واشنطن تزيد صادرات الأسلحة لإسرائيل المستخدمة في ارتكاب جرائم إبادة
رفعت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير من حجم صادرات الأسلحة ومساعداتها العسكرية إلى إسرائيل، رغم أن الأخيرة تستخدمها في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة ولبنان، وتسببت بسقوط عشرات آلاف الضحايا المدنيين.
ومنحتها أسلحة «فتاكة»، مرورًا بتوجيه قطع بحرية أمريكية للشرق الأوسط، إلى نشر قوات على الأرض، ملامح دعم أمريكي لإسرائيل لم ينقطع منذ بدأت حرب غزة، قبل عام.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قال في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إنه «سيتأكد من حصول إسرائيل على ما تحتاجه لرعاية مواطنيها والدفاع عن نفسها والرد».
ورغم ارتفاع عدد الضحايا في قطاع غزة والذي تجاوز الآن 42 ألفًا جراء غارات الدولة العبرية، إلّا أن ذلك لم يؤثر على زيادة التدفق في الدعم العسكري الغربي لإسرائيل.
الدفاع عن إسرائيل
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، كثفت الولايات المتحدة عملياتها العسكرية في الشرق الأوسط، ونشرت حاملة الطائرات الأكثر تقدما لدى البحرية، يو إس إس جيرالد فورد، في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وفي أبريل/نيسان، شاركت الولايات المتحدة وحلفاء آخرون في عملية للدفاع عن إسرائيل بعد أن أطلقت إيران أكثر من 100 صاروخ باليستي على البلاد، بالإضافة إلى حوالي 30 صاروخًا كروز وأكثر من 150 طائرة بدون طيار محملة بالمتفجرات، حسبما قال مسؤولون لاحقًا لصحيفة «واشنطن بوست».
واستخدمت الولايات المتحدة طائرات إف-15 إي سترايك إيجلز لإسقاط نحو 70 طائرة بدون طيار هجومية متجهة إلى إسرائيل، بينما أسقطت المدمرتان يو إس إس كارني وأرلي بيرك، اللتان تم نشرهما في شرق البحر الأبيض المتوسط، ما بين أربعة وستة صواريخ باليستية.
وقال المسؤولون لصحيفة «واشنطن بوست»، إن القوات الأمريكية في العراق استخدمت نظام دفاع صاروخي من طراز باتريوت لإسقاط صاروخ آخر.
وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قال اللواء باتريك رايدر، السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية، إن الجيش الأمريكي تدخل -أيضاً- عندما هاجمت إيران إسرائيل مرة أخرى هذا الشهر، حيث أطلق ما لا يقل عن اثني عشر صاروخاً اعتراضياً على الصواريخ الباليستية القادمة.
وفي تقدير صدر في وقت سابق من هذا الشهر، قبل نشر نظام ثاد، قال مشروع تكاليف الحرب بجامعة براون إن تكلفة العمليات الأمريكية الإضافية في الشرق الأوسط منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي بلغت 4.86 مليار دولار.
ولم يقدم البنتاغون تقديرات لتكاليف نشر نظام ثاد في إسرائيل. وتمتلك الولايات المتحدة حاليا سبع بطاريات من هذا النظام.
حجم المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل
في يونيو/حزيران من هذا العام، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، أن حجم المساعدات الأمنية المقدمة لإسرائيل منذ الحرب بلغ 6.5 مليار دولار، حيث تمت الموافقة على نحو 3 مليارات دولار في مايو/أيار.
وأعطى المشرعون الضوء الأخضر لمبلغ أعلى؛ ففي أبريل/نيسان، وافق الكونغرس على حزمة للأمن القومي قال بايدن إنها تتضمن مساعدات عسكرية بقيمة 14.1 مليار دولار مخصصة لإسرائيل.
وتشير بعض التقديرات إلى أن إجمالي ما تم إنفاقه أثناء الحرب أعلى من ذلك بكثير. وقد قدر التحليل الذي نشره باحثون في جامعة براون أن المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل في العام منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول تجاوزت 17.9 مليار دولار.
ويشمل هذا الرقم الالتزامات طويلة الأمد فضلاً عن الإنفاق الطارئ، الذي يشمل مبيعات الأسلحة والتمويل العسكري وما لا يقل عن 4.4 مليار دولار في شكل تحويلات من المخزونات الأمريكية.
