مشاورات أميركية أوروبية لنشر قوات إضافية في أوروبا الشرقية
أعلن البيت الأبيض عن إجراء مشاورات أميركية أوروبية لنشر قوات إضافية في أوروبا الشرقية تحسباً لتحرك روسيا عسكرياً ضد أوكرانيا.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قد عقد أمس الإثنين قمة افتراضية مع عدد من القادة الأوروبيين بشأن الوضع في أوكرانيا، شارك فيها كل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج، والرئيس البولندي أندريه دودا، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
وأعلن بايدن في ختام القمة، التوصّل إلى اتفاق “تام” بشأن التعامل مع التهديد العسكري الروسي عند الحدود مع أوكرانيا.
وقال بايدن للصحافيين إثر انتهاء الاجتماع مع حلفاء من أوروبا وحلف شمال الأطلسي “أجريت لقاءً جيداً جداً جداً (…) هناك إجماع تام مع القادة الأوروبيين”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، خلال الإحاطة اليومية للبيت الأبيض، إن جدول أعمال القمة شمل المسار الدبلوماسي وتدابير الردع في مواجهة روسيا، بالإضافة إلى مسألة العقوبات ضد موسكو.
وذكر البيت الأبيض، أن القمة الافتراضية بين بايدن والقادة الأوروبيين استمرت لمدة ساعة وعشرين دقيقة.
Today, I spoke with European leaders in response to Russia’s military buildup on Ukraine’s borders. We discussed our joint efforts to deter further Russian aggression, such as preparations to impose severe economic costs on Russia and reinforce security on the eastern flank. pic.twitter.com/2XvTTvdLJl
— President Biden (@POTUS) January 24, 2022
من جهتها، أعلنت برلين في المؤتمر الافتراضي نفسه، أنّ القادة الغربيين جدّدوا دعمهم “غير المشروط” لوحدة أراضي أوكرانيا وتوعّدوا روسيا بـ”عواقب وخيمة” إذا ما شنّت “عدواناً” ضدّ جارتها الغربية.
وقال متحدّث باسم المستشارية الألمانية إنّ القادة الغربيين “أجمعوا على أنّه من مسؤولية روسيا أن تتّخذ مبادرات واضحة للتهدئة”.
خطط لجميع السيناريوهات
وبشأن ما إذا كان بايدن يفكر في نشر مزيد من الجنود في أوروبا الشرقية، وخصوصاً في رومانيا وبلغاريا، قالت ساكي “إننا نعمل مع حلفائنا وشركائنا لتحسين الخطط العسكرية لجميع السيناريوهات” المتعلقة بالتعامل مع روسيا.
وأضافت “قلنا دائماً إننا سندعم حلفاءنا في الواجهة الشرقية من أوروبا”، مشيرةً إلى أن “المشاورات بين مسؤولي الأمن القومي الأميركي ونظرائهم في أوروبا، الجارية منذ أسابيع، لم تستبعد خيار توفير مساعدات إضافية استباقاً للغزو المحتمل”.
وتابعت أن “هذه المحادثات مستمرة مع شركائنا، والدول الواقعة في الواجهة الشرقية لأوروبا”، مشيرةً إلى أن “وزارة الدفاع الأميركية ستقدم المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع في وقت لاحق”.
وشددت المتحدثة على أن نشر مزيد من القوات الأميركية ليس خطة تصعيدية من قبل واشنطن، قائلةً إنه “من المهم أن نتذكر من هو المعتدي هنا؛ إنها ليست الولايات المتحدة، وليست هذه الدول الواقعة على الجانب الشرقي، بل روسيا هي التي لديها عشرات الآلاف من القوات على حدود أوكرانيا.. (الروس) لديهم القدرة على التهدئة، ونحن نرحب بذلك”.
قوة متعددة الجنسيات
من جانبه، قال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في إحاطة صحفية الاثنين، إن الولايات المتحدة “ستعمل بحزم للدفاع عن مصالحها الوطنية رداً على الإجراءات التي تتخذها روسيا والتي تضر بنا أو بحلفائنا أو شركائنا”.
وأضاف “كجزء من هذا الالتزام، تحتفظ وزارة الدفاع بقوات قتالية كبيرة قادرة على التقدم في أوروبا لردع العدوان، وتعزيز قدرة الحلف على الدفاع عن الحلفاء وهزيمة العدوان إذا لزم الأمر”.
وأوضح كيربي أن “قوة الرد السريع هي قوة متعددة الجنسيات تتكون من القوات البرية والجوية والبحرية والخاصة، وجميع المكونات التي يمكن للتحالف نشرها في غضون مهلة قصيرة، حيثما دعت الحاجة”، مشيراً إلى أنها “تتكون من حوالي 40 ألف شخص ومكونات بحرية وجوية وقوات للعمليات الخاصة”.
