معارضة شعبية ومقاطعة فصائلية لاجتماع المجلس المركزي الفلسطيني
فصائل صغيرة تتعرض لضغوطات أمنية واقتصادية لدفعها على المشاركة في الاجتماع
وسط معارضة شعبية واسعة ومقاطعة الفصائل غالبية الفلسطينية، ينعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية المحتلة الأحد المقبل، وهو الاجتماع الأول الذي يأتي في أعقاب قيام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بإلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية التي كانت مقررة في أيار/مايو، بحجة أن الانتخابات غير مضمونة في القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل.
وتمّ ترشيح عضوين جديدين من حركة فتح لعضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة، وهما روحي فتوح وحسين الشيخ. لكن ترشيحهما لا يلقى توافقا.
ورشحت حركة فتح فتوح لرئاسة المجلس الوطني الذي يمثل الفلسطينيين في الداخل والخارج، عقب استقالة رئيسه الحالي سليم الزعنون، في حين من المرجح أن توكل لحسين الشيخ الذي يشغل رئاسة هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية والتي تختص في التنسيق اليومي مع الجانب الإسرائيلي، أمانة سر اللجنة التنفيذية.
وينظر على نطاق واسع الى حسين الشيخ على أنه الخليفة المحتمل لعريقات كالمفاوض المحتمل المقبل مع إسرائيل التي توقفت بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني منذ العام 2014.
وعلى الرغم من أن الشيخ لا يتمتع بشعبية كبيرة، لكن يطرح اسمه بين الخلفاء المحتملين لعباس.
وبين الشخصيات التي تطرح أسماؤها لخلافة عباس رئيس الوزراء محمد أشتيه والقيادي مروان البرغوثي المسجون لدى إسرائيل والقيادي المعارض محمد دحلان الذي يعيش في المنفى، بالإضافة الى القياديين في حركة فتح جبريل الرجوب ومجد فرج.
ويقول الباحث في معهد لشرق الأوسط في واشنطن خالد الجندي إن الشيخ مقرّب من عباس، لكن له أيضا علاقات مع دبلوماسيين أجانب وقادة إسرائيليين. ويضيف “الإسرائيليون يقدّرون الشيخ على ما يبدو، والأميركيون أيضا. ويعتبر آخرون أنه شخص يمكن التعامل معه”.
ويشير الى أن أبو مازن “قد يكون في طور التحضير لخلافته، لكنني لست متأكدا من أن الأمور قد تجري بحسب رغبته”.
ابتزاز الفصائل الصغيرة
وذكرت مصادر إعلامية، أن حركة “فتح” كثّفت ضغوطها على الفصائل الصغيرة لدفْعها إلى المشاركة الشكلية في الجلسة، باستخدام أساليب متنوّعة ما بين الضغط الأمني، والتهديد على المستويَين الاجتماعي والاقتصادي، في وقت تخشى فيه من إحجام الديموقراطية والمبادرة الوطنية عن المشاركة، ما يعني مقاطعة شبه جماعية للمجلس.
وأضافت المصادر أن الرئيس عباس أصدر أوامر إلى اللجنة المركزية للحركة، وجهاز المخابرات العامة التابع للسلطة، بتصعيد الضغوط على قيادات تلك الفصائل، سواءً بالترغيب أو الترهيب، في حال تعنّتها في رفْض حضور المجلس.
مقاطعة الفصائل
وأعلنت قوى سياسية رفضها عقد اجتماع المجلس المركزي. وطرحت بيانا في هذا الإطار جاري التوقيع عليه إلكترونيا وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المنضوية في إطار منظمة التحرير مقاطعة الاجتماع، أن “خطورة هذا الاجتماع دون توافق أنه يمثل تجاوزا للتوافقات الوطنية السابقة لترتيب البيت الفلسطيني ولإجراء الانتخابات الشاملة”.
ويقول العضو في المجلس المركزي الفلسطيني حسن خريشة، المعروف بمواقفه المعارضة للسلطة الفلسطينية إنه غير مقتنع بإمكانية خروج الاجتماع بـ “نتائج حقيقية”، ويأتي لذر الرماد في العيون فقط”، و”للتغطية على إلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية، والقول إن هناك من يقرر شكل النظام القائم”.
وشدّد خريشة، على ضرورة إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني وانتخاب مجلس مركزي جديد ولجنة تنفيذية جديدة.
وحول إمكانية تعيين الشيخ خلفا لعريقات، يقول خريشة “يبدو أن هناك نية لذلك، لكن هذا الأمر يبقى في يد اللجنة التنفيذية”.
