قيادية إخونجية تعلن استقالتها من حركة النهضة في تونس
الغنوشي يتسبب في تعميق أزمة حركته
أعلنت القيادية الإخونجية، عضو مجلس شورى حركة النهضة الإخونجية، آمنة الدريدي، استقالتها من الحركة، الأربعاء.
وقالت الدريدي وهي من أبرز الوجوه النسائية الفاعلة داخل حركة النهضة في تدوينة نشرتها عبر صفحتها بالفيسبوك، “اليوم أغادر نهائيا حزب حركة النهضة، بعد أن قدمت استقالتي للهياكل الرسمية لأسباب أحتفظ بها لنفسي ولا يفيد ذكرها في هذا المجال”، وفق تعبيرها.
ولم تقدم الدريدي أسباب استقالتها، لكن المحلل السياسي عبد الرحمن زغلامي رجّح، أن تكون مرتبطة بالتطورات الأخيرة التي تعرفها حركة النهضة الإخونجية التي تعيش على وقع انقسام داخلي وخلافات حول الغنوشي بين شقّ مؤيد لتنقيح القانون الداخلي لضمان بقائه على رأس الحركة وشق آخر يسعى لإنهاء مسيرته وطموحه وسيطرته على مفاصل الحزب لفسح المجال أمام التداول على الحركة، وفي علاقة كذلك بالمؤتمر 11 الذي لم يتحدد موعده إلى الآن، وكذلك على وقع تعالي الأصوات المنددة بتهميش المرأة داخل الحركة وإهانة دورها.
وتأتي هذه الاستقالة في خضم أزمة داخلية غير مسبوقة داخل النهضة، وذلك على خلفية التباين بين شقين، الأول يدافع عن تنقيح النظام الاساسي لتمكين راشد الغنوشي من الترشح مجددا لرئاسة الحركة، وشق ثان يسمى بـ “جماعة الـ100 قيادي”، رافض لأي تنقيح ومتمسك بالتداول القيادي خلال المؤتمر 11 المزمع عقده نهاية العام الجارى.
وقبل أسبوع، توجه 100 قيادي من حركة النهضة الإخونجية برسالة إلى رئيسها راشد الغنوشي عنوانها “الوضع لا يطاق”، كشفوا فيها عن مناورات وضغوطات يقوم بها للبقاء في منصبه لولاية أخرى، وتحدثوا فيها عن تدهور أوضاع البيت الداخلي للحزب وانقسامه إلى شقين، أحدهما مؤيد لبقاء الغنوشي وآخر معارض.
وقال القياديون المعارضون للغنوشي، إن السبب في توجيه هذه الرسالة يعود إلى “ما وقفنا عليه من سعي رئيس الحركة راشد الغنوشي إلى التمديد وتغيير القانون الأساسي للحركة والتمطيط وتأخير البدء في الإعداد للمؤتمر الحادي عشر الذي تم تجاوز موعده المحدد بسبب الدحرجة التي اعتمدها الغنوشي حتى إنه أعلن عن رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية 2024”.
وهذه الرسالة، هي امتداد لرسالة أخرى وجهها القياديون للغنوشي الشهر الماضي، دعوه فيها إلى الترشح لرئاسة الحركة في المؤتمر القادم المرتقب عقده قبل نهاية العام الحالي.
ومؤخرا، اتسعت جبهة المعارضة من داخل النهضة لبقاء الغنوشي على رأسها، وعلت الأصوات التي تدعو لاستبعاده من هذا المنصب وعدم تمديد ولايته لفترة ثالثة، في خطوة تدلّ على تصاعد حالة الرفض والاختناق الناجمة عن طموحات الغنوشي الذي عمّر طويلا في قيادتها، وهو ما يفتح الباب أمام تصعيد مرتقب داخل النهضة.
ويواجه الغنوشي انتقادات كبيرة داخل حزبه واتهامات باحتكار الحزب وتمويلاته والتفرّد بالرأي من قبل قيادات معارضة له باتت تشكل أغلبية بالحركة، وتدعوه إلى التنحي عن منصبه واحترام النظام الداخلي للحزب.
وبدأت تحركات الإطاحة بالغنوشي داخل النهضة منذ شهر مايو الماضي، عندما طالبت مجموعةٌ من قيادات الصف الأول للحركة أطلقت على نفسها مجموعة “الوحدة والتجديد” بضمان التداول القيادي في الحركة، بما يسمح بتجديد نخبها وذلك وفق مقتضيات نظامها الأساسي والأعراف الديمقراطية وسلطة المؤسسات.
ضمّت المجموعة آنذاك، كلا من رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني، ومسؤول مكتب العلاقات الخارجية رفيق عبد السلام (صهر الغنوشي)، ومسؤول المكتب السياسي نور الدين العرباوي، ومسؤول مكتب الانتخابات محسن النويشي، ونائب رئيس مجلس الشورى مختار اللموشي، ومسؤول مكتب المهجر فخر الدين شليق، ونائب رئيس مكتب العلاقات الخارجية سهيل الشابي، ومسؤول المكتب النقابي محمد القلوي، وآخرين.
وعلى إيقاع معركة خلافة الغنوشي، شهدت النهضة نزيف استقالات في الأشهر الماضية، احتجاجا على تسلّط الغنوشي واحتكاره للقرار وانفراده بالرأي، أبرزها استقالة الرجل الثاني للحركة ونائب رئيسها عبد الفتاح مورو، وقائدها التاريخي عبدالحميد الجلاصي وأمينها العام زياد العذاري، وقبله رياض الشعيبي وزبير الشهودي وحمادي الجبالي، فضلا عن استقالة قيادات شبابية، مثل زياد بومخلة وهشام العريض، وهي الاستقالات التي عكست حالة الانقسام والتشتت والتصدّع الذي تعيشه الحركة هذه الفترة، وسط توقعات باستمرار نزيف الاستقالات في صورة تمسك الغنوشي بالبقاء على رأس الحزب لفترة أخرى.
الأوبزرفر العربي