وتابع المتحدث أن وزير الدفاع لويد أوستن وضع “مجموعة من الوحدات في الولايات المتحدة في حالة استعداد متزايد للانتشار، حال احتياج الناتو لتنشيط قوة الرد السريع أو حدوث مواقف أخرى”، مشيراً إلى أن “عدد القوات التي وضعها الوزير في حالة تأهب قصوى يصل إلى حوالي 8500 فرد”.
عقوبات غير مسبوقة
وأكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، الاثنين، عدم وجود “أي خلاف” مع الأوروبيين بشأن فرض عقوبات غير مسبوقة على روسيا في حال غزت أوكرانيا، ولا بشأن مدى التهديد الوشيك الذي تشكّله روسيا على جارتها الغربية.
وقال المتحدث، خلال إفادته اليومية، “ليس هناك غموض” و”ليس هناك أي اختلاف”، مضيفاً “نعرف ذلك ويعرف ذلك خصوصاً الاتحاد الروسي”.
وبشأن التقارير التي تتحدث عن خلافات بين أعضاء حلف شمال الأطلسي حول حجم الرد على روسيا، قال برايس “نحن لا نرى الاختلافات التي تتحدّثون عنها”، مضيفاً أن “التهديد الذي نلاحظه ليس واضحاً بالنسبة إلينا فحسب، إنما هو واضح لجميع المراقبين”.
وأكد المتحدث أنّه “إذا عبر جندي روسي واحد الحدود” الأوكرانية، فإنّ ذلك سيُعتبر “غزواً متجدّداً”، محذّراً من أن ذلك سيؤدي إلى “ردّ سريع وصارم وموحّد من جانب الولايات المتحدة وحلفائنا”.
حاملة طائرات هجومية أميركية
وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض، خلال إحاطتها الصحافية، أن تدريبات “نبتون سترايك 22” العسكرية لحلف الناتو والتي انطلقت الاثنين، في البحر الأبيض المتوسط، سيتم خلالها وضع حاملة الطائرات الأميركية “هاري ترومان” تحت القيادة العملياتية لقوات الحلف.
وأضافت ساكي أن “هذه هي المرة الأولى منذ نهاية الحرب الباردة التي تصبح فيها حاملة طائرات هجومية أميركية تحت إدارة حلف الناتو”.
وتابعت أن “هذه التدريبات ستساعد على إظهار وحدة وقدرات وقوة التحالف عبر الأطلسي. كما ستساعد هذه التدريبات على دمج حاملات الطائرات الأميركية ضمن جهود الردع والدفاع لحلف الناتو”.
وقالت ساكي إنه “بينما تم البدء في الإعداد لهذه التدريبات في عام 2020، قبل فترة طويلة من تصاعد التوتر على حدود أوكرانيا بسبب الحشد العسكري الروسي، فإن هذه التدريبات تساعد الولايات المتحدة وحلفاءها لضمان الاستعداد لأي تهديد ضد الناتو”.
وأعلنت قيادة القوات المسلحة الموحدة لحلف الناتو في نابولي الإيطالية أن السفينة “ماونت ويتني” الرئيسية للأسطول السادس الأمريكي تشارك أيضاً في التدريبات.
وجاء في بيان للقيادة أنه بتدريبات “نبتون سترايك 22” التي ستستمر حتى 4 فبراير، “تختتم عملية النقل المخطط له لإدارة المجموعة الهجومية التابعة لحاملة الطائرات (هاري ترومان) من الأسطول السادس (الأميركي) إلى قيادة الضربات البحرية وقوات الدعم للناتو ولقيادات حلف شمال الأطلسي عامة”.
تأجيج التوترات
من جانبه، قال محلل سياسي روسي في تصريح لوكالة “تاس” الروسية للأنباء، الاثنين، إن قرار إرسال “الناتو” قوات إضافية إلى أوروبا الشرقية، نابع من رغبة في جني مكاسب سياسية واستفزاز موسكو، فضلاً عن “تأجيج” التوترات قبل رد أميركي متوقع على مسودة الضمانات الأمنية التي قُدمت الشهر الماضي.
وأضاف رئيس مجلس إدارة مؤسسة التنمية في روسيا أندريه بيستريتسكي: “كل هذا يحمل بصمة الدعاية السياسية ومحاولات التأثير على عقول السكان وسكان أوروبا الشرقية”.
ولفت إلى أن أهداف الدعاية السياسية هي “تهدئة أعضاء الحلف من أوروبا الشرقية وإلى حد ما لمضايقة روسيا”، مضيفاً أن أسلوب الحلف في السلوك “بدا فوضوياً إلى حد ما”.
ويعتقد بيستريتسكي أن نشاط “الناتو” الحالي في أوروبا الشرقية “وسيلة لتأجيج التوترات قبل الرد المتوقع من الولايات المتحدة على مقترحات الضمانات الأمنية لموسكو. ومن الواضح أن النخب الغربية تعلم جيداً أن روسيا لن تهاجم أوكرانيا”.