متظاهرون يغلقون الطرق الرئيسية في لبنان بسبب الأزمة الاقتصادية
الجيش يحذر من خطورة الأوضاع في البلاد
أغلق متظاهرون صباح الاثنين، طرقاً رئيسية في مختلف أنحاء لبنان، بينها غالبية المداخل المؤدية إلى العاصمة بيروت، على وقع تسجيل سعر الصرف تدهوراً قياسياً مقابل الدولار وغرق البلاد في جمود سياسي من دون أفق.
وأضرم المتظاهرون النيران في مستوعبات للنفايات وأشعلوا الإطارات، وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام عن إقفال محتجين طرقاً عدة جنوب بيروت، أبرزها طريق المطار، وفي مناطق الشمال خصوصاً طرابلس، والبقاع شرقاً وفي جنوب البلاد.
وفي بيروت نفسها أغلق المحتجون طريقا رئيسيا أمام مصرف لبنان المركزي.
وطلب رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، من الجيش وأجهزة الأمن بعدم السماح بقطع الطرقات، معتبراً أن “على الأجهزة الأمنية والعسكرية أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبق القوانين دون تردد”.
ورأى عون أن “ما يجري من قطع الطرقات يتجاوز مجرد التعبير عن الرأي إلى عمل تخريبي منظم يهدف لضرب الاستقرار”.
ولليوم السابع على التوالي، تم إقفال غالبية مداخل بيروت تحت شعارات عدّة، وقد أطلِق على احتجاجات اليوم شعار “يوم الغضب”.
ويتزامن إقفال الطرق، الاثنين، مع دخول لبنان المرحلة الأخيرة من تخفيف قيود الإغلاق المشدد المفروض منذ منتصف الشهر الماضي في محاولة للحد من التفشي المتزايد لفيروس كورونا.
وسجّلت الليرة في الأيام الأخيرة انخفاضاً قياسياً غير مسبوق منذ دخول لبنان دوامة الانهيار الاقتصادي قبل عام ونصف العام، إذ اقترب سعر الصرف مقابل الدولار من عتبة 11 ألفاً في السوق السوداء. وتسبّب ذلك بارتفاع إضافي في الأسعار، دفع الناس للتهافت على المحال التجارية لشراء المواد الغذائية وتخزينها.
وشهدت محال بيع المواد الغذائية حوادث صادمة في الأيام الأخيرة، مع التهافت على شراء سلع مدعومة، لم تمر دون صدامات، في بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، وترتفع فيه معدلات البطالة تدريجياً.
وحذّر “مرصد الأزمة” في الجامعة الأميركية في بيروت، وهو مبادرة بحثية تهدف إلى دراسة تداعيات الأزمات المتعددة في لبنان وطرق مقاربتها، في تقرير الاثنين، من أنه و”إن ظهرت تداعيات انهيار قيمة الليرة جلياً في تدهور القدرة الشرائية للبنانيين والمقيمين في لبنان، وما يرافق ذلك من تنافس محموم وأحياناً عنيف على ما يعرض من سلع وبضائع مدعومة في بعض المحلات، فإن الأسوأ لم يحدث بعد”.
ورغم ثقل الأزمة الاقتصادية وشحّ السيولة، لم تثمر الجهود السياسية رغم ضغوط دولية عن تشكيل حكومة، منذ استقالة حكومة حسان دياب بعد أيام من انفجار المرفأ المروّع.
يذكر أن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري على خلاف مع الرئيس ميشال عون، ولم يتمكن من تشكيل حكومة جديدة تنفذ الإصلاحات المطلوبة لصرف مساعدات دولية بمليارات الدولارات.
وجه قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، رسالة للمسؤولين في لبنان، قال فيها إن العسكريين يعانون ويجوعون مثل بقية الشعب، مضيفا: “حذرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع الذي يمكن أن ينفجر”.
ذكرت ذلك الوكالة الوطنية للإعلام، اليوم الاثنين، مشيرة إلى أن قائد الجيش عقد اجتماعا مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة في حضور أعضاء المجلس العسكري لاستعراض التطورات المحلية والإقليمية.
وقال العماد عون: “لبنان يعاني نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي والجيش هو جزء من هذا الشعب ويعاني مثله، والوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع المجالات خاصة الاقتصادية بصورة أدت إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع”.
وقال عون: “الجيش مع حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور والمواثيق الدولية إذا لم تتخللها انتهاكات وتعديات على الأملاك العامة والخاصة”.
وقال العماد عون: “الجيش لن يسمح بمس الاستقرار والسلم الأهلي”، “موازنة الجيش يتم تخفيضها كل عام حتى أصبحت لا تكفي حتى نهاية العام ولذلك بادرت المؤسسة العسكرية إلى اعتماد سياسة تقشف كبيرة من تلقاء نفسها تماشيا مع الوضع الاقتصادي”.
وتسائل: “أتريدون جيشا أم لا؟… أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟… مضيفا: “مهمات الجيش كثيرة وهو جاهز دائما لكن ذلك لا يمكن أن يتم مقابلة ذلك بخفض مستمر ومتكرر للموازنة وبنقاشات حول حقوق العسكريين”.
وقال قائد الجيش اللبناني: “هذا الأمر يؤثر على معنويات العسكريين، لكننا لم نصل إلى نتيجة للأسف عندما تحدثنا مع المعنيين”، مضيفا: “لا يهمهم الجيش أو معاناة العسكريين”.
ويشهد لبنان منذ صيف العام 2019، أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت إلى خسارة العملة المحلية أكثر من 80% من قيمتها مقابل الدولار، وفاقمت معدلات التضخم وتسبّبت بخسارة عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم، فيما نضب احتياطي المصرف المركزي بالدولار.