نظام أردوغان يضع يده على أموال الدولة الليبية لصالح شركات تركية
قال رئيس لجنة أزمة السيولة بمصرف ليبيا المركزي البيضاء رمزي الآغا في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك إن النظام التركي سيضع يده خلال الأيام القليلة القادمة، على أموال الدولة الليبية والمتمثلة في ودائع لأجلٍ وأموال خاصة بالمصرف الليبي الخارجي بالإضافة إلى مساهماته في البنوك، وذلك تنفيذا لأحكام قضائية لصالح شركات تركية.
وتسابق تركيا الزمن لتصفية حساباتها المالية مع ليبيا مستفيدة من ضعف حكومة السراج وحاجتها إليها ومن الصمت الدولي إزاء تدخلها العسكري المعلن في البلاد لدعم الميليشيات رغم حظر التسليح الدولي المفروض على ليبيا منذ 2011.
وتحرّكت شركات البناء الكبرى كجنكيز إنسات ويوكسيل إنسات وتيكفين للحصول على أحكام بمصادرة أرصدة البنك المركزي الليبي وبعض أرصدة الشركات والأفراد لاسترجاع مستحقات متراكمة بعضها يعود إلى زمن العقيد الراحل معمر القذافي.
وتمكنت شركة جنكيز إنسات، التي يملكها محمد جنكيز رجل الأعمال المقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، متسلحة بقرار للبرلمان التركي يسمح بوضع اليد ومصادرة أرصدة ليبية في تركيا، من الحصول على حكم بمصادرة مبنى القنصلية الليبية في إسطنبول في حين تسعى الشركتان الأخريان بعدم الاكتفاء بمصادرة الأرصدة الليبية في تركيا فقط، بل التحرك بما يسمح بمصادرات قضائية في أوروبا لأرصدة ليبية.
لكنّ مصدرا تركيا مطلعا في قطاع الأعمال قال إن ثمة مفارقة أخرى في التعامل التركي مع ليبيا، إذ صدرت توجيهات صارمة لشركات تركية بالامتناع عن تصدير أيّ معدات أو بضائع لشرق ليبيا التي يسيطر عليها الجيش الليبي الذي تحاربه تركيا في طرابلس، وقالت إن تحقيقات تجري الآن مع رجال أعمال أتراك بتهم التعامل مع السلطات الليبية التابعة للمشير خليفة حفتر.
وأكدت المصدر في تصريح لـ”الأوبزرفر العربي” أن المعدات والبضائع التركية التي تم تصديرها لشرق ليبيا تتضمن الحديد والصلب ومعدات ميكانيكية وتجهيزات طبية، وأن الكثير من الصفقات تمت في “المنطقة الرمادية” من التجارة أي عن طريق محطة وسيطة.
ويبلغ حجم الأموال الليبية المودعة في البنوك التركية 8 مليارات دولار أربعة منها مجمدة منذ عهد القذافي والأربعة الأخرى ضختها حكومة الوفاق مؤخرا في المصرف المركزي التركي.
وكان مظفر أكسوي رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي الليبي أفاد في يناير الماضي أن بلاده تعتزم توقيع اتفاق تعويض مبدئي بقيمة 2.7 مليار دولار عن أعمال نفّذت في ليبيا خلال عهد القذافي وكان من المفترض أن يسددها الأخير قبل حرب 2011، وذلك في مسعى لإحياء عمليات متوقفة لشركات تركية في البلد الذي يعاني تحت وطأة الصراع المشتعل منذ سنوات.
ولم يتمّ الإعلان عن توقيع الاتفاقية لكن من المتوقع أن يكون صدور الأحكام القضائية بالتعويض التي تحدث عنها الآغا خطوة تمهيدية لبناء الاتفاقية.
وأشار أكسوي إلى أنه في ظل توقف المشروعات في ليبيا في الوقت الراهن بسبب القتال، فإن قيمة تأخيرات الأعمال التركية المتعاقد عليها في ليبيا تصل إلى 16 مليار دولار.
كما قال إنه “جرى توقيع عقود جديدة لمشروعات مثل محطات طاقة ومشاريع إسكان ومراكز تجارية. وجرى توقيع خطابات ائتمان لبعضها. لكن ليس بمقدور أصحاب المشاريع الذهاب إلى البلاد منذ أبريل لأسباب أمنية.”
ويتوقّع أن تقوم تركيا بالاستيلاء على الأموال الليبية المجمدة مستغلة حالة التطبيع الدولي مع تدخلها في ليبيا والصمت على تجاوزاتها المستمرة بدءا بخرق حظر التسليح وصولا إلى إغراق البلاد بالمرتزقة السوريين الذين يشتبه في انتمائهم للتنظيمات المتطرفة.
ولا يستبعد مراقبون إمكانية أن يكون جزء من الأربعة مليارات الأخيرة التي ضختها حكومة السراج في المصرف المركزي التركي في فبراير الماضي موجهة لتعويض الشركات التركية.
وتمر حكومة السراج بوضع اقتصادي صعب بسبب الضربة المزدوجة التي تلقاها قطاع النفط مما أجبرها على تخفيض ميزانية عام 2020 من 55 مليار دينار (35 مليار يورو) إلى ما يقارب 38 مليار دينار (24.8 مليار يورو).
وفي السابع عشر من يناير، أغلقت قبائل داعمة للجيش الليبي ميناء الزويتينة (شرق)، بدعوى أن أموال بيع النفط تستخدمها حكومة السراج لتمويل المرتزقة السوريين، قبل أن يقفلوا لاحقا موانئ وحقولا أخرى. ومن المستبعد أن يتعافى الاقتصاد الليبي في صورة إعادة التصدير في ظل الانخفاض الحاد في سعر النفط عالميا.
ولم تبد تركيا التي كانت تدّعي أنها دخلت لحماية الديمقراطية والدولة المدنية في ليبيا أيّ تفهم للوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به الليبيون الذين توقفت مرتباتهم، بل ضغطت أكثر في اتجاه تصفية حساباتها والخروج غانمة من الحرب التي دخلتها لاسيما في ظل التحشيد المستمر للجيش الذي يعكس إصراره على دخول طرابلس.
طرابلس- الأوبزرفر العربي