يوم دامي في العراق… 25 قتيلاً وعشرات الجرحى برصاص قوات الأمن
شهدت مدينة الناصرية مواجهات دموية بين المتظاهرين وقوات الامن العراقية سقط خلالها 25 قتيلا بين المتظاهرين الذين شيعوا جثامين الضحايا متحدين حظر التجوال الذي فرضته السلطات.
يأتي ذلك غداة قيام متظاهرين باضرام النار في القنصلية الايرانية في مدينة النجف الشيعية المقدسة لدى الشيعة.
بدأ إطلاق النار منذ الصباح الباكر في الناصرية وأدى الى مقتل 25 شخصا واصابة أكثر من 200 آخرين بجروح بحسب مصادر طبية، عند محاولة القوات الامنية تفريق التظاهرات.
وعلى اثر الأحداث الدامية قرر رئيس الوزراء اقالة القائد العسكري الفريق جميل الشمري بعد ساعات من تعيينه مسؤولا عسكريا على هذه المدينة التي تشهد منذ ايام احتجاجات متواصلة.
وشيع المتظاهرون الغاضبون جثامين الضحايا بعد ان تمكنوا من اضرام النيران بمقر قيادة الشرطة والسيطرة على جسرين رئيسيين.
بعد ذلك، حاصر المتظاهرون المقر العسكري الرئيسي في الوقت الذي انتشر فيه أفراد مسلحون من أبناء القبائل المؤثرة في المنطقة على طول الطرق السريعة الرئيسية لمنع وصول تعزيزات عسكرية إلى المدينة.
تاتي عملية القمع الواسعة التي شهدتها هذه المدينة مسقط رئيس رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بعد ساعات من اعلان تشكيل خلية أزمة عسكرية في المحافظات الجنوبية المنتفضة لإدارة الملف الأمني فيها، واستعادة النظام.
وتسلم الفريق جميل الشمري الذي كان قائدا لعمليات البصرة خلال تظاهرات صيف 2018 الدامية، مسؤولية الملف الامني في الناصرية.
وكان محافظ ذي قار عادل الدخيلي طالب رئيس الوزراء بابعاد الفريق جميل الشمري لإخلاله بأمن المحافظة، كما دعا الى “تشكيل لجنة تحقيق ومعاقبة كل من تسبب بسقوط دماء أبناء المحافظة”.
وفي واحدة من أكثر دول العالم ثراءً بالنفط ومن أكثرها فسادًا، يطالب المحتجون منذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر بإصلاح النظام السياسي وتغيير كامل طبقتهم الحاكمة التي يعتبرونها فاسدة. كما يهاجم متظاهرون إيران التي يتهمونها بدعم الحكومة والطبقة السياسية.
وارتفعت حصيلة الضحايا في هذه التظاهرات منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر إلى نحو 370 قتيلاً وأكثر من 15 الف جريح، حسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس بينما لا تصدر السلطات أرقاما محدثة أو دقيقة.
وأفاد مصدر اعلامي أن عناصر أمن انتشروا في محيط الناصرية حيث قاموا بعمليات تفتيش لجميع السيارات والأشخاص الذين يحاولون الدخول.
ويقوم المحتجون بإحراق الإطارات وإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على القوات العراقية التي ترد عليهم بقنابل مسيلة للدموع ورصاص مطاطي وحي.
واندلعت الصدامات الأخيرة الخميس قرب ساحة الاحتجاج في الناصرية حيث قامت قوات الأمن بتفريق المتظاهرين وطردهم من جسرين رئيسيين كانوا يحتلونهما منذ أيام.
وبحسب شهود فان المتظاهرين الغاضبين أضرموا النار كذلك في فوج المهمات الخاصة بعد سقوط قتلى بين صفوفهم.
وبعد ساعات، أعلنت السلطات المحلية حظر تجول. وشوهدت تعزيزات عسكرية منتشرة حول أطراف المدينة فيما كان يجري تفتيش جميع السيارات والأشخاص الذين يسعون للدخول ، حسبما ذكر مراسل وكالة فرانس برس.
وقامت السلطات باتخاذ خطوة مشابهة في مدينة النجف المقدّسة لدى الشيعة حيث أحرق المتظاهرون القنصلية الإيرانية خلال الليل.
وقال مصدر عراقي ان شوارع النجف شبه مقفرة صباح الخميس اثر الحظر المفروض فيما اعلنت الادارة المحلية عطلة رسمية للموظفين.
من جهة اخرى، طالبت إيران العراق الخميس باتخاذ “اجراءات حازمة ومؤثرة” ضد “العناصر المعتدية” على قنصليتها في مدينة النجف الشيعية المقدسة.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي “استنكاره الاعتداء” على القنصلية الإيرانية، موضحة أنه “تم ابلاغ السفير العراقي في طهران رسميا بشان احتجاج ايران الشديد في هذا الخصوص”.
في وقت متاخر من ليل الاربعاء، أحرق متظاهرون اطارات واشياء أخرى ما تسبب بسحب دخان.
وقبل ذلك، اقتحم المتظاهرون المبنى الذي أخلي من موظفيه الدبلوماسيين مسبقا، وسط هتافات “ايران بره بره، بغداد تبقى حرة”.
وتعرضت القنصلية الإيرانية في مدينة كربلاء المقدسة في العراق في وقت سابق من هذا الشهر لهجوم مماثل من قبل المحتجين. لكن قوات الامن المسؤولة عن حمايتها أطلقت النار عليهم، ما أسفر عن مقتل أربعة منهم.
وتربط إيران والعراق علاقات وثيقة لكن معقدة. فقد تواجه البلدان في حرب مدمرة بين عامي 1980 و 1988 لكن إيران لديها الآن نفوذ كبير بين القادة السياسيين والعسكريين العراقيين.
وعقد قائد فيلق القدس الايراني الجنرال قاسم سليماني المسؤول عن الملف العراقي عدة اجتماعات في بغداد والنجف لإقناع الفصائل السياسية برص الصفوف ودعم حكومة عبد المهدي.
وقد مهدت تلك الاجتماعات في السابق الطريق لقمع محدود للتظاهرات في بغداد والجنوب.
يبدو أن الرد الأمني الخميس كان منسقًا في جميع المحافظات التي تشهد تظاهرات. فقد أعلنت القيادة العسكرية أنه “تم إنشاء خلية ازمة تحت إشراف المحافظين” من أجل “فرض الأمن واستعادة النظام”.
وفي مدينة كربلاء الواقعة على بعد 100 كليو متر جنوب بغداد، اندلعت اشتباكات بين مجموعة تضم نحو 200 متظاهر مع قوات الشرطة قرب مقر الحكومة المحلية.
الى ذلك، واصل المتظاهرون اعتصاماتهم في الكوت والعمارة والحلة – جنوب العاصمة – وسط اجراءات امنية غير مسبوقة.
وفي مدينة البصرة الغنية بالنفط ، أعيد فتح معظم الدوائر الحكومية لكن ظلت ابواب المدارس مع انتشار قوات الأمن في الشوارع.