة لتنظيمي “القاعدة” و”داعش”، ما قد يقوض معركة إقليمية ضد “التطرف”.
ومن المقرر أن يجتمع رؤساء “إيكواس” (تضم 15 دولة) في غانا الأحد، حيث “يمكن أن يعلنوا فرض عقوبات”، وفق ما رجح مصدر مقرب من المجموعة لوكالة “فرانس برس”، الأربعاء.
انقلاب داخل انقلاب
وأثار توقيف الرئيس المؤقت باه نداو ورئيس الوزراء مختار وان، الموكلين مهمة إعادة البلاد إلى حكم مدني بعد الانقلاب على كيتا، تنديداً دولياً وتهديداً بفرض عقوبات.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن ما يحدث في مالي هو “انقلاب داخل انقلاب، وهذا مرفوض”.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مغلقة، الأربعاء، بطلب من فرنسا ودول أخرى.
وفي أغسطس الماضي، أطاح عسكريون بالرئيس المنتخب إبراهيم بوبكر كيتا، الذي واجه ضغوطاً بسبب طريقه تعامله مع التمرد المسلح في البلاد.
وشكّل العسكريون، في ظل الضغوط الدولية في سبتمبر وأكتوبر الماضيين، هيئات انتقالية (رئاسة وحكومة ورئيس وزراء وهيئة تشريعية) وتعهدوا بإعادة السلطة إلى مدنيين منتخبين في غضون 18 شهراً.
لكن قادة الانقلاب وشخصيات مرتبطة بالجيش هيمنوا على المناصب البارزة في الحكومة الانتقالية، إذ انتخب قائد الانقلاب العقيد أسيمي غويتا نائباً للرئيس الانتقالي، فيما انتخب العقيد المتقاعد باه نداو رئيساً انتقالياً.
وفي أبريل الماضي، أعلنت السلطات الانتقالية إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في فبراير ومارس 2022. لكن النزاع والتنافس السياسي المحتدم يثيران شكوكاً بشأن التزام السلطات بالبرنامج الانتخابي.
وتكافح مالي، البلد غير الساحلي الذي يبلغ عدد سكانه 19 مليون نسمة، للقضاء على تمرد عنيف بدأ أولاً في شمال البلاد في عام 2012، قبل أن يمتد إلى مناطق الوسط، وبوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.