محكمة سودانية تحكم بالإعدام على 27 من أعضاء جهاز الأمن والمخابرات بتهمة قتل متظاهر
حكمت محكمة سوادنية الاثنين بالإعدام شنقا على 27 من أعضاء جهاز الأمن والمخابرات (سابقا) بعد إدانتهم بالتسبب في قتل متظاهر أثناء احتجازه لدى الجهاز إبان الاحتجاجات التي أطاحت الرئيس السابق عمر البشير.
وهي المرة الأولى التي تصدر فيها أحكام بالإعدام في حقّ عناصر أمن منذ سقوط البشير الذي حكم السودان بقبضة حديد طوال ثلاثين سنة.
وأعلن في الثاني من شباط/فبراير الماضي وفاة أستاذ المدرسة أحمد الخير عوض الكريم بعد أن اعتقله جهاز الأمن والمخابرات الذي بات اسمه اليوم جهاز المخابرات العامة، في بلدة خشم القربه بولاية كسلا في شرق البلاد. وكان تمّ اعتقاله في 31 كانون الثاني/يناير في الشارع، وبعد انتهاء تظاهرة في المنطقة. ووجهت اليه تهمة المشاركة في تنظيم التظاهرات.
وقال القاضي الصادق عبد الرحمن “وفق ما ثبت للمحكمة إدانة المتهمين السبعة والعشرين بموجب المادتين 21 (الاشتراك الجنائي) و130 (القتل العمد) من القانون الجنائي السوداني، وتقرر الحكم عليهم بالإعدام شنقا حتى الموت”.
وأضاف القاضي “اتفق المتهمون واشتركوا في ضرب المجني عليه… وتسبّب الأذى والكدمات نتيجة الضرب في وفاته”.
وعقب نطق القاضي بالحكم، هتف أفراد أسرة القتيل “الله أكبر، يحيا العدل”.
وحكمت المحكمة على أحد عشر آخرين من أفراد جهاز المخابرات بالسجن لمدة تراوح بين ثلاث الى خمس سنوات.
وحوكم في القضية 38 عنصرا أسقطت عنهم الحصانات القضائية لدى بدء التحقيق. ويتمتع عناصر الأمن في السودان بحصانة قضائية إجمالا.
وكانت المحكمة برأت ثلاثة عناصر في وقت سابق، بعد أن ثبت أنهم لم يكونوا حاضرين في مكان ارتكاب الجريمة.
وتتهم منظمات حقوقية وناشطون جهاز المخابرات بارتكاب جرائم تعذيب إبّان سنوات حكم البشير. وأطيح البشير في نيسان/أبريل في انقلاب عسكري تحت ضغط الشارع.
وعقدت المحكمة في أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، اثنتين وعشرين جلسة منذ آب/أغسطس الماضي.
خارج قاعة المحكمة، تجمهر الاثنين مئات المحتجين الذين حملوا أعلام السودان وصورا للمتوفي أحمد الخير كتب عليها “دم الشهيد ما راح”، وهتفوا بعد النطق بالحكم “يحيا العدل. القصاص بس”.
ووصل العشرات من ولاية كسلا الواقعة على بعد 800 كيلومتر شرق الخرطوم على متن حافلات لحضور جلسة النطق بالحكم.
وقال أستاذ المدرسة أحمد حسن “جئنا منذ أمس، معلمين وتلامذة مدارس، لنشهد هذه المحكمة ومساندة أسرة زميلنا”.
ورفضت أسرة المعلم القتيل العفو عن المدانين عندما سأل القاضي شقيقه سعد الخير الذي انفجر باكيا، قبل أن يجيب “أطالب بالقصاص”.
ويتيح القانون السوداني لذوي القتيل العفو عن قاتليه بعد إدانتهم.
ويتولى الحكم في السودان حاليا مجلس سيادة مؤلف من مدنيين وعسكريين مهمته إدارة مرحلة انتقالية تقود البلاد الى انتخابات وتسليم السلطة الى المدنيين.
وشدد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك على تحقيق العدالة لمن “استشهدوا أثناء الاحتجاجات”. وقال الأسبوع الماضي أثناء الاحتفال بمرور عام على بدء الاحتجاجات ضد البشير “الذين واجهوا الرصاص بصدور عارية وجعلوا هذا ممكنا، دماؤهم لن تضيع هدرا”.
وفقا لتحالف الحرية والتغيير الذي قاد التظاهرات، قتل 250 شخصا خلال حركة الاحتجاج غالبا خلال محاولات لقمعها. وتقول منظمة العفو الدولية أن العدد 177 قتيلا.
ويحق للمحكومين استئناف الحكم خلال مدة أسبوعين من صدور الحكم.
واكد محامو الاتهام انهم ينتظرون احالة بقية قضايا “الشهداء” على المحاكم لبتها.
وقال عمر عبد العاطي رئيس هيئة الاتهام ووزير العدل في الفترة من 1985 الي 1986 عقب اسقاط حكم جعفر النميري بانتفاضة شعبية “ننتظر بقية قضايا الشهداء للفصل فيها”.
واشار احمد الربيع القيادي في تحالف الحرية والتغيير الى ان اليوم “يوم تاريخي للسودانيين”، وقال للصحافيين “اليوم بدأنا عهدا جديدا في العدالة وكل من انتهك حق سودانيين سيتم القصاص منه”.
واعتبر عادل بكري احد محامي الاتهام أن المحكمة اثبتت ان القضاء السوداني “بخير”.
وكتب محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة على صفحته على فيسبوك “ما شهدناه اليوم في مُحاكمة قتلة المعلم الشهيد أحمد الخير، يُجدِّد ثقة الشعب السوداني بمؤسساته العدلية”.
واضاف ان “القصاص هو مطلبُ الثورة العادل، وتحقيقه هو واجبنا جميعاً في مختلف قطاعات الشعب ومؤسساته”.