المنطقة الآمنة في شمال غربي سوريا: تركيا تخضع للموقف الأمريكي
وتوصلت الولايات المتحدة وتركيا، في وقت سابق من الشهر الجاري، بعد جولات من المحادثات الثنائية، إلى اتفاق على إنشاء منطقة آمنة تفصل بين مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، والحدود التركية، على أن يتم تنفيذه بشكل تدريجي.
ويعد المقاتلون الأكراد في صفوف قوات سوريا الديمقراطية شريكا رئيسيا للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في قتال تنظيم “داعش”، وتمكنوا من دحره من مناطق واسعة في شمال شرق سوريا، إلا أن أنقرة تعدهم “إرهابيين” وتعتبرهم امتدادا لحزب العمال الكردستاني.
والسبت، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن مركز العمليات المشتركة مع واشنطن بشأن المنطقة الآمنة في إدلب شمال غربي سوريا، بدأ عملياته بشكل كامل.
ستكون المنطقة الآمنة ذات طبيعة أمنية وعسكرية، حيث تم الاتفاق بين واشنطن وأنقرة على أن يتراوح عمقها بين 5 إلى 14 كيلومترا.
وبحسب مصادر إعلامية، فقد اتفق الطرفان كذلك على سحب الأسلحة الثقيلة لمسافة 20 كيلومترا، بالإضافة إلى خلو المنطقة من وحدات الشعب الكردية.
وبموجب الاتفاق أيضا، سيتم تسيير دوريات أميركية تركية مشتركة في المنطقة، فيما ستكون تركيا ضمن القوات الجوية للتحالف الدولي التي تحلق في سماء المنطقة.
ووفقا لمصادر كردية، فإن من شروط القبول بالاتفاق ألا تقوم أنقرة بإعادة لاجئين سوريين من مناطق أخرى إلى هذه المنطقة، وهو ما وافقت عليه السلطات التركية.
يقول مراقبون إن ما يتم تنفيذه حاليا بشأن المنطقة الآمنة هو تنفيذ للطرح الأميركي وليس التركي، مشيرين إلى أنه رغم كل التصريحات الصادرة عن المسؤولين الأتراك، إلا أن أنقرة خضعت، في نهاية المطاف، لمشروع واشنطن.
وكانت تركيا تطالب بمنطقة آمنة بعمق 40 كيلومترا، وطول نحو 460 كيلومترا على طول الحدود السورية التركية، لكن ما تمت الموافقة عليه هو عمق يتراوح بين 5-14 كيلومترا فقط، وطول محدود في حوالي نصف المسافة المقترحة.
كما طلبت أنقرة، خلال المحادثات، أن تكون السيطرة في تلك المنطقة للجيش التركي وحده فقط، بهدف تحويل تلك الرقعة الجغرافية إلى حكم أو إدارة ذاتية، إلا أن الإدارة الأميركية رفضت هذا الطرح جملة وتفصيلا.
وشددت التصريحات، التي صدرت يوم السبت عن الجانب الأميركي، على أن “أي عمل عسكري أحادي الجانب سيكون مرفوضا ويضر بجهود استقرار المنطقة”.
ويشير المراقبون إلى أن التصريح الأميركي يقصد به “العمل العسكري التركي”، وهو دليل آخر على أن المشروع الحالي يتم تنفيذه وفق التصور الأميركي وهو “حماية الأكراد من تركيا” وليس العكس.