ورطة الميليشيات والمرتزقة في ليبيا
الإخونجي فتحي باشاغا يعد السفير الأمريكي بتولي مهمة دمج بعضها ضمن "الدولة"
تصاعدت الدعوات الدولية المطالبة بتفكيك الميليشيات المسلحة في ليبيا، إلى جانب الموقف الدولي كانت القضية محور اللقاء الذي جمع السفير الأميركي وقيادة الأفريكوم بوزير الداخلية في حكومة السراج، فتحي باشاغا، وقد وعد الأخير بتولي مهمة دمج بعضها ضمن الدولة أو تفكيك مجموعات من بين مئات الميليشيات المسلحة التي كانت إلى وقت قريب تقاتل معه ضد الجيش الليبي.
واجتمع باشاغا، المحسوب على ميليشيات مدينة مصراتة وتنظيم الإخونجية، الاثنين، مع بعض قادة الجماعات المسلّحة في العاصمة طرابلس، عندما زار مقرّ ميليشيا “قوّة الردع” والتقى بآمرها الشيخ عبد الرؤوف كاره، ضمن خطة تستهدف إقناعهم بإعادة هيكلة ميليشياتهم في الأجهزة الرسمية للدولة.
إلا أن هذا التحرك الصوري أثار انتقادات الليبيين، الذين تساءلوا كيف يمكن “للابن المدلّل” للميليشيات التضحية بها.
وفي هذا السياق، رأى المحلل والناشط السياسي، سراج التاورغي، أن “باشاغا يعتبر أحد أكبر رجال الميليشيات في ليبيا كما أنه قائد ومهندس عمليات فجر ليبيا سنة 2014 التي انقلبت على السلطة وصندوق الانتخابات وتسببت في انقسام حقيقي”.
وأشار، إلى أنّ “الخلافات الكبيرة بين باشاغا وبين بعض ميليشيات طرابلس ستكون عائقا كبيرا أمام مساعيه”، مرجحاً اندلاع حرب ضروس بين وزارة الداخلية والميليشيات لاختلافهم على المناصب والمغانم، خاصة مع الميليشياويين المطلوبين لمكتب النائب العام والمعاقبين من مجلس الأمن على غرار مهرب البشر عبد الرحمن ميلاد، الذي ظهر مؤخرا في مقطع فيديو يهدد وزارة الداخلية والمجلس الرئاسي بمواجهة عنيفة إذا ما قاموا بتفكيك ميليشياته.
وسجل باشاغا الذي يوصف في ليبيا بـ”الميليشاوي” حافل بدعم الميليشيات المسلحة وخاصة المنحدرة عن مدينة مصراتة، حيث حارب في صفوفها خلال أحداث 17 فبراير العام 2011، كما قام بتشكيل ميليشيا المرسي التي شاركت في هجوم ميليشيات فجر ليبيا على العاصمة طرابلس عام 2014.
التناقضات التي يحملها باشاغا الذي يستمد قوّته من حماية ودعم الميليشيات له، من شأنها أن تجعل من عملية دمج الميليشيات غاية في الصعوبة.
كما أنّ الرجل سيواجه تحديات كبيرة بشأن تنفيذها على أرض الواقع مع جماعات قويّة ورثت سلطة واسعة بعد الثورة التي أطاحت بمعمر القذافي وكونت نفوذا قويا وسيطرت أحيانا على مقاليد الحكم.
من جهته، رأى المحلل السياسي الليبي فرج فركاش، أنه بعد فشل المجلس الرئاسي الذريع في تطبيق بنود الترتيبات الأمنية وتجاهل البعثة الأممية لهذا الموضوع الحساس، أصبح من أولويات الوفاق إعادة دمج وجمع سلاح الميليشيات، خاصة بعد مجيء السفير الأميركي ريتشارد نورلاند وتعيين فتحي باشاغا وزيراً الداخلية وبدء نوع من الشراكة مع الولايات المتحدة وبدء الحوار الأمني الليبي الأميركي في أواخر السنة الماضية.
وأشار فركاش، إلى تحديات كبيرة ستواجه باشاغا وكذلك رئاسة الأركان في هذا الأمر، أبرزها كيفية فرز الميليشيات وتحديد من يمكن إدماجه.
ورأى أن التحدي الأكبر هو من قبل الذين كانوا لا يعترفون بحكومة السراج قبل معركة طرابلس التي وحدتهم مع باقي الميليشيات والكتائب المسلحة، والذي يمثله الجناح الصقوري في جماعة الإخونجية ومن يتحالف معهم، مشيرا إلى أنّ هؤلاء يدفعون نحو إنشاء قوة موازية لأجهزة حكومة السراج.
إلى ذلك، تشكل الميليشيات التي تمتهن تهريب الوقود والاتجار بالبشر، أو تلك التي تحمي وتحتكر تأمين بعض المؤسسات المدنية والحيوية وتعتبرها مصدر استرزاق لها، تحديا آخر، بحسب فركاش، مشيرا إلى أن هذا الأمر سيحتاج إلى ثقل وضغط دولي لإقناع تلك الأطراف وربما طمأنتها بالتخلي عن فكرة إنشاء قوة موازية، وكذلك إلى مغريات وامتيازات
وتشير التقديرات إلى أن عدد الميليشيات المسلحة في ليبيا يصل إلى أكثر من 300 مجموعة مختلفة التسليح والأعداد بعضها يتبع أشخاص والبعض الآخر يتبع تيارات متطرفة مثل جماعة الإخونجية، وأخرى تتبع مدنا ومناطق، وتتواجد أغلبها بالعاصمة طرابلس ومدن مصراتة والزنتان والزاوية وصبراتة، وكثير منها يتبع وزارتي الداخلية والدفاع بحكومة الوفاق وتحصل على رواتب من الدولة، لكنها لا تتقيّد بأوامرها.
وبسبب حضورها القوي في مختلف مناطق ليبيا مقابل ضعف وغياب الاجهزة الأمنية الرسمية، يعتقد المحلل السياسي سليمان العتيري أن مهمة إعادة دمج أفرادها في الجسم الرسمي للوفاق ستكون من أصعب المهام التي تواجه الحكومة في طرابلس.
وتوّقع العتيري، أن يلجأ باشاغا إلى إسناد مهام قيادية لزعماء وأمراء الميليشيات سواء مناصب سياسية أو عسكرية وأمنية أو حتى دبلوماسية بتعين بعضهم في مناصب سفراء، لإقناعهم بضرورة التخلي عن الميليشيات.
الأوبزرفر العربي