مفتي مصر يكشف بالوثائق لأعضاء مجلسي العموم واللوردات البريطاني التاريخ الدموي عند تنظيم الإخونجية
على هامش زيارته لمجلسي العموم واللوردات البريطاني، كشف الدكتور شوقي علام مفتي مصر، فضائح وانتهاكات تنظيم الإخونجية وارتباطها بالعنف وكيفية خروج تنظيمات داعش وحسم من رحمها ومخططات التنظيم للقفز على الحكم في عدة الدول.
ووزع المفتي تقريرًا موثقًا يكشف جذور العنف والتاريخ الدموي عند الإخونجية على جميع أعضاء مجلسَي العموم واللوردات البريطاني، كما ألقى كلمة كشف فيها منهج التنظيم المتطرف منذ نشأة التنظيم وارتباطه بالمنظمات الإرهابية وعلى رأسها “داعش“، و”حسم” وغيرهما، وأهم الأفكار المتطرفة التي تتبناها المنظمة، والشخصيات التي أسست ونظَّرت للعنف داخلها منذ إنشائها.
كما أوضح أن نشأة تنظيم الإخونجية كانت نتاجًا للسياق السياسي في ذلك الوقت واستجابة للمشاعر المعادية للاستعمار في مصر، وكان خطابها مغايرًا للخطابات الأصولية المعادية، حيث اتبعوا أسلوب المقاربة واستغلوا الإسلام والنصوص الدينية كأداة ضد المجتمع من أجل تحقيق مكاسب سياسية تصب في صالح التنظيم بدلًا من نفع الأمة.
الجهاز السري
فيما استعرض التقرير أذرع التنظيم الإخونجي المسلحة بداية من “جوالة الإخونجية” التي أسسها حسن البنا وضمت حوالي 45 ألفاً من الشباب الذين تم تدريبهم عسكريًّا، وذلك بالمخالفة للقانون المصري لسنة 1938م الذي يحظر إنشاء كيانات شبه عسكرية، مضيفا أنه وفي عام 1940م شكل التنظيم جناحهم السري المعروف باسم “الجهاد الخاص” أو “الجهاز السري”، وكانت المهمة الأساسية لهذه الوحدة وفقًا لمحمد مهدي عاكف هي تدريب مجموعة مختارة من أفراد التنظيم للقيام بمهام خاصة، والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجي.
الإرهاب الخارجي
كذلك كشف التقرير الموثق كيف تخطى إرهاب الإخونجية المحلية إلى دعم المنظمات المسلحة خارج مصر، حيث شاركت “طليعة القتال” التابعة للتنظيم عام 1964 في انتفاضة حماة بسوريا، وقد ساهم هذا الأمر في تطور حركة متطرفة يقودها مروان حديد، وهو عضو شاب متطرف في تنظيم الإخونجية، وشكل منظمة متطرفة محلية معارضة لحزب البعث الذي وصفه بـ “المرتد” والذي كان يحكم سوريا في الستينيات وأوائل السبعينيات.
بعد إلقاء القبض على “حديد” وموته في السجن، قامت الخلايا المسلحة التي دربها والتي انتشرت في جميع أنحاء سوريا، بعمليات انتقامية من خلال الشروع في سلسلة من الاغتيالات ضد كبار ضباط الأمن ورجال الدولة التي تطورت في النهاية إلى هجمات إرهابية عشوائية ضد المدنيين العلويين في سوريا.
العلاقة مع داعش والقاعدة
تقرير مفتي مصر قدم العديد من الأدلة على علاقة تنظيم الإخونجية بداعش والقاعدة من بينها انضمام عدد كبير من أعضاء تنظيم الإخونجية إلى صفوف تنظيم “داعش” خاصة بعد إعلان محمد مرسي عن تأييده لـ”الجهاد” في سوريا، وكذلك تصريح محمد البلتاجي العضو البارز في التنظيم عقب ثورة 30 يونيو، أن العنف المستمر في شبه جزيرة سيناء سينتهي بمجرد رجوع محمد مرسي.
وكشف التقرير أنه وعقب الإطاحة بمرسي وظهور داعش، أكدت تقارير ميدانية عديدة وجود الكثير من شباب الإخونجية في صفوف داعش في كل من سوريا والعراق، وعندما ألقي القبض على الإرهابي هشام عشماوي الذي كان هاربًا وتسلمته مصر بعد اعتقاله في ليبيا وقامت بمحاكمته محاكمة عادلة وقضت بإعدامه، كان عشماوي يخاطب مؤيدي الإخونجية في رسالة فيديو بعنوان “لكي لا تأسوا ولا تحزنوا” حيث حثهم على استخدام العنف وشن الحرب ضد الدولة المصرية، كما حثهم على ضرورة استهداف رجال الشرطة والجيش، وشرح لأعضاء التنظيم الإخونجي كيف يقومون بالتواصل مع المنظمات الإرهابية سواء للانضمام إلى صفوفها أو لتنفيذ هجمات فردية كذئاب منفردة.