ويستدرك “إلا في حال وجد هذا التعيين معارضة من الفصائل الأخرى، ولا أعتقد أن هناك معارضة جادة”.
اختطاف المؤسسات
من جانبها، قالت حركة حماس، اليوم الجمعة 4 فبراير 2022، إن القيادة المتنفذة في رام الله تواصل اختطافها لمؤسسات الشعب الفلسطيني القيادية، وتفريغها من مضمونها، وتهشيم تاريخها، وتحويلها إلى أداة لتحقيق أجندات شخصية وترتيبات مستقبلية خطيرة.
وأضافت الحركة في بيان صحافي صادر عنها: “بدلاً من الاعتراف بفشل مسار أوسلو الذي أوصل شعبنا وقضيتنا إلى ما نعانيه اليوم، تواصل هذه القيادة ارتهانها للاحتلال، وتصر على تكريس نهج التفرد والإقصاء، وإحكام سيطرة فريق التنسيق الأمني على مجريات الوضع الفلسطيني، وهي بذلك تهدم ما تبقى من النظام السياسي الفلسطيني المتهالك أصلاً، وترفض كل محاولات الوحدة الوطنية وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وترتيب البيت الفلسطيني على أسس ديموقراطية، كما ترفض تبنّي استراتيجية نضالية حقيقية لمواجهة الاحتلال”.
وشددت الحركة على أنه لا شرعية لأي اجتماع ينعقد بصورة انفرادية بعيداً عن التوافق الوطني، وتغيب عنه غالبية القوى والفصائل ومكونات فلسطينية كبيرة ومؤثرة، مؤكدة على أنه لا شرعية لأي مجلس فلسطيني لا يأتي بالانتخاب أو بالتوافق الوطني الشامل تمهيدا للانتخابات، ولا يحق لأحد ادعاء تمثيل شعبنا دون تفويض شعبي عبر صناديق الاقتراع، ولا شرعية مطلقاً لأي تعيينات تصدر عن هذا الاجتماع ولا اعتراف بها.
أجندة مشبوهة
وحذرت حماس من أن الإصرار على هذا النهج الخطير والمضي في عقد المجلس المركزي دون توافق وطني يدل على أجندة مشبوهة وتدخلات خارجية تريد فرض ترتيبات استباقية على الساحة الفلسطينية، داعية الفلسطينيين وجميع قواهم في الداخل والخارج إلى رفض هذه المخططات ومواجهتها بكل قوة.
وأشارت إلى أن اجتماع المجلس المركزي يأتي في ذروة اجتماعات القيادات المتنفذة مع قادة العدو، وفي ظل تعاظم التعاون الأمني بين السلطة والاحتلال، ما يدل بوضوح على حقيقة ما يجري ترتيبه بصورة مريبة.
دعوة للحوار
بدورها، أعلنت المبادرة الوطنية الفلسطينية، مساء اليوم الخميس، مقاطعتها اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
والمبادرة، رابع حزب سياسي في المنظمة، يعلن مقاطعته اجتماعات المجلس المركزي بعد الجبهة الشعبية – القيادة العامة، طلائع حزب التحرير الشعبية- قوات الصاعقة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ودعت المبادرة، رئاسة المجلس الوطني، واللجنة التنفيذية، لتأجيل اجتماع المجلس المركزي، والبدء فورا بحوار وطني شامل للتحضير لانعقاده بحيث يصبح ذلك الاجتماع رافعة لتنفيذ القرارات السابقة للمجلس المركزي، و لتعزيز الوحدة الوطنية، واستعادة الديمقراطية الداخلية وتحديد موعد سريع لانتخابات المجلس الوطني والانتخابات التشريعية والرئاسية، والتوافق على برنامج وإستراتيجية وطنية كفاحية، وبما يضمن مشاركة جميع القوى الفلسطينية في أعماله.
الشراكة الديمقراطية
وأضافت: في حالة الإصرار على الاستمرار في عقد المجلس المركزي المحدد في 6\2\2022، دون إجراء الحوار الوطني المطلوب، فإن حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية لن تشارك فيه احتراما لمواقفها، وللإرادة الشعبية الفلسطينية الطامحة إلى إصلاح منظمة التحرير، وإلى تحقيق الوحدة الوطنية على أساس الشراكة الديمقراطية وبرنامج كفاحي لمواجهة الاحتلال و نظام الأبرتهايد العنصري.
