موجة احتجاجات فرنسية ثامنة ضد مشروع إصلاح نظام التقاعد
في موجة ثامنة من التعبئة الاحتجاجية دعت إليها النقابات العمالية، شارك الآلاف من مناهضي خطة الحكومة الفرنسية لإصلاح نظام التقاعد الأربعاء في تظاهرات حاشدة ضد المشروع، وذلك عشية تصويت الجمعية الوطنية الخميس الحاسم على المشروع المثير الجدل.
ويعقد سبعة نواب وسبعة من أعضاء مجلس الشيوخ منذ الساعة التاسعة (الساعة الثامنة ت غ) اجتماعا مغلقا في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول مشروع الإصلاح وهو أمر لا مفر منه قبل تصويت نهائي متوقع في الجمعية الوطنية الخميس.
بعد مظاهرات بمشاركة قياسية في السابع من آذار/مارس ويوم تعبئة شهد أعدادا أقل السبت الماضي، تريد الجبهة النقابية مع يوم التحرك الجديد هذا التأثير مرة أخيرة على تصويت النواب في حين لا تملك الحكومة الغالبية المطلوبة وتحتاج بالتالي لدعم اليمين.
وتنتظر مشاركة 650 إلى 850 ألف متظاهر في الشوارع على ما أفاد مصدر في الشرطة في تراجع عن عددهم في السابع من آذار/مارس الذي شكل ذروة التعبئة مع 1,28 مليون شخص. وتبدأ مسيرة المحتجين في باريس عند الثانية بعد الظهر (الساعة 13,00 ت غ).
البند 49.3
وقد يدفع انعدام اليقين هذا، الحكومة إلى اللجوء إلى سلاح دستوري معروف بالبند 49.3 الذي يسمح بإقرار المشروع من دون تصويت في البرلمان. لكنها تأمل الا تضطر إلى استخدام هذا التدبير الذي قد يفاقم رفض هذا الإصلاح الذي تعارضه غالبية من الفرنسيين.
وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث ورن لنواب اليمين إن تأييد النص خلال التصويت لا يعني دعم الحكومة. وشددت “سيُطلب … منكم التصويت على إصلاح النظام التقاعدي. ولا يطلب منكم التصويت على دعم الحكومة بل على هذا المشروع وهذا المشروع فقط”.
إلى ذلك، تستمر الإضرابات القابلة للتمديد في قطاعات رئيسية عدة من النقل إلى الطاقة مرورا برفع النفايات مع نجاح متفاوت بحسب مسؤول نقابي. وقال هذا المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته “الوضع معقد على صعيد الإضرابات … فالمشاركة في الجمعيات العمومية ليست كبيرة”.
المشروعية الدستورية
منذ 19 كانون الثاني/يناير، تظاهر ملايين الفرنسيين سبع مرات للتعبير عن رفضهم لهذا الإصلاح الذي ينص البند الرئيسي فيه على رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عاما. ويثير هذا البند الغضب الأكبر.
إلا ان موقف الحكومة لم يتزحزح وهي اتبعت استراتيجية للتوصل إلى إقرار المشروع بوتيرة سريعة مستخدمة تدابير واردة في الدستور لتسريع النقاش البرلماني.
والأسبوع الماضي، نقلت الجبهة النقابية النقاش إلى المشروعية الدستورية لما يحصل، معتبرة أن غياب أي رد للسلطة التنفيذية على التحرك الاحتجاجي الحاصل يعد “مشكلة ديمقراطية خطرة” من شأنها أن تؤدي إلى وضع “متفجر”.
وطلبت أن يستقبلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وأمام رفضه، دعته إلى تنظيم “استطلاع رأي للمواطنين”.
وقال الخبير السياسي دومينيك أندولفاتو لوكالة الأنباء الفرنسية “يحاولون استغلال أي شيء” معتبرا أن فكرة الاستطلاع الشعبي تعكس ربما “تشكيكا في الاستراتيجية المعتمدة (في الاحتجاج) والشعور بأن المظاهرات في نهاية المطاف لا تؤثر بشكل كاف”.
الاحتجاجات ستتواصل
وتراقب الجبهة النقابية عن كثب تعبئة الأربعاء ومجريات التصويت الخميس لكنها بدأت أيضا تدرس تحركها للمرحلة التالية مع الخشية من أن يؤدي إقرار القانون إلى تشرذم الوحدة النقابية من خلال دفع الإصلاحيين إلى الانسحاب من الاحتجاجات.
وردا على سؤال لمحطة “بي إف أم تي في” التلفزيونية مساء الإثنين، قال الأمين العام لنقابة Unsa الإصلاحية لوران لوسكور أن الاحتجاجات ستتواصل حتى بعد الخميس مشيرا إلى أن المجلس الدستوري المكلف النظر في دستورية القوانين ستكون له كلمته على الأرجح.
ودعا لوران بيرجيه الأمين العام لنقابة CFDT الأربعاء البرلمانيين إلى “تحكيم الضمير خلال عملية التصويت”، منددا بمشروع “إصلاح ظالم”.
على صعيد الإضرابات، صوتت أربع مراكز لتوزيع الغاز تأييدا لتمديد الإضراب حتى مطلع الأسبوع المقبل.
وتتراكم في شوارع باريس حوالى سبعة آلاف طن من النفايات فيما تتكدس النفايات أيضا في مدن عدة في غرب البلاد مثل رين ونانت.
ولا تزال حركة قطارات الشركة الوطنية للسكك الحديد SNCF متأثرة بالاحتجاجات وتبقى حركة السير معطلة على بعض الطرقات في شمال البلاد.