نوعية الأسلحة واستخداماتها
في حين أن عرض إدارة بايدن لأحد أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي تقدمًا لإسرائيل يجلب معه أول انتشار كبير للقوات الأمريكية في إسرائيل منذ بدء الإبادة في غزة العام الماضي، فقد استخدمت الدولة العبرية، الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة في حملتها العسكرية في غزة ولبنان أيضًا.
وبحسب تحليل للصور التي نشرتها القوات الإسرائيلية، فإن إسرائيل ربما استخدمت ذخائر أمريكية الصنع تزن 2000 رطل لاغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله في بيروت، الشهر الماضي كما استخدمت تلك القنابل في استهداف المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن العديد من تفاصيل الصادرات العسكرية الأمريكية ليست معلنة، مما يجعل من غير الواضح عدد الأسلحة المستخدمة أو عمليات النقل الأخيرة التي تمثل إمدادات روتينية، في مقابل التصعيد الذي يهدف إلى تجديد الذخائر المستخدمة في قصف إسرائيل لغزة.
وقد تم الإعلان علناً عن بعض مبيعات المعدات العسكرية؛ ففي نهاية عام 2023، وافق البيت الأبيض على بيع ما يقرب من 14 ألف خرطوشة ذخيرة دبابة ومعدات لإسرائيل، بقيمة 106.5 مليون دولار، وبيع قذائف مدفعية عيار 155 ملم ومعدات ذات صلة بقيمة 147.5 مليون دولار.
100 عملية بيع عسكرية منفصلة لإسرائيل
وفي شهر مارس/آذار الماضي، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، أن الولايات المتحدة وافقت على أكثر من 100 عملية بيع عسكرية منفصلة لإسرائيل منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي ــ والتي شملت آلاف الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل الصغيرة القطر، وقنابل اختراق المخابئ، والأسلحة الصغيرة، وغير ذلك من أشكال المساعدات «الفتاكة».
ووافقت الولايات المتحدة -كذلك- على مبيعات أخرى منذ بدء الحرب، لكن الأمر سيستغرق سنوات حتى الوفاء بها؛ ففي أغسطس/آب الماضي، أعطت إدارة بايدن الضوء الأخضر على مبيعات أسلحة إضافية بقيمة 20 مليار دولار إلى إسرائيل، بما في ذلك المركبات التكتيكية و50 ألف خرطوشة هاون من المقرر تسليمها بدءًا من عام 2026، وخراطيش ذخيرة الدبابات بدءًا من عام 2027، ونحو 50 طائرة مقاتلة من طراز إف-15 بدءًا من عام 2029.
أنظمة الدفاع الصاروخي
خلال سبعينيات القرن العشرين، قدمت واشنطن زيادات كبيرة في المساعدات العسكرية لإسرائيل بينما كانت تعيد بناء قواتها بعد حرب عام 1973.
ومنذ ذلك الحين، ظلت المساعدات العسكرية مستقرة إلى حد كبير إذا تم تعديلها وفقاً للتضخم، مع الهدف المعلن المتمثل في مساعدة إسرائيل في الحفاظ على «التفوق العسكري النوعي» على جيرانها.
وتندرج أغلب المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل تحت برنامج التمويل العسكري الأجنبي، الذي يقدم منحاً تستخدمها إسرائيل لشراء السلع والخدمات العسكرية الأمريكية.
كما تساهم الولايات المتحدة بنحو 500 مليون دولار سنوياً في أنظمة الدفاع الصاروخي المشتركة. ومنذ عام 2009، ساهمت الولايات المتحدة بمبلغ 3.4 مليار دولار في تمويل الدفاع الصاروخي، بما في ذلك 1.3 مليار دولار للقبة الحديدية، التي توقف الصواريخ قصيرة المدى، حسبما ذكرت وزارة الخارجية العام الماضي.
وحصلت إسرائيل على حق الوصول إلى بعض من أكثر التقنيات العسكرية الأمريكية المرغوبة، فكانت أول مشغل دولي لطائرة إف-35 المقاتلة واستخدمت الطائرة في القتال لأول مرة في عام 2018.
وعلى مدى العقود الماضية، كانت المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل موضع إجماع شبه حزبي. ومع ذلك، فقد أوقفت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية أو اشترطتها في لحظات نادرة.
بعد غزو إسرائيل للبنان في عام 1982، أوقف الرئيس رونالد ريغان شحنة من قذائف المدفعية والقنابل العنقودية بينما كان مسؤولو الإدارة يقررون ما إذا كان النقل يتوافق مع قوانين تصدير الأسلحة المحلية. وفي العام التالي، أوقف ريغان شحنة من طائرات إف-16 حتى انسحاب إسرائيل من لبنان.