وقالت المبادرة إنها ترى، تراجعا متواصلا لدور منظمة التحرير، وإضعافها لحساب السلطة الفلسطينية، والتهميش المتواصل لمؤسساتها، ودورها في صنع القرارات السياسية، واستمرار العقبات في وجه انضواء القوى والحركات الفلسطينية كافة في الداخل والخارج في إطارها، لتشكيل قيادة وطنية موحدة لكل الشعب الفلسطيني تكون مسؤولة عن القرارات الكفاحية والسياسية، وعن قيادة النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال.
وأردفت: “الأزمة السياسية الداخلية الفلسطينية تتعمق، منذ اتخاذ القرار الخاطئ بإلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية وللمجلس الوطني، مما عمق حالة الانقسام وكرس هيمنة السلطة التنفيذية، وألغى مبدأ فصل السلطات، وأدى إلى تكرار حالات المس بالحريات العامة.
وأوضحت: كنا نأمل، أن تكون الدعوة لاجتماع المجلس المركزي فرصة لفتح حوار جدي بين القوى الفلسطينية كافة، بهدف استعادة مسار الشراكة الديمقراطية والوحدة الوطنية، في ظل انعدام أي فرص لأي عملية سياسية في ظل هيمنة اليمين الفاشي المتطرف على الحكومات الإسرائيلية وتنفيذه الفعلي لصفقة القرن.
وأشارت إلى أن الدعوات لحوار جدي ذهبت حتى الآن أدراج الرياح، بل إن اللجنة التحضيرية التي شكلت للتحضير للمجلس المركزي تعمدت استثناء عدد من القوى، وصار واضحا أن الغرض الرئيس للاجتماع، هو ملء شواغر في اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس الوطني، دون التزام حقيقي بتنفيذ قرارات المجلس المركزي والوطني السابقة، بما في ذلك إلغاء التنسيق الأمني، والتحلل من الاتفاقيات التي خرقها الاحتلال وحكوماته، أو اتخاذ خطوات جدية لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية.
مشروع سياسي فاشل
أما حركة الجهاد الإسلامي، فقد أكدت أن انعقاد اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية تحت الاحتلال؛ استمرار في ارتهان المنظمة ومؤسساتها لمشروع سياسي فاشل.
وقالت في بيان لها مساء اليوم الخميس، إن ما يجري هو محاولة لتكريس سياسات ثبت أنها لا تجدي نفعاً في مواجهة الاحتلال والتي ما زال أصحابها يعملون وفق الاتفاقيات التي رفضها الشعب الفلسطيني، والتي تشرعن العدوان والاستيطان، وتهويد القدس والضفة، ومحاولات السيطرة على المقدسات التي لم تتوقف لحظة واحدة منذ توقيع اتفاق أوسلو والاعتراف بالاحتلال.
وأوضحت، أنه “كان الأولى عقد اجتماع قيادي للأمناء العامين للفصائل، لتنفيذ مخرجات التوافقات الوطنية السابقة، واتخاذ قرارات مصيرية في مواجهة الهجمة الصهيونية ضد القدس وفلسطين، ومن أجل إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني، على أسس ترفض التنازل عن الأرض والحقوق، وتضمن تحقيق شراكة وطنية حقيقية لكل فصائل وقوى وفعاليات شعبنا”.
إدارة الظهر للمجموع الوطني
وأكدت الجهاد: لكنّ قيادة السلطة، واصلت سياسة التهرّب وإدارة الظهر للمجموع الوطني المتمسك بهذه المطالب، وذلك لحصر صنع القرار في لون واحد هو لون فريق أوسلو.
وترى الجهاد، أن ترتيب البيت الفلسطيني يستدعي حواراً وطنياً جدياّ، بعيداً عن سيطرة الاحتلال وتدخلاته، وتحديد جدول أعمال واضح يستجيب للإجماع الوطني الذي يضع على رأس أولوياته التوافق على برنامج سياسي وتشكيل مرجعية وطنية قادرة على تحمل أعباء المواجهة مع العدو وإنقاذ قضيتنا المقدسة ومواجهة مخططات تصفيتها مقابل تسهيلات اقتصادية وجوانب إنسانية.
يشار أن المجلس المركزي الفلسطيني عقد آخر اجتماعاته في العام 2018، واتخذ حينها قرارا بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ردا على خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والتي اعتبرها الفلسطينيون منحازة للدولة العبرية. لكن رئيس السلطة محمود عباس رفض تنفيذ هذه القرارات.