الاستيلاء على مؤسسات الدولة
في حين حاول تنظيم الإخونجية خلال السنوات الماضية اختطاف مكاسب ثورة 25 يناير بعد عام 2011، فبذلوا وسعهم للتسلل إلى مؤسسات الدولة للاستيلاء على السلطة عن طريق الاحتيال والخداع الانتخابي. وفق التقرير.
فعندما فازوا في نهاية المطاف بالانتخابات الرئاسية، أكد مكتب الإرشاد التابع للإخونجية سلطته من خلال اتخاذ القرارات السياسية والاجتماعية التي عزلت الناس تمامًا ودفعتهم إلى القيام بثورة ثانية ناجحة ضد حكم الإخونجية ومكتب الإرشاد التابع لهم.
وكشف كيف حاول الإخونجية استعادة حكمهم، عن طريق إثارة الفوضى والعنف والإرهاب، وظهرت في نهاية المطاف العديد من الحركات المتطرفة والإرهابية كفروع للإخونجية، ومن بينها حركة “لواء الثورة” عام 2016 التي قامت بعدد من العمليات الإرهابية الانتقامية منها اغتيال العميد عادل رجائي، قائد الفرقة 9 مدرعات بدهشور، ومحاولة تفجير مركز تدريب للشرطة في مدينة طنطا.
استهداف قوات الأمن والشخصيات العامة والقضائية
وتحدث التقرير عن “حركة حسم” إحدى الأذرع الإرهابية لتنظيم الإخونجية التي ظهرت عام 2014 وقامت باستهداف عدد من قوات الأمن والشخصيات العامة والقضائية، ومنها محاولة الاغتيال الفاشلة لفضيلة الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق عام 2016، ومساعد النائب العام زكريا عبد العزيز في العام نفسه.
وأشار التقرير إلى أن تنظيم الإخونجية كان يعمل بوجهين، الأول هو الوجه الظاهر لعامة الناس والجماهير حيث قدموا أنفسهم كمصلحين اجتماعيين وكقوة معارضة، أما الوجه الثاني فتمثل في إنشاء “الجهاز السري” للجماعة الذي كانت مسؤوليته تنفيذ العمليات الإرهابية والاغتيالات، ونشر الخوف، والاستيلاء القسري على حكم البلاد في أقرب فرصة فيما يسمونه بالتمكين.
عن “جذور ومنهجية العنف” عند الإخونجية، كشف تقرير المفتي أن مؤسس التنظيم حسن البنا الذي أسس لهذه المنظمة الراديكالية العنيفة منذ عشرينيات القرن الماضي، قدم نفسه وجماعته على أنها حركة إصلاحية، فإنه شرع للعنف وأعطاه صبغة دينية تحت ذريعة الجهاد، ضرورة إقامة دولة إسلامية، وإحياء الخلافة، وتطبيق الشريعة الإسلامية.
سيد قطب
تناول التقرير أيضا سيد قطب المنظر والمؤسس لمنظمات العنف والذي قدم الإطار النظري الذي يبرر العنف داخل المجتمعات الإسلامية بحجة أن الناس ليسوا مسلمين لأنهم يعيشون في “جاهلية”، لأنهم تخلوا -في رأيه- عن الإطار الديني والعقدي السليم الذي وضعه الله سبحانه وتعالى واستبدلوه بقوانين من صنع الإنسان.
وأوضح أن سيد قطب قد نظَّر لتبرير استخدام العنف انطلاقًا من فكرة جاهلية المجتمع التي تتبناها سلطة سياسية حاكمة في البلدان، وأنه على الإخونجية أن يتحملوا مسؤولية مواجهة هذه الجاهلية من خلال الإصلاح والتغيير، وتحويل المجتمع إلى مجتمع إسلامي حقيقي وإخراجه من الجهل.
حول دعم الإخونجية للمنظمات الإرهابية، ذكر التقرير أن ذلك يعود إلى بداية الثمانينيات، حيث تبنى تنظيم الإخونجية خطابًا ثنائيًّا متناقضًا، وهو تمسكه الشديد بأجندته الأساسية التي ترفض النظم الحديثة، بالتزامن مع اعتناق الإصلاح وقيم الديمقراطية.
وأضاف أنه في هذا الوقت، بدأ تنظيم الإخونجية الإرهابي طريقًا جديدًا تمثل في دعم المنظمات المتطرفة والإرهابية التي تنشر العنف تحت لواء ما سموه “الجهاد المقدس”، وضمنوا استراتيجيتهم في وثيقة سرية صيغت في عام 1982، وتضع الوثيقة خطة طويلة الأجل لإقامة دولة إسلامية بالإضافة إلى استراتيجية متعددة المراحل للسيطرة على مواقع القوة الإقليمية من خلال التسلل إلى مراكز قيادية داخل مؤسسات الدولة فيما يعرف بـ “التمكين”.