مطالب إخونجية بحرمان البلديات المؤيدة للجيش الليبي من موازنات مكافحة كورونا
في وقت توفر فيه مدن شرق ليبيا وجنوبها أغلب موارد ليبيا المالية، حيث تتركز معظم الآبار النفطية للبلاد هناك، يعاني السكان من الفقر والتهميش وتدهور المرافق الصحية، في حين تغدق الأموال على تسليح الميليشيات واستقدام المقاتلين الأجانب، والهرولة إلى دعم الاقتصاد التركي المتهاوي عبر ضخ وديعة بأربعة مليارات في البنك المركزي التركي.
أعادت مطالب قيادات إخونجية بحرمان البلديات المؤيدة للجيش الليبي من الموازانات المالية المخصصة لمواجهة فيروس كورونا أو استبدالها بمساعدات عينية ملف توزيع الثروات بين مناطق البلاد إلى صدارة الجدل السياسي.
وجاء في بيان لحكومة السراج أنه سيتم استبدال الموازنات المالية للبلديات الخارجة عن سيطرتها بمساعدات عينية كبعض الأجهزة الطبية والمستلزمات الاستشفائية، ما يعمق الاحتقان الشعبي في شرق وجنوب البلاد.
وتعتبر ثروات ليبيا النفطية جوهر الصراع في ليبيا، إذ تستحوذ حكومة السراج على أغلب مواردها، ما استدعى تدخل القبائل الليبية في الشرق والجنوب لإغلاق هذه الحقول المحرومة من عائداتها.
وتعتمد ليبيا في اقتصادها بشكل أساسي على إيرادات النفط كمصدر رزق وحيد للبلاد التي انزلقت في فوضى عارمة منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي منذ تسع سنوات.
وتعرضت المنشآت النفطية لعدة هجمات وأعمال تخريبية، ولكن في منتصف شهر فبراير أغلقت قبائل في المنطقة الشرقية والوسطى موالية للجيش الوطني الليبي الحقول والموانئ النفطية متهمة حكومة السراج بإهدار ثروات الشعب على الحروب وجلب المقاتلين الأجانب.
وانعكست الفوضى والحروب في البلد العضو في أوبك على الأوضاع في كافة مرافق الدولة وعلى رأسها مرافقها الصحية حيث تردت أحوالها، خصوصا مع نقص الإمداد الطبي والأطقم الطبية الأجنبية المتخصصة التي غادرت البلاد بسبب ظروف الحرب الدائرة في البلاد.
ويعتبر إغلاق الحقول والمنشآت النفطية أخطر ضربة توجه لسلطات طرابلس منذ العام 2011، خصوصا وأنها ناتجة عن حراك شعبي تقوده القبائل المؤثرة في مواقع الإنتاج والتصدير، والتي تتهم حكومة السراج والأجهزة الخاضعة لها بتبديد إيرادات النفط في استجلاب المرتزقة وتهريب السلاح وتمويل الميليشيات وأمراء الحرب في محاولتها للتصدي لتقدم الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يتشكل في أغلبه من أبناء تلك القبائل.
ويتمسك شيوخ القبائل بقرار غلق الحقول والمصارف والموانئ النفطية إلى حين تشكيل حكومة موحدة قادرة على حماية مقدرات الليبيين وضرورة وضع حد للعبث القائم بمؤسسات الدولة المالية، وعلى رأسها مصرف ليبيا المركزي وجهاز الاستثمارات الخارجية.
وأقر المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة بوجود اختلال في توزيع الثروة في ليبيا، مؤكدا أنّ جوهر الأزمة في ليبيا هو صراع على الثروة ويتخذ شكل الصراع على السلطة.
وأضاف أن “أي حل سياسي في ليبيا يجب أن يرتبط بتوزيع ثروات البلاد”، مشيرا إلى أن “الأمم المتحدة لا ترغب في التدخل في شؤون الليبيين، ويتعين وجود رقابة دولية على موارد البلاد”. وكان القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر قد صرح خلال زيارته الشهر الماضي لباريس، بأن “الجيش الوطني الليبي لا يستفيد ماليا من مبيعات النفط في شرق البلاد”، في وقت يحرس فيه الجيش الموانئ النفطية ويسيطر على حقول النفط في الجنوب، لكن عائداته تدار من قبل مؤسسات موالية لحكومة السراج.
وفي وقت سابق أوصى مدير مكتب دعم السياسات العامة لرئيس ما يسمى بالمجلس الرئاسي لحكومة السراج محمد إبراهيم الضراط في بيان له بعدم صرف ميزانيات بلديات المنطقة الشرقية والجنوبية والبعض من بلديات المنطقة الغربية. وقال الضراط في بيان له “هذه المناطق مرتع للمرتزقة القادمة لمساندة حفتر في حربه على العاصمة طرابلس”.
وأضاف في توصيته “الكثير من البلديات المزمع صرف ميزانيات لها خاصة في المنطقة الشرقية والجنوبية تعاني من عدم الشفافية والتكتم في إصدار البيانات والإحصاءات بخصوص وباء كورونا، الأمر الذي يزيد من غموض الوضع ويجعل الشكوك تحوم حول الغرض من طلب الميزانيات والادعاء بأنها طلبت مواجهة وباء كورونا”.
وأردف “حفتر يعاني من ضائقة مالية، ولو أنه تم صرف هذه الميزانيات إلى بلديات المنطقة الشرقية والجنوبية، فهذا يعني أنها دعم واستمرار للحرب وإطالة أمدها وتقويض لأي فرصة للتفاوض الحقيقي، وكأننا أعطينا حفتر طوق نجاة لإنقاذ نفسه وتقوية موقعه وتجيير هذه الميزانيات لدعم المجهود الحربي، وهذا يعني أيضا المزيد من معاناة العاصمة والشعب الليبي”.
وكشفت توصيات الضراط والتي طالب فيها بعدم صرف موازنات البلديات المساندة للمشير خليفة حفتر والمخصصة لمكافحة وباء كورونا، حجم التجاهل الذي تتعرض له مدن شرق ليبيا وجنوبها وحتى بعض المدن الغربية.
وانتقد الخبير الاقتصادي ومؤسس سوق الأوراق المالية سليمان الشحومي، توصيات الضراط بعدم صرف ميزانيات مواجهة وباء كورونا للبلديات الداعمة لخليفة حفتر. وقال الشحومي في تدوينة على فيسبوك “سياسات عامة في وقت الأزمات على الطريقة الليبية، الصين وروسيا ترسلان مساعدات وأطقما طبية لمجابهة وباء كورونا في إيطاليا وأميركا”.
وأضاف “حتى الصومال أرسلت إلى إيطاليا التي استعمرتها سابقا فريقا طبيا للمساعدة، ونحن في ليبيا يخرج علينا مدير مكتب دعم السياسات العامة، ويطالب بأن يوقف صرف ميزانية مواجهة الوباء المخصصة من المجلس الرئاسي لبلديات المنطقة الشرقية والجنوبية، تحت أي سياسة عامة وأي منطق يندرج ذلك؟”.
طرابلس- الأوبزرفر العربي