معبر حدودي بين العراق وتركيا
بعد مغامرة عسكرية فاشلة ضد الأكراد
في أعقاب مغامرة عسكرية تركية فاشلة شمالي العراق، أثارت الكثر من الجدل لجهة نتائجها ومكانها، وهي العملية التي بدأت بصخب إعلامي وانتهت فجأة بإعلان مقتل 13 تركيا كانوا محتجزين لدى حزب العمال الكردستاني، عكفت الجهات الرسمية التركية بمناقشة فتح معبر حدودي بين البلدين.
وقد كشف وزير النقل والبنى والتحتية في النظام التركي عادل قره إسماعيل أوغلو عن عزمهم فتح معبر حدودي جديد مع العراق.
جاء ذلك خلال تصريحات صحفية أدلى بها الوزير التركي، الخميس، خلال لقاء مع نظيره العراقي، ناصر حسين بندر، في إسطنبول، بحسب وكالة “الأناضول” التركية الرسمية.
وطبقا للوزير التركي، فإن أنقرة تهدف إلى تأسيس تعاون وثيق مع العراق لتطوير بنيتها التحتية.
وشدد أن المرحلة المقبلة ستشهد لقاءات واتصالات بين القطاعين العام والخاص بالبلدين، للتعاون في مجالات مختلفة، في خطوة لتعزيز رخاء وجودة المعيشة للشعب العراقي.
وذكر موقع “أحوال” المتخصص في الشؤون التركية أن مثل هذه المشاريع، التي تسوق في إطار تعزيز التعاون الثنائي بين الدول، تشمل أهدافا أوسع وأجندات أعقد بالنسبة إلى تركيا.
وفي الحالة التركية يعتبر افتتاح معبر حدودي جديد مع العراق في توقيته ومضامينه السياسية، محاولة مقننة لتسهيل التمدد التركي في شمال العراق وإيجاد منفذ أسرع وأكثر فاعلية في التدخلات العسكرية.
وكان النظام التركي أطلق في وقت سابق من فبراير الجاري عملية عسكرية في شمالي العراق سمتها “مخلب النسر 2“، وتضاربت التقارير بشأن حصيلة القتلى، لكن العملية دقت ناقوس الخطر لدى العراقيين، فخرجت تظاهرات مناهضة للتدخل العسكري لأنقرة وحذر سياسيون من أهداف توسعية وراء العملية.
وتسعى أنقرة جاهدة لفتح المزيد من المنافذ الاقتصادية في العراق في منافسة مع إيران التي تهيمن على السوق العراقية والتي أتاح لها الموالين هناك التغلغل في مفاصل الدولة، وتريد أن تكون حاضرة في العراق من خلال مشاريع تتعلق بالبنى التحتية على أمل تخفيف أزمتها الاقتصادية.
غير أن الملف الاقتصاد يأتي في المرتبة الثانية بالنسبة إلى أنقرة التي تريد وصلة “مقننة” بين الأراضي التركية وشمال العراق، حيث تخوض القوات التركية معارك مصيرية للقضاء على جيوب التمرد الكردي خاصة في جبال سنجار وقنديل.
وثمة تفاهمات معلنة وغير معلنة بين الحكومة التركية ونظيرتها في إقليم كردستان العراق وأخرى مع الحكومة الاتحادية في بغداد، تتعلق بمكافحة الإرهاب وتعزيز العلاقات الاقتصادية.
لكن في السنوات الأخيرة أثارت الممارسات التركية غضب العراقيين بعد أن أصبحت العمليات العسكرية التركية أكثر ضراوة وطالت مدنيين عراقيين.
ويقول الوزير التركي إن الفترة القادمة ستشهد اتصالات بين القطاعين العام والخاص في البلدين (العراق وتركيا) للتعاون في العديد من المجالات، وتعزيز ما قال إنه “رخاء للشعب العراقي”.
وتطغى مثل هذه العبارات على الخطابات التركية الرسمية، إذ تقدم أنقرة نفسها كطرف فاعل قادر على مساعدة العراقيين، بينما يؤجج وجودها في الواقع الانقسامات بين الفرقاء العراقيين.
وتراهن أنقرة على شخصيات نافذة لقيادة مشروع تمددها في العراق وقد ربطت صلات وثيقة مع رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، وتعزز تلك العلاقات خلال الحرب على داعش.
والدعم التركي للنجيفي في حدّ ذاته ينشئ أزمة في العراق وسط تحذيرات من لعبة تمارسها تركيا من خلال العزف على الوتر الديني والقومي.
وبالمنطق السياسي تعتبر المنافذ الحدودية مهمة لتعزيز التبادل التجارة، لكن في فضاء جغرافي مضطرب مثلما هو الحال بالنسبة لوضع تركيا والعراق، فإن الأمر لا يسلم من التوظيف والاستغلال خاصة وأن تركيا باتت معروفة بنزعتها التوسعية والتمدد خارج حدود بلادها.